أحد البيوت البلاستيكية في القرية
حل الربيع الدافئ على مختلف أنحاء الصين وبدأ النسيم المنعش يداعب وجوه الناس ومعه تفتحت الازهار بألوانها الزاهية. ويغلغل هذا النسيم أيضا الى البيت البلاستيكي الكبير الذي يملكه وانغ شي تشوان/ أحد الفلاحين في قرية قداتوه بمقاطعة خبي شمال الصين، وعبر زرع الخضروات داخل هذا البيت البلاستيكي يشعر هذا الفلاح بالرضا والسرور. وفي الايام الاخيرة زرع وانغ شي تشوان دفعة جديدة من شتلات الخضروات داخل بيته البلاستيكي الكبير وحول الخضروات الجديدة الزرع قال وانغ شي تشوان:
" أنا مشغول بزرع شتلات الطماطم في هذه الايام ورغم أن العمل متعب ولكنه يمكن أن يأتى فعلا بفوائد ملحوظة ويرى جميع فلاحي القرية أن زرع الخضروات بهذا الاسلوب يمكن أن يساعد على رفع مستوى معيشتنا الى المزيد من الرفاهية والثراء عما كان عليه في الماضي. "
مسقط رأس وانغ تشي تشوان قرية تعرف بإسم قرية قداتوه القريبة من مدينة تانغشان بمقاطعة خبي شمالى الصين. وكلمة وانغ إسم عائلي للغالبية العظمى من عوائل هذه القرية. وذاعت شهرة هذه القرية في السنوات الاخيرة بعد أن أصبحت قرية غنية في هذه المنطقة حيث وصل معدل الدخل الفردي السنوي لفلاحي القرية الى سبعة آلاف يوان صيني في العام الماضي.
والسبب الرئيسي لتحقيق هذا الثراء هو بناء البيوت البلاستيكية الكبيرة لزرع الخضروات فيها كما يفعل الفلاح وانغ شي تشوان . وقد زار مراسل اذاعتنا مؤخرا هذه القرية وشاهد فيها كثيرا من البيوت البلاستيكية الكبيرة المقامة هنا وهناك، ويمكن للمرء أن يشاهد الخضروات الطازجة عبر الاغشية البلاستيكية الشفافية فوق هذه البيوت .
وأخبر وانغ شي تشوان مراسل اذاعتنا أن المزروعات التي كانت في هذا المكان قبل عشرين سنة ليست خضروات بل القمح والذرة الصفراء اللذين لم تكن كمية محصولاتهما كثيرة، وكانت معيشة الفلاحين فقيرة نسبيا. ومن أجل التخلص من الفقر بدأ وانغ تشوان قوي ووانغ تشين شوانغ اللذان كانا من مسئولي القرية يفكران في البحث عن طريق فعال لزيادة دخل الفلاحين. وقال الفلاح وانغ شي تشوان :
" كانا يقودان الفلاحين في زرع الخضروات في القرية حيث زرعا الخضروات أولا، وبعد أن شاهد الفلاحون نجاحهما قلدوهما في العمل وبهذا الاسلوب بدأت أعمالنا تتطور بشكل تدريجي .... "
وانغ تشانغ قوي رئيس القرية ويتجاوز عمره في العام الحالي الخمسين . قال إن كوادر القرية كانوا يفكرون في اتخاذ أجراءات عديدة في سبيل زيادة دخل الفلاحين. ولكن قريتنا تقع في سهول واسعة لا توجد فيها موارد آخرى سوى الآراضى الزراعية التي تبلغ مساحتها أكثر من مائتي هكتار. وليس لدينا إمكانية لتطوير الصناعة والتجارة، وبعد التفكير الطويل رأينا أنه بإمكاننا أن نزرع الخضروات ونطور هذا العمل نظرا لكون آراضي القرية منبسطة وخصبة وموارد المياه الجوفية تحتها متوافرة وكل ذلك يناسب زراعة الخضروات .
بعد التوصل الى إتفاق بدأ وانغ تشانغ قوي بالتعاون مع مسئول آخر في القرية تجربتهما في بناء بيت بلاستيكي كبير لزرع الخضروات، وبعد سنوات عديدة حققا نجاحا كبيرا حيث أكسبهما هذا البيت البلاستيكي دخلا يزداد بشكل مستقر سنة بعد سنة فأبلغا تجربتهما هذه الى سائر الفلاحين في القرية ...
قال وانغ تشانغ قوي: رأينا أن زرع الخضروات في البيوت البلاستيكية يأتي فعلا بجدوى اقتصادية ملحوظة. لأن الدخل من البيت البلاستيكي الذي يحتل أقل من عشر هكتار من مساحة الارض يساوي تماما الدخل من زرع القمح والذرة الصفراء في حقول تبلغ مساحتها حولى ثلاثة هكتارات. وعبر التجربة التي استمرت سنوات عديدة جنى الفلاحون فعلا من البيوت البلاستيكية فوائد كثيرة "
بعد أن شاهد الفلاحون هذه الفوائد الاقتصادية بدأوا بناء البيوت البلاستيكية الكبيرة لزرع الخضروات فيها، وفي عام 2000 ازداد عدد هذه البيوت حتى تجاوز ألفا وأربعمائة بيت كبير وبذلك أصبحت القرية مشهورة في المنطقة حيث أطلق الناس عليها إسم قرية البيوت البلاستيكية الكبيرة .
بعد سنوات عديدة من التجارب والاختبار وجد وانغ تشانغ قوي أن زرع نوع واحد من الخضروات أفضل من زرع عدة أنواع منها لان هذا الاسلوب يمكنه من زيادة كمية الانتاج ويسهل تسويق الخضروات في الاسواق. ووفقا لاقتراحه هذا بدأ فلاحو القرية يزرعون جميعا شتلات الطماطم في بيوتهم البلاستيكية، وفي العام الماضي بلغت كمية انتاج الطماطم المزروعة في القرية خمسة عشر ألف طن. والى جانب ذلك حظيت الطماطم القرية برواج وإقبال من تجار الخضروات القادمين من مختلف المناطق نظرا الى لكبر حجمها وجودتها الممتازة. فأصبحت القرية ذائعة الصيت بزرع الطماطم في هذه المنطقة .
وتحدث وانغ تشينغ شوانغ /أحد مسئولي القرية عن تسويق طماطم القرية قائلا:
" شهدت خضرواتنا رواجا وإقبالا في أسواق مدينتي بكين وتيانجين ومنطقة شمال شرقي الصين وحظيت بترحيب من قبل تجار الخضروات والمستهلكين أيضا. وفي أوج الايام المزدهرة غالبا ما تصل الى القرية كل يوم خمسون أو ستون ناقلة من مختلف المناطق لشراء الخضروات منها. وتبدو أعمال تسويق هذه الخضروات جيدة جدا .... "
قال وانغ تشينغ شوانغ إن كثيرا من الفلاحين الذين خرجوا من القرية للعمل في المناطق الآخرى قد عادوا الى القرية بعد أن شاهدوا الجدوى الاقتصادية الكبيرة التى حققناها من زرع الخضروات. وكان حوالى ثلاثمائة فلاح يعملون خارج القرية في قطاع التشييد ويحصل كل واحد منهم على حوالى عشرة آلاف يوان صيني من العمل في سنة واحدة. غير أنه بإمكان فلاح واحد الحصول على عشرة آلاف يوان صيني في غضون ثلاثة أشهر فقط من زرع الخضروات في بيته البلاستيكي داخل القرية. لذلك بنى المزيد من الفلاحين بيوتا بلاستيكية وأخذوا يزرعون فيها الخضروات بعد عودتهم الى القرية، وحتى الان وصل عدد البيوت البلاستيكية الكبيرة داخل القرية الى ألفين وتسعمائة وخمسين بيتا يعمل فيها حوالى ألف وستمائة فلاح كل يوم. وجدير بالذكر أن نمو الدخل الفردي السنوي لهؤلاء الفلاحين يزداد بنسبة عشرين بالمائة خلال السنوات الثلاث الماضية .
قالت وانغ شو جين إحدى الفلاحات في القرية لمراسل اذاعتنا أنها بدأت زرع الخضروات قبل أكثر من عشر سنوات وتتطور أعمالها بشكل مستمر، وقبل سنتين عاد زوجها الذي كان يعمل في الخارج الى القرية ليشاركها في زرع الخضروات. وقالت وانغ شو جين إن زرع الخضروات طريق صحيح يزيد من دخلها بشكل ملحوظ .
ورأى مراسل اذاعتنا في بيت وانغ شو جين بعض الفلاحات القادمة من القرى المجاورة وهن يتجاذبن أطراف الحديث بينما يعملن في البيوت البلاستيكية الكبيرة ذلك لأن وانغ شو جين تفتقر الى الايدي العاملة التي تساعدها في العمل داخل بيوتها البلاسيكية العديدة لذلك طلبت منهن المساعدة لزرع الخضروات ورعايتها، قالت ليو جيو ون/ إحدى الفلاحات اللواتي يعملن في بيت وانغ شو جين إن زميلاتها جميعا يرغبن في العمل سويا بعضهن مع البعض هنا ناهيك عن كسب أموال من العمل ......
قال الفلاحة ليو جيو ون: لا أريد أن ألزم البيت بدون أي عمل، ويمكنني أن أحصل على أكثر من عشرة يوانات كل يوم من هذا العمل الذي أرى أنه غير متعب. ويمكنني أن أعود الى قريتي ظهرا لاطعام المواشي وأداء بعض الأعمال في بيتي، وأحب أن أعمل بهذا الاسلوب، ذلك أفضل من بقائي في البيت بدون عمل ...... "
هناك عائلات عديدة شأنها شأن عائلة وانغ شو جين تقوم باستئجار الايدي العاملة من القرى الأخرى لزرع الخضروات في البيوت البلاسيكية الكبيرة وبإمكان كل شخص من هذه الايدي العاملة أن يتقاضى مئات اليوانات الصينية كأجور شهرية. وحتى الان تجاوز عدد الفلاحين والفلاحات القادمين من القرى الأخرى للعمل في هذه القرية تجاوز ثمانيمائة شخص ..
لم يحقق زرع الخضروات في قرية قاداتوه ثراءا لفلاحي هذه القرية فحسب بل أكسب الفلاحين في القرى الأخرى مداخيل كثيرة. وقال وانغ تشانغ قوي رئيس القرية إنهم سيزرعون المزيد من الخضروات من أجل تحقيق هدف زيادة الدخل الفردي السنوي لفلاحي القرية ليصل الى عشرة آلاف يوان صيني في عام 2005. أما الان فيقومون بنقل خبراتهم فى زرع الخضروات في البيوت البلاستيكية الكبيرة الى فلاحي القرى الأخرى على أمل أن يحقق هذا الاسلوب أحلامهم في تحقيق الثراء أيضا ...