CRI Online

الحُلم الصيني العالمي "الكامل"

cri       (GMT+08:00) 2013-11-15 09:32:59

مروان سوداح*

الاصلاح الصيني الذي نراه اليوم يتقدم في مسيرة حزبية ودولتية متوازية ومتساوقة، سيعمل للتأثير على المجريات السياسية والاقتصادية في العالم، ليجعل من هذا العالم دروباً آمنة لنفسه ومأمونة للصين، التي تختبر قِواه بحذر شديد منذ عدة سنوات، وتحاول العثور على أكثر السُبلِ سهولة للولوج إلى مختلف بقاعه، لتثبيت سياستها الدولية الراغبة في آمان للشعب الصيني الأكبر في العالم والأكثر عدداً و.. عدةً بين شعوبه.

الاجتماع الكامل الثالث للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني، المجتمعة في بيجين، توصّل الى جُملة من القرارات الخاصة بعملية الاصلاح والانفتاح، لتقويم مسيرة العملية التاريخية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية التي اختطتها الصين منذ ثلث قرن، ويمكننا ان نطلق على هذا الاجتماع وقراراته صفة "الحَسم"، كما وصفةِ التأني، ذلك أنه لم يستعجل القرارات ولم يَسلقها ولم يَحرق الزمن، بل ارتأى، في وقت سابق، تأجيل الانعقاد لزمن ولو قَصُرَ، ليتمم قراراته الصائبة في شأن عملية بالغة الأهمية والحَسم على مصير الصينيين وآسيا، يمكن ان ترخي بظلالها على العالم برمته.

تعميق الاصلاحات في الصين ليس مجرد شعار يُرجى ولا لمجرد قلم يُعصر، ولا مضغاً لفلسفة مكتبية، فقد صارت القرارات مصيرية في الصين، لذا نرى كيف يتطلع أهل الصين إليها بكل انتباه وبعيون مشدوهة، فهي تمس كيانهم ووجودهم الروحي قبل كيانهما المادي والاجتماعي، من خلال تصورات ثقافية وإنسانية متجددة للمجتمِعين والحزب، أضف إليها أسباب أُخرى منها، مشاريع القرارات التي تتبنى القضايا الرئيسية على شاكلة "تحويل" الوظائف الحكومية، و"الحضرنة"، والانفتاح في القطاع المالي، واصلاحات المنظومة المالية، والضرائب، وتنظيم الاسعار، والأهم إدخال المنافسة للقطاع الحكومي الإنتاجي، ضمن سياقات المسابقة "الحاسمة" مع القطاع الخاص، والعمل على ردم الهوة المتشكلة بين الاغنياء والفقراء، وسيادة شبكة الآمان الاجتماعي الأوسع في الشعب، وجعل قطاع البنوك أكثر مرونة، بخاصة في تعاملاته في قضايا التأمين على الودائع، وهي خطوة ستساعد بصورة حاسمة في دعم المنظومة المالية الصينية، في ظل التخفيف التدريجي لقيود رأس المال، وأتت هذه الخطوة مباشرة بعد انفتاح اقتصادي ومالي حاسم شهده العالم في شنغهاي، إذ أُشرعت أبواب هذه المدينة الصناعية الضخمة قبل ستة أسابيع، لتتكشف عن تشييد منطقة تجارة حرة جديدة، في خطوة وصفت عالمياً وصينياً بأنها أجرأ منظمة إصلاح منذ عقود في الصين، بتفاصيلها الجديدة الناضحة بخطط طموحة، تستهدف تحرير قواعد التمويل والاستثمار والتجارة في المنطقة الصينية والآسيوية، لتمكِّن تحفيز القوى الانتاجية للشعب الصيني وتدفعه الى انطلاقة جبارة بحق، تفضي الى تأثير لا حدود له على الاقتصادات الرأسمالية العالمية سيّما للدول الكبرى.

القرارات المأمولة في الاجتماع الكامل، ستفضي لقيادة الدولة الصينية الى تجنّب الوقوع في أفخاخ الدخول المتوسطة، فالتحوّل إلى نموذج ناضح للنمو، يقود الى الاعتماد على الأسواق المحلية وتوفير الانتاج للمواطن الصيني بالدرجة الاولى، في إطار تحسين قدراته الشرائية، ولعب دور حاسم في الاقتصاد العالمي والآسيوي، من خلال زيادة القدرات التصنيعية الصينية وتوفير الخامات والمواد الأولية لها، مما دفع، على سبيل المثال، بصحيفة "دي فيلت" الوطنية الألمانية للقول، أن العالم يُراقب عن كثب معدّل النمو الاقتصادي الصيني، وكاشفة عن أن النمو الاقتصادي الألماني صَارَ يَعتمد منذ فترة وقبل الاجتماع الثالث الكامل على نظيره الصيني "بشكل غير مسبوق"!، مما يؤكد رأينا بأن قرارات الإجتماع الراهن الكامل للقيادة الصينية ستحوز على ثقة الشعب الصيني والعالم، لأنه سيضع الدولة على سكة الطريق الصحيح والعادل، وسيعود أيضاً بالنفع العميم على مختلف الدول والشعوب.

*رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين.

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي