中国国际广播电台
في اللغة الصينية ،ان وصف شيء
تافه لا يستحق الذكر اوالتعبير
عن ضآلة جزء ما بالنسبة
الىالكل،يقال دائما انها " شعرة
من تسع بقرات " تشبيها لشي تافه
أو قليل بشعرة من أجسام تسع
بقرات.ان بروز هذا المثل له
علاقة مع المؤرخ الصيني المشهور
سي ما تشيان .
ولد سي
ما تشيان في عائلة لبيروقراطي
صغير في عام 145 قبل الميلاد،
كان والده مؤرخا رسميا يعمل لدى
البلاط الملكي . وتأثر سي ما
تشيان بوالده منذ الصغر، وأعجب
بتاريخ الصين اعجابا شديدا،
وقرأ العديد من الكتب،ومنذ
بلوغه 29 من عمره .بدأ يتجول
في كل أنحاء البلاد حيث قام
ببحث ما ورد في السجلات
التاريخية من الشخصيات
والمعلومات الجغرافية و سير
الأحداث الأمر الذي أضاف اليه
معارف شتى . وأصبح حاشية
للامبراطور بعد عودته من
الأسفار .
ثم نشب
حروب بين أسرة هان الملكية وبين
قومية شيونغ نو احدى الأقليات
القومية الصينية القديمة بشمال
غربي البلاد حينذاك ، وأرسل
امبراطور أسرة هان الامبراطور
هان وو دي القائد العسكري الكبير
لي لينغ لقيادة قوات لمهاجمة
قومية شيونغ نو .
قاد لي
لينغ قوات مكونة من 5000 جندي الى
ميدان القتال . وفي البداية ،
تواردت الى الامبراطور باستمرار
أخبار عن هزيمة العدو . وهنأ
العديد من الوزراء الامبراطور
متملقين بحكمة قراره وحسن تعيينه
للقائد العسكري لي لينغ . ولكن ،
بعد مدة غير بعيدة ، حدث أن
اخترقت قوات لي لينغ وحدها أعماق
أراضي العدو متلهفة الى النصر حيث
طوقتها وحاصرتها عشرات الألاف من
جنود العدو ، واستمرت المعركة
لثمانية أيام متتالية ، وتكبد كلا
الجانبين خسائر جسيمة ، وانتهت
المعركة بهزيمة كاملة تقريبا
لقوات أسرة هان اضافة الى استسلام
قائد القوات لي لينغ للعدو.
غضب
الامبرادور هان وو دي غضبا شديدا
اثر تلقيه خبر الهزيمة ، وعاد
الوزراء بدورهم الذين سبق أن
أثننوا على حسن اختيارالامبراطور
لقائد القوات ووجهوا شتائم
واتهامات الى قائد القوات لي لينغ
، الا أن المؤرخ البلاطي سي ما
تشيان كان وحده الذي لم ينبس ببنت
شفة ،فاستفسره الامبراطورهان وو
دي عن رأيه في الأمر، فقال المؤرخ
سي ما تشيان بصراحة: " ان لي لينغ
لم يملك سوى 5000جندي من المشاة
ولكنهم تم تطويقهم من 80 ألف
عسكري خيال من العدو ،ومع ذلك لم
توقف قوات لي لينغ القتال ضد
العدو ،بل ثابرب على القتال لأيام
عديدة ثم بسبب استنفاد المؤن
والسهام وقطع طريق العودة انتهت
المعركة .وأضاف يقول ان قائد
القوات لي لينغ لم يكن مستسلما
حقا ، وانما كان يتحين فرصة لفداء
البلاد ، وأن مآثره تكفي للتعويض
عن ذنب هزيمته .
واستشاط
الامبراطور هان وو دي غضبا بعد
سماعه تبرير المؤرخ سي ما تشيان
لقائد القوات لي لينغ ، فألقى
المؤرخ سي ما تشيان في السجن . ثم
انتشرت شائعة كاذبة تقول ان لي
لينغ قام بتدريب جنود العدو مما
زاد الامبراطور غضبا ، فأمر بأن
تنزل أقسى عقوبة شائنة وهى عقوبة
الخصى بالمؤرخ سي ما تشيان الذي
دافع عن قائد القوات لي لينغ .
وبعد تعرضه لهذه القساوة و الألام
، راودت المؤرخ سي ما تشيان فكرة
الاقدام على الانتحار، ولكنه تخلى
عن هذه الفكرة مدركا أن وفاته هو
وأمثاله الأخرين ذوي المكانة
الاجتماعية المتواضعة في نظر
العديد من الناس لم تعد الا
بمثابة " شعرة من تسع بقرات " ،
الأمر الذي لن يحظى بأي تعاطف
منهم فحسب، بل سيثير سخرية منهم
أيضا ، فصمم المورخ على تحمل
الاهانة ، ثم ألف كتابا تاريخيا
عظيما خالدا بعنوان " في التاريخ
" .
أخبر
المؤرخ سي ما تشيان في رسالة الى
أصدقائه المخلصين بهذه الفكرة ،
ثم نقل الناس اللاحقون عبارة وردت
في الرسالة تقول : " سقطت شعرة من
تسع بقرات "، وحولوها الى مثل "
شعرة من تسع بقرات " .
وباحتمال العار والاهانة ،
و بعد عدة سنوات من الجهود ، انجز
المؤرخ سي ما تشيان أخيرا أعظم
كتاب خالد في تاريخ علوم التاريخ
و تاريخ الصين كله، وهو كتاب " في
التاريخ " .,
|