أصدقائي، في حلقتنا السابقة تعرفنا على السيد ياو جينغ يوان المتحدث الإعلامي باسم المصلحة الوطنية للاحصاءات وتحدث لنا عن وضع التنمية الاقتصادية الصينية وفكرته عن عمل المتحدث الإعلامي، في حلقتنا اليوم لنستمع إلى حديثه عن مسيرته وشعوره في العمل والحياة.
تخرج السيد ياو جينغ يوان في جامعة مشهورة في شمال شرقي الصين في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي وحصل على درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية. بعد تخرجه عمل السيد ياو في دوائر حكومية في العاصمة بكين والمدن الأخرى على التوالي. يرى أن مسيرته في الدراسة والعمل ساعدته كثيرا في عمله الحالي:
أشعر أن المعلومات التي جمعتها في شبابي مفيدة جدا لعملي الآن. عملت في الدوائر الاقتصادية لمدة طويلة، بما فيها الدوائر الوطنية والدوائر في المدن الأخرى، وساعدني ذلك كثيرا في معرفة الوضع الصيني والوضع الاقتصادي والأداء الاقتصادي. على سبيل المثال عندما عملت في المدن الأخرى عرفت وضع الزراعة والفلاحين. وعندما عملت في اللجنة الاقتصادية والتجارية الوطنية عرفت الصناعة، وعرفت التداول عندما عملت في الدوائر التجارية. لذلك أقول إن المعلومات الكاملة مفيدة لعملي اليوم.
قال السيد ياو جينغ يوان، بصفته متحدثا إعلاميا للمصلحة الوطنية للاحصاءات وكبير الاقتصاديين فيها، كانت مسؤولية العمل كبيرة وثقيلة. قال للمراسل إنه من أجل تطوير نفسه ليتفق مع متطلبات العمل استخدم كل أوقات فراغة في القراءة:
أحب القراءة منذ طفولتي. هناك نوعان من الكتب، النوع الأول يحتاج إلى القراءة الدقيقة لمرات وحتى لعشرات المرات. مثلا قرأت كتاب "علم الاقتصاد" الذي كتبه بول ساميولسون عندما كنت في المرحلة الابتدائية، وقرأت كتبه في الثمانينيات من القرن الماضي وحتى اليوم مازلت أقرأ كتبه. والنوع الآخر يحتاج إلى المطالعة فقط كي آخذ منه بعض المعلومات والمفاهيم الجديدة.
وعندما كانت تلميذا في المراحل الابتدائية والثانوية يقول السيد ياو إن الصين شهدت فترة فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية في الفترة بين منتصف الستينات ومنتصف السبعينات من القرن الماضي. والتحق بالجامعة في أوائل فترة الإصلاح والانفتاح على الخارج في الصين، واستغل معظم الأوقات في الدراسة من أجل تعويض ما فاته، ولم تكن لديه أية هواية أخرى إلا الدراسة والقراءة، لذلك يشعر أن نشاطاته وفعالياته الترفيهية ليست بالمستوى المطلوب ويشعر ببعض الاحباط أحيانا.
قال السيد ياو جينغ يوان إنه يمارس الرياضة في الطريق إلى العمل والعودة إلى البيت كهواية جديدة:
أمارس أكبر قدر ممكن من الرياضة. مثلا لا أركب السيارة إلى العمل ذهابا وإيابا بل أسير على قدميّ. وأستغرق ثلاثين دقيقة من بيتي إلى مكتبي، و في الصيف والشتاء خاصة أثابر على السير مع أنه مُتعِب.
يعتقد السيد ياو أن معظم العاملين في الدوائر الحكومية مشغولون في العمل، ويجب أن يشتركوا في الرياضة والدراسة والترفيه كي يرفعوا مستواهم وذلك مهم أيضا.
خلال المقابلة مع السيد ياو وجد المراسل أنه يحب الحياة حبا جما رغم أنه مشغول في العمل. قال السيد ياو إنه يفضل اعداد وجبة أو وجبتين إذا كان لديه وقت.
عندما أعود إلى البيت أو في أيام الأحد أفضل اعداد الأطعمة وأنا ماهر بعض الشئ في اعداد الأطعمة.
قال السيد ياو جينغ يوان إنه يرافق زوجته إلى الأسواق والمراكز التجارية أحيانا، ويراقب، مستغلا هذه الفرص، تغيرات أسعار السلع وأنواعها وكمياتها. يرى السيد ياو أن هذا جزء هام للأداء الاقتصادي الصيني كله.
وعبر مراقبته يحلل السيد ياو جينغ يوان بشكل دقيق المشاكل الاقتصادية الكبيرة الناجمة من الحوادث المعيشية الصغيرة وتغيرات الأسواق. ظهر تقلب في أسعار المواد الغذائية في السوق وارتفع سعر بعض الموارد الانتاجية أيضا قبل فترة قصيرة، جذبت هذه الظاهرة متابعة واسعة من قبل الجماهير والاقتصاديين. وشعر بعض الناس بالقلق إزاء حدوث تضخم مالي إذا استمر هذا الوضع، وحول هذا الموضوع عبر السيد ياو جينغ يوان عن رأيه قائلا:
لاحظت أن أسعار الأغذية بدأت تتقلب منذ أكتوبر العام الماضي، والسبب الرئيسي هو انخفاض انتاج المحاصيل الغذائية في السنة الماضية الأمر الذي أدى إلى عدم التوازن بين عرض المواد والطلب عليها، وخفّ هذا التقلب منذ ديسمبر الماضي. لذلك أظن أنه لا يظهر تضخم مالي في الصين عام 2004.
كما حلل السيد ياو جينغ يوان قائلا إن حجم انتاج المحاصيل الغذائية انخفض في الصين عام 2003، ولكن حجم مخزونات البلاد منها جيد وقادر على حل هذه المشكلة. أشار السيد ياو إلى أنه حسب النسبة بين قيمة الصادرات والواردات الصينية واجمالي قيمة الناتج المحلي بلغت نسبة اعتماد البلاد على وضع النشاطات الاقتصادية الدولية ستين بالمائة. وظهر انكماش مالي في الوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام، وسيؤثر هذا الوضع على الاقتصاد الصيني وسيقيد حدوث التضخم المالي في الصين أيضا.
كما تحدث السيد ياو جينغ يوان عن بعض المشاكل القائمة في مجال الاستثمارات والاستهلاك في الصين. حيث قال إن النمو الاقتصادي الصيني يعتمد رئيسيا على الاستثمارات، وارتفعت أسعار بعض الموارد الانتاجية الأساسية في العام الماضي، ولها صلة كبيرة مع نمو الاستثمارات السريع. ومقارنة مع الاستثمارات، لم تكن الحاجة الاستهلاكية للمواطنين قوية. يرجع سببها إلى تباطؤ زيادة دخل الفلاحين الذين يمثل عددهم أغلبية سكان الصين من جهة ومن جهة أخرى تنفذ الصين حاليا اصلاحات السكن والطب والتأمين والتعليم، وتحتاج هذه الاصلاحات إلى دفع أموال من المواطنين. لذلك وضع معظم المواطنين ما تبقى لديهم من أموال في البنوك استعدادا لشراء المساكن والتأمين أو تعليم أولادهم في المستقبل.
قال السيد ياو إنه من أجل استمرار النمو الاقتصادي الصيني يجب تنسيق العلاقات بين الاستثمارات والاستهلاك، والعمل على ابقاء الاستثمارات عند معدلات ملائمة وفي نفس الوقت يتم تعزيز دور الاستهلاك كمحفِّز للنمو الاقتصادي. ويبدو السيد ياو واثقا بهذا الصدد:
أنا شخصيا أثق بالنمو الاقتصادي الصيني، فقد حافظ الاقتصاد الصيني على معدل نمو تجاوز ثمانية بالمائة لسنتين متتاليتين، وذلك يدل على أن الاقتصاد الصيني قد دخل مرحلة نمو جديدة. وإذا استمرت هذه المرحلة، ستكون معدلات استهلاك الناس هذا العام أفضل كثيرا، إذ سيعرف الناس أن زيادة دخلهم متوازنة مع النمو الاقتصادي الوطني وستطرأ تغيرات على أفكارهم في الاستهلاك.