CRI Online

الحُلم الصيني والدورة الثالثة الكاملة

cri       (GMT+08:00) 2013-11-15 09:32:13

مروان سوداح*

بصدور هذه المقالة، تكون الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية للمؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، قد اجتمعت لليوم الثالث على التوالي، وتنفض يوم غد، الثلاثاء، الثاني عشر من نوفمبر، لنكن بالتالي على موعد مع نجاحات جديدة، في مختلف مجالات الحياة الصينية، تؤسس الى انطلاقة أخرى، رئيسية، تلجُ الى فضاءات التنمية والتطور الاقتصاديين الحاسمين بالذات، وفي علاقات الصين مع العالم، وتنمية السلام على مستوى آسيوي وعالمي بهدف خلق أجواء مواتية ومساعِدة لتنمية الصين بشمولية كاملة، واستعداداً لنهوض صيني جبار لشغلِ مَكانة الدولة الأولى في العالم، في عددٍ من الحقول الأهم والأكثر حَسماً على صَعيد الكون الواسع الشاسع.

قد يتساءل سائل، وما هي أهمية هذا الاجتماع "الكامل" للقيادة الحزبية الصينية؟. للإجابة على هذا التساؤل المشروع، لا بد من التأكيد على حقيقة مهمة، هي أنه تناط بهذه الاجتماعات مهمة التطوير الحاسم للدولة والمجتمع، وفتح مجالات جديدة في هذا المجال، فهي تعمل على نقل الصين من مرحلة كبيرة الى مرحلة أكبر في العملية الإقتصادية والاجتماعية عموماً، بقوى وعقول صينية، وإقرار رؤى علمية تحديداً حِيال هذه "المهمة" التي تَعنى الشعب بأسره، لكونها تصيبه بنتائجها بشكل مباشر ويومي، لذا ترى ان الصينيين ينشغلون بمتابعة هذا الحدث الاجتماع والتعليق عليه، أو إبداء آرائهم في ملفاته الكثيرة، برغم أنهم كانوا في وقت سابق قد أعدوا مطولاً العدّة "كاملة" لخوض غماره، وشاركوا في قراراته وتوصياته وعبدوا سُبله التي أفضت الى هذا الاجتماع الكامل.

وللتسهيل على القراء أقول، ان عملية التحوّل الى حركة الاصلاح والانفتاح الصيني الشهيرة في العام 1978، كانت بدأت بالذات من اجتماع كامل كالاجتماع الحالي للقيادة الحزبية العتيدة. وفي السنوات اللاحقة كذلك، كانت عُقدت اجتماعات متلاحقة مشابهة، أفضت خمساً منها الى عمليات شاملة لفّت المجتمع الصيني بلفائفها، وأوصلته الى عملية تحوّل لم يسبق لها مثيل. ففي الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ12، اتخذ بالاجماع قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بشأن "إصلاح النظام الاقتصادي"، فأوصل القرار إلى "إنهاء حالة التناقض بين الاقتصادين التخطيطي والسوقي"، أي بين المنهج الاشتراكي لعملية الانتاج والتسويق، والمنهج الرأسمالي داخل الصين، المسمى عالمياً بإقتصاد السوق، فكان اتخاذ قرار من اللجنة المركزية للحزب قد أسس لـ"نظام اقتصاد السوق الاشتراكي"، فصارت الصين بهذا القرار مأمونة لجهة الحفاظ على النمط الاشتراكي في المُلكية والانتاج، فانتهى الجدل الحاد في المجتمع الصيني حول طبيعة السوق، ودفع الى إصلاح في نظام الاقتصاد الصيني، ودشّن إلى مرحلة "نمو كامل". وفي عام 2006، اتخذت الدورة الكاملة الـ3 للجنة المركزية الـ16 قرارات عديدة منها، قضايا تحسين نظام اقتصاد السوق الاشتراكي. وكما نرى فإن الاجتماعات الكاملة للجنة المركزية للمؤتمرات الحزبية المتلاحقة، تهدف الى صيانة التوجه الاشتراكي في الحياة الانتاجية والمُلكية، وتثبيت التوجهات الاشتراكية التي ترى الصين أن لها المستقبل، الذي لا يمكن ان يكون للاقتصاد الرأسمالي المتصارع مع الآخر في صورة تدمير وتصفية.

وإذا كانت الدورات الكاملة المختلفة السابقة، عملية تعمل على حسم تحوّل ما، ولإقرار قرارات للتنمية الحاسمة، فإن الدورة الثالثة الحالية للجنة المركزية الـ18، ستعمل على تعميق الإصلاحات بشكل كامل وستتخذ إجراءات حاسمة في هذا الشأن، وفقاً للأمين العام الرئيس "شي جينبينغ"، وهو أمر يتفق وإياه كل المندوبين للدورة، ويُضيفون بأنها ستغدو إصلاحات "غير مسبوقة في نطاقها وقوتها"، لكنها ستحافظ على زخم الاصلاحات التاريخية التي بدأت بعملية المُصلح الكبير والتاريخي دنغ شياو بنغ، والعمل على تعميق الاصلاحات المستمرة منذ عشريات ثلاثة، لضمان ريادة الصين دولياً. فإذا كانت عملية الاصلاح ودورة الاصلاح قبل ثلاثة عقود قد انتزعت الصين من عُنق الزجاجة، وطارت بها الى الأعالي، فإن الدورة الحالية ستعمل على تثبيت الصين في تلك الأعالي، وعلى ان لا يَلحق بها أي كائن رأسمالي أو إمبريالي اقتصادي وعسكري، وهو أمر يتطلب إصلاحاُ شاملاً في عملية التخطيط وصياغة السياسات، يضع القادة الجُدد للصين "على المَحك" بتعاملهم مع الخيارات المصيرية للامة، وربما على أساسها، تحسين النظام الإداري ومنظومة الأحوال المدنية، وترقية الضمان الاجتماعي وتوزيع الدخل، وإصلاح القطاع العام والإصلاح المالي والبيئة الإيكولوجية، ومكافحة الفساد، وتأكيد الخيار الاشتراكي بألوان صينية والحُلم الصيني الذي يَشمل كل القضايا المطروحة على قاعدة الانطلاقة الحاسمة، لتغدو الصين نموذج دولي وحيد بنجاحه، يُحتذى به جانب الكل، وحتى من جانب الدول العربية وأحزابها السياسية التي يمكنها دراسة التجربة الصينية والاجتماعات الصينية الكاملة وقراراتها وانعكاساتها، أضف الى ذلك خشية أمريكا من أي تراجع للصين، لكونه سيؤثر عليها سلباً، وعلى الاقتصاد االعالمي بالتراجع في حال عدم تعزيز أساسات الاقتصاد الصيني وزخمه اللاحق.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي