ظلت مصر مشهورة في العالم بحضارتها الشرقية الساحرة وثقافتها الفرعونية وتاريخها العريق الذي يرجع إلى ما قبل سبعة آلاف سنة. وحاليا يقام أول أسبوع ثقافي مصري في ثماني مدن صينية، وبلا شك أن هذا النشاط الثقافي الضخم سيتيح فرصة للشعب الصيني لمعرفة تاريخ وحضارة مصر وفنونها المعاصرة. وفي هذه الحلقة سنعرفكم ببعض وقائع الأسبوع الثقافي المصري.
من أجل دفع التعاون والتبادل بين الصين ومصر في المجالين الثقافي والفني وزيادة العلاقات التقليدية والتعارف المتبادل بين الشعبين الصيني والمصري، افتتح أول أسبوع ثقافي مصري في الرابع عشر من مايو الجاري في معرض الفنون الصينية ببكين. ويستغرق هذا الأسبوع الثقافي على التوالي في المدن الثماني أربعة عشر يوما ويعقد تحت رعاية وزارتي الثقافة الصينية والمصرية وشركة مجموعة الثقافة الخارجية الصينية. وأقيمت وستقام خلال هذا الأسبوع الثقافي نشاطات مختلفة مثل معرض الحرف التقليدية ومعرض الفن التشكيلي وعروض فرقة أوركسترا القاهرة السيمفونية وعروض فرقة الرقص المسرحي الحديث وأسبوع الأفلام المصرية وندوة "تنمية صناعة الثقافة بين مصر والصين". وتقام هذه النشاطات في ثماني مدن صينية وهي بكين وتيانجين وقوانغتشو وشانغهاى وسوتشو وهانغتشو وداليان وشينتشن. وجدير بالذكر أن هذا النشاط هو أول أسبوع ثقافي مصري يقام في الصين وأضخم نشاط ثقافي مصري في الصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين في عام 1956، ويفتح نافذة للشعب الصيني للمعرفة الشاملة والمتعمقة للثقافة المصرية.
وخلال مراسم الافتتاح، قص نائب وزير الثقافة الصيني السيد تشاو وي سوي ونظيره المصري السيد فوزي فهمي قصا شريط افتتاح معلنين بدء هذا الأسبوع الثقافي المصري، كما ألقى كل منهما كلمة افتتاحية حارة. وقال السيد تشاو وي سوي في كلمته:------
تتمتع كل من الصين ومصر بحضارة عريقة في العالم. وساهمت الحضارة المصرية التي خلقها نهر النيل والحضارة الصينية التي خلقها النهر الأصفر مساهمة جليلة في تطور الحضارات العالمية وتقدمها. وافتتحت وزارة الثقافة الصينية عام 2002 مركزا ثقافيا في القاهرة باعتباره أول مركز ثقافي أقيم خارج الصين في القرن الجديد، ونظمت في الوقت نفسه الأسبوع الثقافي الصيني في مصر. وبعد مرور سنتين، استقبلنا في بكين افتتاح الأسبوع الثقافي المصري في فصل الصيف الجميل لنشهد مرة ثانية التمازج والتفاعل بين الحضارتين العريقتين والشابتين في نفس الوقت في أرض يسير فيها النهر الأصفر.
وأشاد الدكتور فوزي فهمي عاليا خلال كلمته بعلاقات الصداقة وثمار التعاون الثقافي بين مصر والصين، وحول إقامة أول أسبوع ثقافي مصري في الصين، قال الدكتور فوزي فهمي: ------
وخلال هذا الأسبوع الثقافي، سيتمتع الزوار في بكين وشانغهاى وسوتشو ب127 عملا فنيا أبدعها الفنانون المصريون، حيث عرض في معرض الحرف التقليدية 67 عملا فنيا متنوعا مثل عدد من الخيام ذات الطابع العربي والإسلامي وقطع من النحاس المنقوش المطعم بالفضة وأعمال خشبية مطعمة بالصدف والسجاد المرسوم والمعلقات، ويشمل معرض الفن التشكيلي 60 عملا فنيا مثل الأعمال الفنية حول اللوحات الزيتية والرسم وأعمال فن الباتيك وأعمال فن الخزف وأعمال فن صباغة المعادن. ولم يساعد هاذان المعرضان المشاهدين الصينيين على التعرف بتاريخ مصر العريق وملامحها الخاصة وحضارتها العميقة فحسب، بل مكن المشاهدين من التمتع بأعمالها الفنية الحديثة مثل الرسوم والنحت والتي تتمتع بقوة فنية جذابة وألوان بهيجة جميلة وأعمالها الفنية التقليدية ذات الطابع المصري البارز. وفي معرض الفنون الصينية ببكين، وجد مراسل اذاعتنا شابا كان يشاهد العروض بدقة وقال هذا الشاب لمراسلنا: ------
لقد رأيت في الماضي من شاشة التلفزيون والصحف الأهرامات المصرية وأعمال النحت المعنية فقط، أما الأعمال الفنية التي تعرض اليوم، فهي شاملة وتجسد الفنون المتنوعة في مصر مثل اللوحات الزيتية وأعمال فن الخزف والزينة، فأعتقد أن هذا المعرض أطلعني على مزيد من الثقافة المصرية.
ما استمعتم قبل قليل هو مقطوعة موسيقية رائعة قدمتها فرقة أوركسترا القاهرة السيمفونية. وتأسست هذه الفرقة عام 1959 وتضم 96 عضوا وبدأت تقيم حفلاتها في أوبرا القاهرة منذ عام 1994 وكانت قد قدمت عروضا في لبنان وتونس وألمانيا والنمسا وفرنسا وحققت نجاحا كبيرا خلال عرضها في فيينا. وخلال الأسبوع الثقافي المصري، قدمت فرقة أوركسترا القاهرة السيمفونية عددا من السيمفونيات العالمية إضافة إلى مقطوعات موسيقية مصرية في خمس مدن صينية وهي بكين وتيانجين وقوانغتشو وشنتشن وداليان حيث عزفت لمستمعيها الصينيين موسيقى خاصة من مصر.
تأسست فرقة الرقص المسرحي الحديث المصرية عام 1993 وتعد أول فرقة تقدم عروضا مسرحية حديثة في العالم العربي. وخلال هذا الأسبوع الثقافي، قدمت هذه الفرقة للمشاهدين في بكين وتيانجين وداليان وسوتشو عددا من العروض المميزة الحديثة منها حلم نحات والمومياء وبعض البورتريهات للفرقة. أما الرقص الشرقي ذو الخصائص الثقافية المصرية والعربية والموسيقى والأزياء والتشكيلات المميزة فنالب إعجاب المشاهدين الصينيين وحظيت عروض هذه الفرقة بترحيب حار منهم. وفي أوبرا تيان تشاو ببكين قالت طالبة تدرس حاليا في كلية الفنون بجامعة المعلمين ببكين قالت بعد مشاهدتها العروض لمراسلنا: ------
كنا نعرف الفنون المصرية القديمة فقط، ولا يعرف معظم الناس الفنون المصرية الحديثة. ولكننا عرفنا عبر ما عرضته فرقة الرقص المسرحي الحديث المصرية عرفنا الماضي والحاضر لهذه الحضارة المصرية. وذلك مفيد جدا بالنسبة لي!
والنشاط الآخر الذي أقيم خلال الأسبوع الثقافي المصري وجذب اهتمام المشاهدين الصينيين هو أسبوع الأفلام المصرية الذي أقيم في مدينتي بكين وهانغتشو. إن حجم إنتاج الأفلام في مصر كبير جدا وتحتل الافلام المصرية ثلاثة أرباع إجمالي عدد الأفلام العربية، لذلك تسمى مصر ب " هوليوود العالم العربي" (. وعرضت تسعة أفلام مصرية في بكين وهانغتشو خلال الفترة من 15 إلى 19 مايو الجاري. وهذه الأفلام التسعة تشمل أربعة أفلام تجارية هي "النوم في العسل" و"ضحك ولعب وجد وحب" وحدوته مصرية" و"ليلة ساخنة" وخمسة أفلام وثائقية هي "انجى أفلاطون" و"مسجد الرفاعي" و"صائد الدبابات" و"أفاق" و"حكيم سانت كاترين". وعرضت هذه الأفلام في الصين محتفظة بلغتها العربية الأصلية وترجمتها المطبوعة باللغتين الصينية والإنجليزية وأسعار التذاكر رخيصة، لذلك حظيت هذه الأفلام بمحبة المشاهدين الصينيين.
ولم تجذب مختلف النشاطات التي أقيمت خلال هذا الأسبوع الثقافي عددا كبيرا من المشاهدين الصينيين فحسب، بل شارك عدد غير قليل من المصريين المقيمين في الصين في هذه النشاطات. وقال السيد مصطفى العشماوي موظف السفارة المصرية لدى الصين لمراسل اذاعتنا: ------
وعلاوة على ذلك، أقيمت خلال هذا الأسبوع الثقافي ندوة "تنمية صناعة الثقافة بين مصر والصين" خلال يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين في بكين بحضور عدد من الخبراء المصريين في مجالات الثقافة والإعلام والإنتاج التلفزيوني والسينمائي والحفاظ على التراث والطباعة والنشر والسياحة حيث طرحوا خلال هذه الندوة التجربة المصرية في تطوير هذه المجالات والرؤية المصرية لآفاق التعاون المشترك بين مصرو الصين في هذه المجالات وتبادلوا الحوار والنقاش مع مسؤولي عدد من الجهات والمؤسسات الصينية المعنية لبحث سبل تنمية صناعة الثقافة بين البلدين من خلال مشاريع ورؤى عملية قابلة للتطبيق.
خلال فترة إقامة هذا الأسبوع الثقافي المصري، بعث الرئيس المصري حسني مبارك خصيصا برسالة إلى الشعب الصيني، وتلا السفير المصري لدى الصين السيد علي حسام الدين الحفني هذه الرسالة في مؤتمر صحفي عقد عشية افتتاح هذا الإسبوع الثقافي: --------
قال الرئيس المصري حسني مبارك في رسالته أن تفعيل آليات التواصل والحوار بين الثقافة الصينية وبين الثقافات الأخرى يؤكد بلا شك استمرار جهود التفاهم والمشاركة ولانفتاح في صياغة حاضر البشرية ومستقبلها، استنادا إلى السلام والعدل والتقدم، لقد رحب الشعب المصري وأقبل على افتتاح المركز الثقافي الصيني بالقاهرة باعتباره إحدى الآليات التي تنتج فهما يقظا لأداء أكبر في حوار الثقافات والذي تؤكده دورات اللقاءات في البلدين لنماذج من إبداعات الثقافتين ولفترات تسمح بالتعرف والاستيعاب والتفاعل، التي تتولى تنسيقها وزارتا الثقافة في الصين ومصر، إيمانا بأن تعدد الرؤى يخرج بالعالم من مأزق التسلط والتعصب والإرهاب.
إن الأسبوع الثقافي المصري الذي يقام لأول مرة في الصين أثار تيارا ساخنا للثقافة المصرية. وما زالت بعض نشاطات هذا الأسبوع الثقافي تقام حاليا في عدد من المدن الصينية، ونتمنى هنا لهذا الأسبوع الثقافي النجاح والتوفيق، كما نأمل في أن يقيم البلدان الصيني والمصري مزيدا من التبادلات الثقافية المماثلة لتعزيز أواصر الصداقة بين البلدين وتعميق التعارف بين شعبيهما.