CRI Online

الحُلمُ الِصيني.. مِن دَولة الفقراء إلى دولة العلماء (6)

cri       (GMT+08:00) 2013-10-30 15:38:33
مروان سوداح *

مروان سوداح – بكين- دولة الفقراء أضحت دولة للعلماء . بهذا الوصف يمكن اختصار تاريخ الصين الحديث، منذ تحرِّرها من الطغيان البريطاني والعسكرتاريا اليابانية والهيمنة البرتغالية، وتصليب قدراتها الروحية والعسكرية والاقتصادية، لتكن ناجحة في لجم المُخطّط الهيمني الأمريكي المتربص بها والساعي لتحقيِق آمال واشنطن وطموحاتها غير المشروعة على حساب أرض الصين وناسها.

في إفتتاح الدورة الخاصة بالأحزاب العربية وصحفييها، التي تنظِّمها هنا في بكين، قيادة الحزب الشيوعي الصيني، يتم ألقاء الأضواء الكاشفة على عددٍ من القضايا الصينية، التي تتحدث عن تاريخ الدولة والحزب، منذ تأسيسهما، ومقارنة أوضاعهما في البدء، والآن بعد أن تصلّب عود الدولة الصينية في معارك سلمية اجتماعية واقتصادية، وأخرى تحررية من رِبقة الماضوية وإرث الرجعية الفكرية والعقلية، والنجاح بوضع سكة عمل لإرساء مجتمع يعمل الكل من أجل نهوضه ورخائه المأمول. وفي الفكرة ووضع البرامج، فإن المهم هو نيل التقدم وطرح الأفكار الجاهزة جانباً، فلدى الصين الجديدة لا يوجد مقدسات في النصوص الفكرية، وهي ترى بأنها أفكار متغيّرة بتغيّر المجتمع الى أفضل، وبأن نجاحها يتأكد على أرض الواقع المُعَاش بتلبية متطلبات الانسان، دون تغوّل من أحد على أحد، وبدون أن يسود البعض على البعض. وفي النظام السياسي الاجتماعي الاقتصادي القادر على الحياة والأكثر وواقعية عدالة، هو ذاك الذي قال عنه دنغ شيا بنغ، منظّر حركة الاصلاح والانفتاح الصيني: "لا يَهمنا أن يكون القط أسود أو أبيض اللون، ولكن الأهم أن يكون القط قادراً على صيد الفأر". فالنظام الإجتماعي السياسي الجدير بالبقاء هو ذاك النظام الذي يمكنه تلبية طموحات الشعب ورغباته في حياة أفضل ورغادة أشمل، وهو الهدف الذي ترنو إليه البشرية وبسطاء الناس وسوادهم.

في الصين لا يوجد فوضى سياسية كما في العديد من المجتمعات الأخرى. والمجتمع الصيني بقومياته ومذاهبه الدينية وإثنياته، موحّد الأفكار والرؤى. والحزب القائم في السلطة تمكّن منذ عشريات عديدة، بعد تأسيسه في العام 1921 بخمسين شخصاً ووصل عديد أعضائه حالياً الى ثمانين مليوناً، مِن توحيد جهود الجماعة الصينية وتوجيهها الى هدفٍ محدّد وسامٍ، هو الوصول الى رغادة حياة، وحُلم واقعي ببناء دولة القانون والمؤسسات والنظام، والعمل على توفير حريات شخصية واجتماعية طبيعية، وغير مشوَّهة، ولا يربطها رابط مع الديمقراطيات الكرنفالية، والشخصنة "والهمبكة" السياسية، التي تطبع حِراكات السياسيين الأمريكان والغربيين عموماً، وتفيض بعنجهية على الآخر البشري.

وفي الحُلم الصيني الذي تحقق "بالقبض على الفأر"، تحوّلت دولة الصين من دولة للفقراء والمسحوقين والمستعمَرين "بفتح الميم الثانية"، الى دولة للعلماء والمكتشفين، والى نظام لا مجال فيه للسفسطة والاستعراضية الكلامية، ولا الى الجدل البيزنطي العقيم الذي سئمه التاريخ ولفظته الأجيال، المؤدي الى تضارب الناس وتصارعهم على اللاشيء، وإهدار الوقت وتعطيل العقول وتخريب الأعمال.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي