中国国际广播电台
عند حديثنا عن الثقافة
التقليدية الصينية، لا بد أن
نذكر شخصا هاما وهو كونفوشيوس.
وفي تسعينات القرن الماضي، وضع
عالم أمريكي اثناء تربيبه أهم
مائة شخصية مشهورة ذات تأثير
كبير على التاريخ البشري وضع
كونفوشيوس في المركز الخامس بعد
المسيح وساكياموني وشخصين
آخرين. أما بالنسبة للصينيين،
فإن كونفشيوس هو في المرتبة
الأولى، لأن كل شخص قد تأثر
بالكونفوشية بدرجات مختلفة.
وكونفوشيوس هو مؤسس الكونفوشية
الصنيية. ومنذ نحو ألفي سنة، لم
تتجسد الأفكار الكونفوشية في
المجالات السياسية والاجتماعية
والثقافية فحسب، بل في السلوك
والأساليب الفكرية لكل مواطن
صيني أيض مما أدى إلى أن يعتبر
بعض العلماء الأجانب أفكار
الكونفوشية أفكارا دينية في
الصين. ولكن في الحقيقة إن
الكونفوشية هي مجرد جانب من
المذاهب القديمة العديدة في
الصين وليست ديانة، بل تعتبر
أفكارا شرعية في المجتمع
الإقطاعي الذي استمر أكثر من
ألفي سنة واحتلت مكانة فريدة
لمدة طويلة. ولم تترك أفكار
كونفوشيوس تأثيرات عميقة وبعيدة
على الحضارة الصينية فحسب، بل
أثرت على بعض الدول الأسيوية
حتى يومنا هذا. وفي ظل انتشار
الجاليات الصينية وصينيي الأصل
في كل أنحاء العالم، يمكن
القول إن تأثيرات أفكار
كونفوشيوس لم تعد محصورة على
الصين وآسيا.
ولد كونفوشيوس
في عام 551 قبل الميلاد وتوفي في
عام 479 قبل الميلاد حيث كان أقدم
من العالم اليوناني المشهور
أريسطو بأكثر من مائة سنة. وتوفي
والده وهو في الثالثة من عمره.
وبعد ذلك، استوطن مع والدته في
مقاطعة شانغدونغ شرق الصين. واسم
كونفوشيوس "كونغ شيو" وسماه الناس
بكونفوشيوس للتعبير عن احترامهم
له.
وتزامنت
فترة كونفوشيوس مع عصر الربيع
والخريف في تاريخ الصين. وفي تلك
الفترة، كسر نظام الوحدة وتشكلت
العديد من الممالك الصغيرة بزعامة
الأمراء. وعاش كونفشيوس في مملكة
تسمى ب "لو"، التي كانت حينذاك
أكثر الممالك من حيث التقدم
النقافي.
لم يتول
كونفوشيوس أي منصب مسؤول كبير طول
حياته، ولكنه كان مثقفا عظيما
جدا. وكان تلقي التعليم يعتبر حقا
خاصا للنبلاء فقط في الزمن القديم
في الصين. ولكن كونفشيوس كسر هذه
القاعدة الخاصة بطريقته الخاصة
أيضا، حيث قبل الطلاب ودرس لهم،
وكان يمكن لأي شخص مهما كانت
طبقته أن يدرس في درسته ما دام
يدفع حتى ولو القليل كنفقات
الدراسة. وعلم كونفوشيوس تلاميذه
دعواته السياسية ومبادئه
الأخلاقية. ويحكى أن تلاميذه
وقتها بلغوا ثلاثة آلاف شخصبمن
فيهم العديد أصبحوا فيما بعد كبار
علماء مثله.
لماذا سيطرت
أفكار كونفوشيوس على العقول خلال
العصر الاقطاعي في الصين؟ خلاصة
القول إن أفكاره الطبقية الصارمة
وأفكاره حول الإصلاح السياسي كانت
تتطابق مع مصالح الطبقة الحاكمة
وتدفع استقرار المجتمع وتطوره.
حيث أكد كونفوشيوس على ضرورة
الالتزام بالمعايير الأخلاقية
والنظام العام الصارم وكان من
رؤاه أنه اذا خالف تابع إرادة
مسؤوله أو خالف إبن والده، فإن
ذلك يعتبر ذنبا خطيرا. وحسب
نظريته، يجب على الملك إدارة
الدولة بشكل جيد ويجب على عامة
الشعب الولاء والخلاص لملكهم،
ولكل شخص ظروف خاصة يكون إبنا أو
والدا أو وزيرا أو مواطنا، فينبغي
عليه أن يلتزم بووصفه في مختلف
المناسبات، مؤكدا أن ذلك يساعد
على تحقيق السلام في الدولة
واستقرار معيشة الشعب.
وعندما ظهرت
أفكار كونفوشيوس في البداية، لم
تتحول إلى مذهب أساسي فورا. وحتى
القرن الثاني قبل الميلاد حينما
أصبحت الصين دولة موحدة قوية
مركزية السلطة، وجد الحكام أن
نظرية كونفوشيوس تساعد على
استقرار المجتمع الاقطاعي،
وحددوها مذهبا شرعيا في الدولة.
وسجل
"كتاب الحوار" أفكار كونفوشيوس
وكلامه وسلوكه. ومضامينه الرئيسية
هي أحاديث كونفوشيوس وحواراته مع
تلاميذه. وأعتبر هذا الكتاب كتابا
مقدسا في الصين في العصور القديمة
ومن الممكن لأي شخص أو مواطن ان
يستخدم أفكار هذا الكتاب لوضع
معايير لحياته. واذا أراد شخص
تولي منصب حكومي، ينبغي عليه
دراسة هذا الكتاب بكل دقة.
وفي
الحقيقة، ليس كتاب الحوار كتابا
تعليميا، بل كتاب وافر المضامين
ومفعم بالكلمات الحية. ويتناول
رأي كونفوشيوس في مجالات عديدة
بما فيها قراءة الكتب والموسيقى
والرحلات والصداقات. وذكر مقال في
هذا الكتاب أن تسي قونغ أحد
تلاميذ كونفوشيوس سأل معلمه: اذا
لا بد أن تنبذ أحد من بين الجيش
والحبوب والشعب، ما خيارك؟ وأجاب
كونفشيوس عليه بلا تردد قائلا:
الجيش طبعا.
مذهب
كونفوشيوس كان له بمضامين كثيرة
بما فيها العديد من الأشياء التي
ما زالت لها قيمة عالية حتى الوقت
الحاضر. وقد أصبحت العديد من
أحاديثه الواردة من كتاب الحوار
أمثالا شائعة لدى الصينيين حتى
يومنا هذا. مثلا من أقوال
كونفوشيوس إنه من بين ثلاثة
أشخاص، يوجد شخص يستطيع أن يعلمن.
ويقصد بقوله أن لكل شخص مزية،
فيجب على الناس أن يتعلموا من
بعضهم.
|