ان منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم شمال الصين منطقة تقطن فيها رئيسيا قومية منغوليا وخلقت المروج الواسعة هناك الخصائص البدوية والطبيعة الجريئة والصريحة لهذه القومية. وفي هذه الحلقة نسافر الى منطقة منغوليا الداخلية لنتعرف عن قرب على التقاليد المتميزة لهذه القومية.
ان قومية منغوليا مشهورة بصراحتها حتى اثناء تناول الأطعمة حيث يتمثل ذلك في "أكل اللحوم بلقمات كبيرة" على حد تعبير أهاليها. ومن أهم أطعمتهم التقليدية الحمل المشوي بأكمله وفخذ الحمل المشوي وهما لذيذان جدا. وأكثر طعام تمثيلا لأطعمة قومية منغوليا هو لحم الغنم الذي يقطع حسب رغبة الشخص عند الأكل وهو عبارة عن طبخ قطعة كبيرة من لحم الغنم في ماء نقي وبعد ان تصبح ناضجة توضع في صحن كبير على المائدة ويقطعها الضيف بسكين وسيشعر هذا الأسلوب الضيوف برضاء كامل.
تعبر قوميةِ منغوليا عن صراحتها وشجاعتها من خلال الأكل لكن تجسد الفراسة والمصارعة خصائصها أكثر ويطلق على قومية منغوليا صفة "قومية على ظهر حصان". ومنذ عصور طويلة كان الحصان وسيلة نقل مهمة للرعاة المنغوليين وكاد ان يمتلك كل أسرة منغولية خيولا. يتدرب الأطفال المنغوليون على الفروسية وتطويع الخيول منذ سن مبكرة وتتركز مادة الرياضة البدنية في مدارس المناطق الرعوية بمنطقة منغوليا الداخلية على مسابقة الفروسية، فيمكن القول إن أهالي قومية منغوليا يتمتعون بمهارات عالية في الفروسية منذ صغرهم.
ومع النمو الاقتصادي المحلي وتحسن معيشة الرعاة اشترى المزيد من العائلات المنغولية درجات نارية مما جعل ركوب الحصان شبه مستغني عنه. فجلب بعض الرعاة خيولهم الى المناطق السياحية القريبة لتأجيرها للسياح للحصول على ايرادات إضافية.
ان السيد وانغ دنغ أحدهم ويذهب بحصانه الى منطقة سياحية قريبة من أسرته كل يوم تقريبا. وقال:
"بدأت هذا العمل منذ العام الماضي وأستطيع كسب دخل لا بأس به. واذا لم يقدر السائح الذي يريد ركوب الحصان على ركوبه بنفسه أقود حصاني ويجلس السائح على ظهر الحصان. وفي الموسم السياحي أكون مشغولا جدا بخدمة السياح وهم يركبون حصاني وينزلون منه واحدا تلو الآخر بلا انقطاع."
بجانب تأجير الخيول يعرض الرعاة الشباب المصارعة المنغولية للسياح. يرتدي المتصارعون أزياء مصارعة شبيهة بدِرع ويصارعون بشجاعة وثبات ويمكن للجميع المشاركة في المصارعة المنغولية بغض النظر عن السن والمهارة ويسعد السياح الشباب دائما بدعوتهم الى المشاركة في المصارعة لمواجهة الشباب المنغوليين المحليين.
ان ليو دونغ شانغ سائح قادم من مقاطعة شان دونغ المشهورة بطول قامات شبابها وقوتهم، وجرب المصارعة المنغولية غير انه فشل في تحدي شاب منغولي قوي. وأكد ليو دونغ شانغ إن أكبر متعة في المصارعة في منغوليا الداخلية هي الشعور بالمشاركة والتجربة وقال:
"كنت مرتاحا نفسيا جدا عندما ذهبت الى منطقة المروج وشاركت في هذه النشاطات حيث لمست عن قرب شجاعة وخشونة أهالي القومية المنغولية. وبالإضافة الى المصارعة يمكن ركوب الخيول والركض في المروج وبذلك تسمو أخلاق المرء أيضا. تركت الرحلة السياحية الى منغوليا الداخلية هذه المرة انطباعات عميقة لدىّ."
هناك مناسبة أخرى صالحة لمشاهدة المصارعة المنغولية ألا وهو مهرجان نادامو بمعنى "التسلية" أو اللعب" في اللغة المنغولية ويعتبر مهرجانا سنويا ضخما لقومية منغوليا. واستضافت منطقة راية بالينيو شرق منطقة منغوليا الداخلية دورة هذا العام في أواسط أغسطس الماضي.
وقال المسئول بالمهرجان السيد ين تشي تشونغ لمراسل إذاعتنا:
"يعد مهرجان نادامو نشاطا رياضيا تقليديا لقومية منغوليا ويجري عادة في يوليو أو أغسطس كل سنة ويتضمن مهرجان نادامو ثلاث ألعاب وهي المصارعة ونسميها بوك ومسابقة الفروسية ورمي السهام ونطلق نحن المنغوليين على الفائز بالمرتبة الأولى في المصارعة خلال مهرجان نادامو إسم "بطل" ونمنحه جملا أو حصانا كجائزة."
وأضاف السيد ين انه عندما ينظم مهرجان نادامو السنوي يأتي أهالي قومية منغوليا من جميع انحاء المنطقة الى مكان المهرجان مرتدين أزياء فاخرة للمشاركة في السباقات أو مشاهدتها. وفي أيام المهرجان تنقل المؤسسات التجارية كمية كبيرة من البضائع الى مكان المهرجان وتنصب خياما هناك لتكون محلات تجارية مؤقتة. بالإضافة الى ذلك تأتي فرق فنية الى المهرجان لتقديم برامج مسرحية متنوعة وعرض أفلام للمواطنين. وأصبح مهرجان نادامو في الوقت الحالي مهرجانا شاملا يجمع بين الرياضة القومية والفنون الثقافية المحلية والتجارة والسياحة.
كانت قومية منغوليا قومية بدوية حيث يقيم الرعاة في الخيام المنغولية القابلة للنقل، التي صارت رمزا للأقليات القومية البدوية في الصين باعتبارها مساكن فريدة مصنوعة من لِبّاد. وتمشيا مع النمو الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة يقيم الرعاة المنغوليون حاليا في منازل الطوب المزودة بأجهزة الكهرباء ومياه الشرب النقية. وفي الوقت نفسه أصبحت الخيام المنغولية من أفضل المقاصد السياحية حيث تكتظ بالسياح في كثير من المناطق السياحية بمنطقة منغوليا الداخلية.
وفي الحقيقة ان الأثاثات متقدمة في الخيام المنغولية بالمناطق السياحية وتشمل أسِرّة مريحة وأجهزة التواليت والأجهزة الكهربائية مثل التلفزيون وجهاز تطهير مياه الشرب. اذا أمضيت ليلة في هذه الخيمة المنغولية فستشعر بشيء من الحياة البدوية السابقة لقومية منغوليا ولن تجد صعوبة في المعيشة بسبب تواضع ظروفها.