CRI Online

الآفاق المستقبلية للتعاون الصيني المغربي في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون

cri       (GMT+08:00) 2016-12-09 14:24:07

 أقيمت يوم الخميس (8 ديسمبر) الندوة الأكادیمیة الدولیة الثانیة "على طرفي طریق الحریر: الصین والمغرب" — بناء آلية التبادل الثقافي بين الصين والمغرب في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية. حيث ألقى نائب رئيس التحرير لإذاعة الصین الدولية CRI، أستاذ زائر بجامعة شنغهاي للدارسات الدولية الأستاذ ما ويقونغ كلمة بعنوان "الآفاق المستقبلية للتعاون الصيني المغربي في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون". فيما يلي النص الكامل للكلمة:

أيها السيدات والسادة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرني غاية السرور أن أحضر هذا المؤتمر، الذي تتمحور أعماله حول تطوير العلاقات بين الصين والمغرب.

بدايةً أعتقد أن هناك توافقاً في الرؤى يؤكد أن التبادلات الإنسانية هي أساسٌ ودليلٌ على قوة العلاقات الثنائية، وتعد التبادلات في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون جزءً مهماً لا غنى عنه.

في الأربعينات من القرن الماضي، حظي فيلم (( كازابلانكا )) الذي أنتجته شركة "وارنر بروس" الأمريكية بإقبال كثيف من قبل الجمهور، وحصد ثلاث جوائز أوسكار، وهو لم يحقق نجاحاً كبيراً على الصعيد الفني فحسب، بل ساهم في تعريف العالم بمدينة كازابلانكا - المغربية الجميلة.

وبعد أربعين سنة، تأثر المطرب الأمريكي "بيرتي هيغينز" بهذا الفيلم، وأبدع أغنية (( كازابلانكا))، التي لقيت إقبالاً واسعاً في كل أنحاء العالم، لتصبح كازابلانكا " مدينة الحب " في قلوب الناس.

وفي عام ألف وتسعمائة واثنين وتسعين، وصل رجل صيني إلى كازابلانكا، وتوجه بالقطار إلى الرباط على ساحل المحيط الأطلسي، ومع أنه لم يجد نفس المشاهد الموجودة في فيلم (( كازابلانكا ))، فإنه وقع في غرام الثقافة العربية الإسلامية المتميزة في المغرب، كان هذا الرجل الصيني هو أنا.

وقبل قيام الرئيس الصيني الراحل "يانغ شانغ كون" بزيارة رسمية للمغرب، تنقلتُ بصفتي مراسلاً لإذاعة الصين الدولية بين كازابلانكا والرباط وفاس، لإعداد بعض التقارير الإذاعية مثل (( كازابلانكا: النار على ساحل البحر والشباب المغاربة ))، و(( السوق العربية في الرباط ))، و(( الفنون المعمارية في مدينة فاس القديمة ))، من أجل تعريف المستمعين الصينيين بالمملكة المغربية الجميلة.

إن الأعمال الإذاعية والسينمائية والتلفزيونية تمتاز بجاذبية كبيرة، وتعتبر وسيلة مهمة لتعزيز التعارف والتبادل بين مختلف الدول والشعوب، ومع التطور والتقدم المستمرين للعلوم والتكنولوجيا، اضطلعت وسائل الإعلام الجديدة (الإنترنت) بمسئولية كبيرة في مجال نشر المعلومات، إلا أن خطوات تطوير قطاع الإذاعة والسينما والتليفزيون لم تتوقف، فهو يسعى إلى دمج النمط التقليدي مع الإعلام الجديد لخلق نمط جديد بنسبة مائة في المائة، وبفضل هذه المتغيرات، أتيحت فرص جديدة لتفعيل التبادلات والتعاون بين العاملين في هذا المجال من البلدين.

وإذا كانت الصين والمملكة المغربية بعيدتين جغرافياً ومختلفتين لغوياً وثقافياً، فإن التبادلات الودية بين الشعبين تعد أساساً قوياً لتطوير العلاقات الثنائية، وتلعب وسائل الإعلام دوراً جوهرياً في تعزيز التعارف والتفاهم بين الشعبين.

ولا شك في أن التعاون والتبادل بين رجال قطاع الإذاعة والسينما والتليفزيون من الصين والمغرب لهما آفاق مرموقة، وقد شهد التعاون بين البلدين في هذا المجال تطوراً متواصلاً.

أولاً، تمثل العلاقات الودية بين البلدين أساساً متيناً لتفعيل التعاون في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون، وقد حافظت الصين والمغرب دوماً على العلاقات الثنائية الودية، ففي شهر مايو من عام ألفين وستة عشر، قام العاهل المغربي الملك محمد السادس بزيارة رسمية للصين، حيث وقع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ على " البيان المشترك بشأن إقامة علاقة الشراكة الإستراتيجية بين البلدين"، الذي صاغ خطة جديدة لتطوير العلاقات الثنائية في المستقبل، الأمر الذي يشير إلى دخول هذه العلاقات مرحلة تنموية جديدة.

وكان البيان المشترك يتناول عدة مجالات، ومن بينها تعميق التبادلات والتعاون بين الصين والمغرب في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون، فيمكن القول إذاً إن العلاقات الطيبة بين البلدين توفر أساساً ممتازاً وضماناً مهماً لتفعيل التعاون في هذا المجال.

ثانياً، يشكل منتدى التعاون الصيني الإفريقي ومنتدى التعاون الصيني العربي منصة فعالة للتعاون بين الصين والمغرب في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون، ومنذ تأسيسهما، لعبا دوراً إيجابياً في دفع التبادلات والتعاون الودي بين الصين والدول الافريقية والعربية، خاصة في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون، وظل المغرب بصفته دولة إفريقية وعربية يشارك بفعالية في أعمال المنتديين، حيث شهدت التبادلات والتعاون بين البلدين في ميدان الإذاعة والسينما والتليفزيون تطوراً مستمراً في إطارهما.

ومنذ عام ألفين وثلاثة عشر، بدأ " مشروع جسر التليفزيون والسينما على طريق الحرير" و"مشروع التعاون السيمائي والتلفزيوني بين الصين والدول الإفريقية" تباعاً، برعاية مصلحة الدولة الصينية للصحافة والنشر والإذاعة والسينما والتليفزيون، حيث تمت ترجمة ودبلجة عدد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية الصينية المختارة إلى سبع لغات أجنبية، بما فيها 10 مسلسلات تليفزيونية و52 فليماً، إضافة إلى 5 أفلام كرتونية و4 أفلام وثائقية.

وفي الوقت نفسه، وقع الجانب الصيني مع 46 وسيلة إعلام كبرى في 36 دولة إفريقية على 62 اتفاقية تعاون، من بينها 43 اتفاقية مع 28 دولة بدأ تنفيذها، وتم بث البرامج والأفلام المدبلجة.

وبفضل ذلك، ظهرت فئة من المشاهدين الأفارقة الذين يحبون البرامج السينمائية والتليفزيونية الصينية، وتشير الإحصاءات المعنية إلى أن هناك 30 وسيلة إعلام رائدة في الدول الإفريقية بثت الأعمال السينمائية والتليفزيونية الصينية حتى الآن، وقد شاهدها حوالي 600 مليون إفريقي.

ثالثاً، أمام التعاون الصيني المغربي في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون آفاق واعدة، في مجال التبادلات الثقافية والإنسانية، حيث يمتاز هذا التعاون بإمكانات كبيرة، ففي شهر مايو من عام ألفين وخمسة عشر، قام رئيس مصلحة الدولة الصينية للصحافة والنشر والإذاعة والسينما والتليفزيون "تساي فو تشاو"، بزيارة رسمية للمغرب، وقع خلالها الجانبان على اتفاقية للتعاون السينمائي والتليفزيوني، كما شاركا في إقامة فعاليات " يوم الفيلم الصيني ".

وحسب هذه الاتفاقية، يمنح الجانب الصيني مجاناً الشركة الوطنية المغربية للإذاعة والتلفزة حق بث الأعمال السينمائية والتليفزيونية التي يقدمها إلى الشركة، وتشمل المسلسلات التليفزيونية والأفلام الكرتونية والوثائقية، ويقوم الجانب المغربي ببث الأعمال السينمائية والتليفزيونية الصينية ثلاث مرات في العام عبر القنوات التليفزيونية، الأمر الذي يعد ثمرة جديدة للتعاون الصيني المغربي في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون.

وخلال السنوات الأخيرة، بذلت وسائل الإعلام الصينية أقصى جهودها في دفع التبادلات والتعاون بين الصين والدول الإفريقية والعربية في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون، وحققت العديد من الإنجازات المشجعة.

على سبيل المثال، استمرت إذاعة الصين الدولية، التي عملت فيها مدة طويلة، في توسيع مجالات وأساليب التعاون الخارجي باستغلال تفوقها في التنوع اللغوي (أكثر من 60 لغة أجنبية).

ويشكل القسم العربي بالإذاعة القوة الرئيسية في ترجمة ودبلجة الأعمال السينمائية والتليفزيونية الصينية الممتازة، حيث نجح بالتعاون مع وسائل الإعلام وشركات الإنتاج الفني المحلية في مصر وغيرها من الدول العربية في ترجمة ودبلجة عدد كبير من المسلسلات، من أبرزها: (( حياة سعيدة ))، و(( دودو ))، و(( رومانسية الشعر الأبيض ))، وحظيت هذه الأعمال لدى بثها في وسائل الإعلام المحلية بإقبال واسع من المشاهدين.

وفضلا عن إعداد وبث البرامج الإذاعية قد أصبحت ترجمة ودبلجة الأعمال السينمائية والتليفزيونية من أنماط التعاون الجديدة بين إذاعة الصين الدولية ووسائل الإعلام الأجنبية، كما تعد محاولة ممتازة تساهم في تراكم الخبرات واكتشاف الطرق الجديدة للتعاون الإذاعي والسينمائي والتليفزيوني بين الصين والمغرب.

ومع تطور العلاقات الصينية المغربية، ازدادت رغبة الشعبين في التعارف، خاصة بعد طرح الصين مبادرة " الحزام والطريق " في عام ألفين وثلاثة عشر، وقد شهد التعاون بين الصين والدول الواقعة على طول " الحزام والطريق "، بما فيها الدول العربية، تعمقاً متواصلاً في مختلف المجالات.

وفي ظل هذا الوضع، لم يكن التبادل والتعاون بين الصين والمغرب في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون ضروريا فقط، بل مهم أيضا.

وبينما يعمل البلدان في الوقت الراهن على تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة بشكل إيجابي وفعال، فإن التبادلات في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون، والتي تعتبر جزءً مهماً من التبادلات الثقافية والإنسانية ضعيفة نسبياً، وتعزيز التعاون بين البلدين في هذا المجال لا يمكن تحقيقه إلا بجهود مشتركة من الجانبين.

وفي هذا الصدد، يوفر نمط التعاون الجديد الذي بدأت الصين تنفيذه مع بعض الدول الإفريقية والعربية في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون خبرات مهمة، لتفعيل التعاون بين الصين والمغرب.

لقد تم إدراج التعاون بين البلدين في مجال الإذاعة والسينما والتليفزيون في (( البيان المشترك )) الذي وقعه فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ وجلالة الملك محمد السادس، الأمر الذي يعتبر أساساً مهما لتعزيز التعاون بين الجانبين.

ويسرني كثيراً أن التعاون الصيني المغربي في هذا المجال قد حقق إنجازات إيجابية، لذا يمكننا أن نثق بآفاقه الواسعة ومستقبله المشرق، وكل ذلك بفضل الجهود المشتركة المبذولة من قبل الإدارات الحكومية المعنية ورجال الإعلام والفنانين الصينيين والمغاربة.

نائب رئيس التحرير السابق لإذاعة الصين الدولية " ما وي قونغ"

8 /12/ 2016

أخبار متعلقة
تعليقات
تعلم اللغة الصينية
حول القسم العربي