يقع جبل تايشان في وسط مقاطعة شاندونغ شرق الصين وتبلغ مساحته الإجمالية 250 كيلومترا مربعا وارتفاع قمته العليا يوهوانغ 1545 مترا. اشتهر جبل تايشان بعظمته وروعته حيث له تاريخ عريق ومناظره خلابة وأبراجه كثيرة وآثاره متناثرة. ان مناظره الطبيعية تنسجم مع مناظره الصناعية. تعرف أصلا اسماء 112 قمة و98 صخرا معلقا كبيرا و18 كهفا و58 حجرا غريبا و102 نهر صغير و56 شلالا أو بركة و64 عينا، إضافة الى 22 معبدا قديما و97 طلالا أثريا و819 نصبا مدونا و1018 صخرا منقوشا. ان شروق الشمس وغيره من المناظر العشرة الأجمل عند جبل تايشان مشهورة عالميا. وفرت الظروف المناخية المتميزة موارد أحيائية وافرة حيث الأشجار والزهور والأعشاب كثيفة وتبلغ نسبة الغطاء النباتي 79.9%. توجد في جبل تايشان 989 نوعا من النباتات رفيعة الدرجة منها 462 نوعا من النباتات التي يمكن استخدامها في صنع الأدوية وأكثر من عشرة آلاف شجرة قديمة وقيمة تزيد أعمارها عن مائة سنة، إضافة الى أكثر من مائة نوع من الحيوانات.

ويشمخ جبل تايشان وسط أكبر سهول شمال الصين ويطل على تلال تشيلو ويبلغ معدل ارتفاعه أكثر من 1300 متر. لذلك يظهر جبل تايشان عاليا وضخما متارنة بالسهل والتلال المحيطة به. من مدينة تايآن عند أسفل الجبل وارتفاعها 150 مترا عن سطح البحر، الى بوابة السماء المتوسطة (ارتفاعها 847 مترا)، وحتى بوابة السماء الجنوبية (ارتفاعها 1460 مترا) وقمة يوهوانغ (ارتفاعها 1545 مترا)، يزداد الارتفاع تدريجيا مما يحدث نوعا من الايقاع والعظمة. يقع جبل تايشان وسط مقاطعة شاندونغ ويمتد أكثر من 100 كيلومتر. قاعدته واسعة في حين ان جسمه مرتكز. ان القاعدة الواسعة تجعل الناس يشعرون بالاستقرار أما الجسم المرتكز فيشعر الناس بالرسوخ. ولهذا السبب النفسي يقول الناس دائما ان شيئا "مستقر مثل جبل تايشان" أو "راسخ مثل جبل تايشان". ينمو الصنوبر بكثرة في جبل تايشان وخاصة الصنوبر المعمر الذي يشبه بمناضل يرتدي درعا ويضفي عظمة على جبل تايشان. ان صخور جبل تايشان تتسم بالصلابة وبفعل التعرية الطبيعية كثرت الصخور المعلقة والأحجار الدائرية الضخمة التي تهز مشاعر الناس، ما عدا السحاب والضباب متغيري الشكل اللذين يشعران الناس بوجود حركة في السكون ويزيدان من جماله.

ان جبل تايشان من مهود حضارة حوض النهر الأصفر. اكتشفت آثار حضارة داونكو عند سفح جبل تايشان الجنوبي وحضارة لونغشان عند السفح الشمالي، وأجريت حفريات قريبا من جبل تايشان بحثا عن أطلال متحجرات إنسان شينتي الذي عاش قبل 50 الف سنة ومتحجرات إنسان ييّوان الذي عاش قبل 400 الف سنة. وخلال عهد الممالك المتحاربة (قبل 2500 سنة) تم بناء جزء من سور الصين العظيم يمتد من جبل تايشان الى ساحل البحر الأصفر الصيني ويبلغ طوله 500 كيلومتر ومازالت أطلاله باقية حتى الآن. توجد في جبل تايشان مواقع عدة متعلقة بنشاطات كونفوشيوس أكبر عالم صيني قديم ومؤسس مذهب الكونفوشية.

ويطلق على جبل تايشان اسم "رئيس الجبال الخمسة المشهورة الصينية" ويعتبر جبلا مقدسا يمثل السلطة. عندما يتولى ملك أو أمبراطور جديد السلطة في الصين او أثناء سنوات حكمه الخالية من الحروب والكوارث تقام في جبل تايشان بطقوس ضخمة يشكر فيها الآلهة. قبل حكم أسرة تشين الملكية (قبل 2200 سنة) أقام 72 جيلا من الملوك طقوسا في جبل تايشان وبعد حكم أسرة تشين الملكية حتى آخر أسرة ملكية بالصين أقام الاباطرة ههذا الطقوس 27 مرة. دفعت نشاطات الأسر الملكية في جبل تايشان ومناظره الرائعة أدباء مشهورين لزيارته وكتابة قصائد ومقالات عنه وخلقوا آلافا من الأنصاب والأحجار المنقوشة بأعمالهم. ان جبل تايشان غني بتراث ثقافي اذ ان هناك 97 موقعا من الأطلال الأثرية الموجودة حتى الآن و22 مجموعة معمارية قديمة مما يقدم نماذج حية لدراسة التاريخ المعماري الصيني القديم.

ويرجع تاريخ الأديان في جبل تايشان الى زمن بعيد حيث دخل الدين البوذي جبل تايشان في أواسط القرن الرابع. واثناء حكم أسرتي تانغ وسونغ الملكيتين (القرن ال7 حتى القرن ال12) شهدت المعابد البوذية بجبل تايشان ذروة ازدهارها. أما الدين الطاوي فراح ينتشر بعد حكم أسرة تشين(القرن ال3 ق.م).

ويجدر بالذكر ان هناك كثيرا من الأحجار والأنصاب المنقوشة في جبل تايشان، التي تثني على جماله الطبيعي وروعة أراضي الوطن وعظمة روح الأمة الصينية. ويشير الإحصاء الى وجود 823 نصبا وحجرا منقوشا في الجبل كله تجسد فنونا رائعة ومدارس كاملة للخط الصيني. فيستحق جبل تايشان لقب"متحف فن الأحجار والأنصاب المنقوشة الصيني" ويتصدر سائر الجبال المشهورة بالعالم من حيث نطاق انتشار القطع وعددها وتوالي عهودها وروعة أساليبها ومدارسها وفنونها وبراعة تطابقها مع المناظر الطبيعية.

لذلك يعتبر جبل تايشان بطبيعته وثقافته وانسجامهما التام تراثا ثمينا للصين بل للبشرية جمعاء.