نجح الاقتصاد الصيني في التقدم للأمام بينما انتظر العالم اشراقة فجر جولة جديدة من الانتعاش الاقتصادي.
وعلى الرغم من أن الظهور المفاجئ لمرض السارس في النصف الأول من العام الماضي جعل الآمال في حدوث نمو اقتصادي في الصين وآسيا ككل تتضاءل، إلا أنه بعد فترة تباطؤ وجيزة في الربع الثاني تعافى الاقتصاد الصيني بسرعة. وسجلت المؤشرات الرئيسية في الصين مثل العائدات المالية والناتج الصناعي وأرباح الشركات والتجارة الخارجية واحتياطيات النقد الأجنبي جميعا نموا قياسيا. ومن جانب آخر تم الحفاظ على التضخم عند مستوى منخفض بلغ حوالي واحد بالمائة.
ورفع بنك التنمية الآسيوي في ضوء تلك التحولات الدرامية تقديراته للنمو الاقتصادي الصيني خمس مرات على مدار الشهور القليلة الماضية. حيث تنبأ البنك في أحد تقاريره عن اقتصاد منطقة شرق آسيا أن يكون النمو السريع للاقتصاد الصيني عاملا وراء حدوث ارتفاع قوي للاقتصاد الإقليمي العام الحالي.
وفي ظل الأزمة المالية الآسيوية والكساد في الاقتصاد العالمي وتفشى وباء السارس والكوارث الطبيعية والوضع الدولي سريع التغير وجدت الصين بالفعل السبيل للحفاظ على النمو الاقتصادي السريع عن طريق توسيع الطلب المحلي وحفز الاستهلاك وزيادة الصادرات.
وبما أن الصين اضطرت إلى حضرنة المناطق الريفية لاستيعاب أكثر من عشرة ملايين من سكان الريف سنويا، فإنه يقدر بأن يكون حجم تنمية البنية التحتية كل عام مساويا لبناء مدينة بحجم شيكاغو الأمريكية. ويعتقد بأن الطلب الضخم للاستثمار سيكون قادرا على الحفاظ على النمو الاقتصادي طويل الأجل في المستقبل.
ومع تجاوز الصين الولايات المتحدة كأكبر مستقبل للاستثمارات الأجنبية المباشرة، أصبحت الاستثمارات المحلية أكبر. وتمثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة حوالي عشرة بالمائة فقط من جملة استثمارات رأس المال في البلاد والتي تبلغ ستمائة وواحدا وأربعين مليار دولار أمريكي في العام الماضي.
ومع محاولة الصين الجادة لتحديث هيكلها الصناعي فإن اتجاه العولمة سوف يعجل بتلك العملية. وفي العام الماضي كان من المتوقع أن تسهم صناعات التكولوجيا الفائقة بسبعة وعشرين بالمائة في نمو الصناعة الصينية. وقد اجتذبت القدرة التنافسية للمنتجات المصنوعة في الصين اهتمام المنافسين الدوليين.
أما قاطرتا الاقتصاد الصيني—دلتا نهر اليانغتسي ودلتا نهر تشوجيانغ، فيجتذبان مزيدا من الشركات متعددة الجنسيات لإقامة قواعد تصنيع ومراكز للبحث والتطوير. وفي عام 2003 اطلقت الحكومة الصينية حملة استراتيجية لتحديث القواعد الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين، مع البدء في تنفيذ مائة مشروع رئيسي. وبالتزامن مع خطوة استراتيجية لتنمية المناطق الغربية للبلاد بدأ يتشكل نمط جديد ومتوازن للنمو.
ومع اندماج الصين بشكل مطرد في الاقتصاد العالمي، فقد أصبحت أحد الفاعلين الرئيسيين في الاقتصاد العالمي متعدد الأقطاب بشكل متزايد. وبصفتها أحد أسواق الصادرات الأسرع نموا على مستوى العالم فإنها تعتزم استيراد بضائع وخدمات بقيمة تريليون دولار أمريكي على مدار الثلاثة أعوام القادمة.
وتنبأ بنك التنمية الآسيوي بأن تشهد الصين عجزا تجاريا محدودا في العام الجاري إذا استمر الاتجاه الحالي لنمو وارداتها. وذكرت مصادر البنك أن هذا يثبت أن الصين تقدم اسهامات عظيمة للنمو العالمي.
استوعبت الصين ثلثي الصادرات من اليابان لتصبح أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في تحسين الاقتصاد الياباني.
ويقول الاقتصاديون المحليون إن الاقتصاد الصيني دخل مرحلة نمو. ومن جهة أخرى تظهر اقتصاديات الولايات المتحدة واليابان ودول غرب أوروبا علامات تحسن، كما تشهد الاقتصاديات الآسيوية نموا قويا للطلب المحلي.