CRI Online

الحُلمُ الصيني في إرث حضاري متصل (5)

cri       (GMT+08:00) 2013-10-30 15:24:42
مروان سوداح *

مروان سوداح – بكين- في قضية الحُلم الصيني، هناك مُعضلات كُبرى تعمل الصين على تذليلها، وبرغم من أنها ليست مستعصية، لكنها تتوسل الانتظار لسنوات غير طويلة، لتجسير فجوات اجتماعية، ورثتها البلاد من الماضي البعيد والزمن القريب.

في هذه القضايا، توفير الخدمات الروحية للمواطنين بأجمعهم، وفي أقدار متساوية، والعمل على رفع مستوياتهم الثقافية والاجتماعية الاقتصادية، بما ينسجم وروح العصر، وتوفير الراحة للمواطن، ليضحى قادراً أكثر على الإبداع واجتراح معجزات غير مسبوقة، في سياق عملية الانتقال السريع من مجتمع الى آخر يكون أكثر رغادة في الصين، لا يتوافر للآن عنوان مُحّددٌ له.

تطوير القضية الروحية وتجسير الهوّة الاجتماعية الاقتصادية بين الصينيين، وجعل حياتهم أكثر سهولة ويُسراً، بخاصة في ضرورة التمتع بخيرات المُنتَج الاجتماعي، هي الهدف الأكثر أهمية الآن في الصين المعاصرة. فقيادة الدولة الصينية تُدرك ان استقرار حياة الصينيين، وجعلهم بمجملهم يتمتعون بفيضان المنتَج الصيني، قد يَعني تراجعاً في المستوى الروحي للعديدين منهم، وابتعاداً عن الإرث الثقافي والحضاري الهائل الذي تكدّس في الصين خلال الألفيات الكثيرة من عِمر الأمة، لذا تَمثُلُ أمام البلاد حالياً قضية الحفاظ على الإرث أولاً، وتعميمه في المجتمع ثانياً، ونشره في رياح العالم ثالثاً، وتمكينه في المجتمعات البشرية رابعاً، ليكن في حالة حياة متصلة مع الواقع الصيني والعالمي، سيّما وأن الصين تحتاج الى نشر حضارتها وحرف هذه الحضارة في الأرض، لمنع اندثار الثقافة والعلوم الصينية التي تعتبر الأضخم والآكثر إنسانية، وقد سبقت اوروبا في الماضي والحاضر، وكانت مقصداً للبشر الحالمين بحياة رغيدة ومساواة فعلية، لم تكن متوافرة لا في اوروبا ولا في أي مكان آخر عدا الصين، التي كان أباطرتها يُقِيمون سُبلاُ متجددة للتواصل مع الآخر، في حين كان شمال "المتوسط" غارقاً حتى أذنيه في الدماء والإقطاعية والعبودية وإفقار الناس روحياً ومادياً، واستعمار شعوب الضفة الآخر من هذا البحر واسترقاقها، في محاولة لتكبيلها أبدياُ.

في محاضرة له في نهاية مايو آيار الماضي كان ألقاها في جامعة صنعاء، قال السفير الصيني تشانغ هوا، ان الصين تعتبر أكبر دولة في العالم من حيث الصناعة والتصدير، وثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، وتجاوز أجمالي الناتج المحلي للدولة الصينية 8 بلايين دولار أمريكي في العام 2012؛ وخلال العقود الثلاثة الماضية، تجاوز متوسط سرعة النمو الاقتصادي الصيني الفعلي 8 بالمئة، وحقق احتياطي النقد الأجنبي في البلاد 3 بلايين دولار أمريكي، وبذلك احتل المرتبة الأولى في العالم، ويحتل أجمالي التجارة الخارجية الصينية المرتبة الأولى في العالم أيضاً. وللتدليل على أهمية الحُلم الصيني ومقارنة الحياة السابقة بالحالية، يستطرد السفير تشانغ هوا، أنه هو شخصياً مندهش لتطور بلاده بهذه السرعة الفائقة حين لم يكون الشعب الصيني يعرف حتى قوارير المياه المُعبئة مصنعياً، ويُشير الى ان حياة شعبه تحسّنت بشكل كبير منذ عصر الإصلاح والإنفتاح، وتجاوز متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 6 آلاف دولار أمريكي، وتتوسع الطبقة الوسطى في الصين باستمرار، ويمتلك كل فرد شقة خاصة به في مدينة كبيرة، وفي العاصمة بكين التي تعداد سكانها 20 مليون نسمة يبلغ عدد السيارات فيها أكثر من 6 ملايين، وتتمتع منتجات الصناعة الخفيفة بعلامة "صنع في الصين" بالجودة الممتازة والسعر الرخيص، وتباع لكل العالم الخ، وعلى الرغم من ذلك لا تزال الصين اليوم أكبر دولة نامية، وفيها 128 مليون شخص لايزالوا يعيشون تحت خط الفقر.

لكن للصين والصينيين حُلمهم الخاص، لأنه حُلم الوطن والأمة، وهو ليس صَعب المَنال، بل هو واقعي ومُنَال، ويتمثل في حياة كل فرد صيني، وقد عَبَّر الرئيس شي جينبينغ رئيس الدولة عن ذلك بقوله ، ان الشعب الصيني يُحب الحياة، لذا نراه يتطلع إلى التعليم الأفضل واجتراح أعمال تضفي الاستقرار والدخل الأكثر للوصول الى ضمانات اجتماعية وثيقة، وخدمات رعاية صحية على مستوى أعلى، وظروف سكن أكثر راحة، وبيئة أجمل، ويتمنى أن يَكبر أطفاله ويعملون وينالون الثقافة ويحافظون على الحضارة وأرثها، وبذلك سيكون هذا الحُلم حياة واقعية لشعب صيني ينجح بجهود جميع المواطنين والتزامهم بفكرة رائدة هي حُلمهم.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي