CRI Online

الحُلمُ الِصيني وخصوصية الألوان الصينية(9)

cri       (GMT+08:00) 2013-10-30 15:43:06

مروان سوداح

مروان سوداح – تشنتشو*-في الحُلم الصيني خصائص صينية، وليست أجنبية، وكأن الصين تريد القول، أنها تملأ الفضاء الأرضي بلونها، فقد صار هذا اللون منتشراً في أقاصي المعمورة، وقريباً قد يرفرف على وجه القمر. وفي هذا الحُلم طريق إشتراكي علمي وليس طوباوياً، ملموساً وليس هلامياً ولا خيالياً، وهو سبيل الى اكتشافات اجتماعية اقتصادية لم يَسبق لها مثيل في التاريخ البشري، لأن غالبية المجتمعات السابقة كانت أنتجت في فرن القهر الطبقي والقمع الاجتماعي والفاقة الإقتصادية والتسلط السياسي. لكن في الصين المعاصرة، السيدة المزدهرة، ترى القيادة وعلى رأسها الرفيق العظيم "شي جينبينغ"، أن المطلوب صينياً اليوم، هو التجاوب مع متطلبات العصر، أي الخصائص الصينية المُستمسكة بالحزب والاشتراكية المتقدمة، وذات المنحى الإنساني والديمقراطي والمتلاقية مع متطلبات الإنسان.

في السبيل النظري والعملي الصيني الجديد، مِيزة نظرية، تستند الى عملية التطور الواقعي لقوى الإنتاج، مِن جهة، وتقدّم الوعي السياسي والاجتماعي للجماهير صانعة الخيرات المادية بقواها العضلية والعقلية، من جهة أخرى. وفي تطور يتمسك حتى اللحظة بالنظريات العلمية للماركسية واللينينية والماوية المُبَاشِرة، لم ينحرف السبيل بًعدُ عن هذه النظريات والسُبل الواقعية للنمو الرأسمالي والاشتراكي المتداخل، وهو يَعتبر الإنحراف جريمة حقيقية، لكن لا يُعاقَب عليها مَن ليس لديه مسؤولية إدارية وقرار جمعي على الآخرين. لكن وللحقيقة، فإن الدولة الصينية ديمقراطية بمفهوم جديد غير كرنفالي أمريكي، ولا إحتفائي بالشخصيات البرلمانية والدولتية على الأنماط الغرب أوروبية والاسرائيلية.

في التقدّم الصيني المُذهل حُلم للإبداع المُذهل: قام الشيوعيون الصينيون بتلخيص النظريات التاريخية ومحاولة سلوك الإبداع فيها، مع التمسّك بالحزب والمركزية والتقاليد الموروثة في الحكم، وهذا ليس مثلبة ولا خطيئة، فكل نظام يتطور وفقاً لقوانينه الذاتية وإبداعاته على اختلافها في المراحل التاريخية، وفي الصين لا يَحرقون المراحل.. وبناء مجتمع رغيد الحياة يُعد اليوم إستنباطاً من النظريات الاشتراكية التي توصّلت البشرية إليها، لكنها في الصين تُنتَج بألوان صينية، وبمرافقة الصداقة مع جميع الدول والامم على أساس مبادئ خمسة منها على سبيل المِثال، العمل على تغيير النظام الاقتصادي الدولي ليكن أكثر إنصافاً، وفي هذا ملخص العمل الإقتصادي السياسي على الصعيد الدولي المترابط مع الصعيد الصيني، ترابطاً بنيوياً وطبيعياً، ومتشابكاً ومتماهياً، ويَفيض بالمعاني السياسية الداخلية في صلب مصالح الناس، معظم ناس العالم..

في المحاضرات التي استمعنا اليها هنا، مع الحزبيين العرب، ان الصين بدأت منذ العام 1956 تستكشف الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وصارت تقيم منظومة اجتماعية واقتصادية شاملة، فانطلقت الدولة الى تصنيع القنبلة النووية والقمر الصناعي بجهودها الذاتية، وترافق ذلك وإقامة علاقات صداقة بين الصين ودول أخرى كثيرة. في دروس الصين الكثير من النجاحات، وهناك فشل ايضاً، هذا برأي المحاضر الصيني الذي كان صريحاً الى أبعد الحدود، بل ربما انتقده البعض في لتواضعه الجم وحديثه بتواضع عن الصين العظيمة، فقد اعترف المحاضر "لدينا دروس فاشلة عميقة.. لم يكن لدينا أدراكاً واضحاً لماهية الاشتراكية وكيفية بنائها، كنا نتخذ نموذج الاتحاد السوفييتي كمقايس، واستهنَّا بالخصائص الذاتية والقومية للبلاد، فأقمنا النظام الذي تجاوز القوى الذاتية، ويعود السبب في ذلك، الى أننا رغبنا في إقامة إنتاجية تتجاوز قدراتنا".

وفي الصين لا يسدلون الستار على الفساد ومحاربته. وهنا يرون بأن هذا الفساد هو الآفة الكبرى التي تتهدد الدولة ووجودها حال استفحاله. يقول المحاضر بقوة: الفساد شديد جداً ومكافحته التامة صعبة، وبدون التنمية الاقتصادية العلمية تصبح كل الأقوال والتمنيات فاشلة وبلا وزن، كذلك الأمر في عملية بناء العلوم والحضارة والأيقولوجيا المتناسقة والمستدامة، فبدون دفع عجلة الإصلاح والانفتاح وتحرير القوى الاجتماعية الاقتصادية وتعديل عجلة الإنتاج لا يمكن نيل المُنى في هذه الحقول، المستندة الى النهج الصيني بمقوماته المختلفة التي تختلف عن التجربة السوفييتية، وبرغم ذلك نقول: "نثق بالاشتراكية.. الاشتراكية الصينية التي هي مرحلة وسطى، تمكّننا الدمج بين الاشتراكية واقتصاد السوق في ممارساتنا على أساس الإندغام في وضع بلادنا في "مرحلة الأولوية"؛ المترافقة مع اهتمامات الحزب لمكافحة الفساد في الصين، وهو عملية واقعية في الصين ترى فيه الامم المتحدة عملاً حقيقياً ترتفع خلاله مؤشرات النزاهة، ويتم محاكمة مسؤولين حزبيين كبار، من خلال السلطة القضائية المستقلة، التي عاقبت للتو عضواً سابقاً فاسداً استغل سلطويته، والى جانبه ثلاثة من الفاسدين من أعضاء المكتب السياسي، إضافة لمئة وزير.. فقط!. الصين تعيش في "مرحلة تغيير"، في دولة تتبع سياسات وقوانين لمكافحة الفساد، برغم من أن هذه السيرورة "لم تتحول للآن الى منظومة متكاملة.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي