ان مدينة سوتشو مدينة ثقافية تقع بشرق الصين ويمتد تاريخها لاكثر من الفين وخمسمائة سنة . واطلق عليها الصينيون باسم "فردوس الدنيا" .
وتشتهر مدينة سوتشو ببساتينها التقليدية الطزار حيث تم الحفاظ على اكثر من ستين موقعا بصورة جيدة داخل هذه المدينة القديمة وتسعة منها تم ادراجها ضمن قامئة التراث العالمى التابعة لمنظمة اليونسكو . وفى شهر يونيو الحالى ، ستعقد الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر التراث العالمى فى مدينة سوتشو حيث ستعرض بصورة شاملة حضارة مدينة سوتشو العريقة وجذابيتها الثقافية المتميزة .
ان مدينة سوتشو القديمة بدأ بناؤها من عام 514 قبل الميلاد. وقد اعجب الناس بمقر مدينة سوتشو القديم الذى لم يتغير ابدا برغم مرور اكثر من الفين وخمسمائة سنة وتعرض لحروب وكوارث لا تحصى . حيث ما زالت تحافظ على تصميمها السابق من حيث الاساس .
تقع مدينة سوتشو فى دلتا نهر اليانغتسى الصينى الخصبة الاراضى والمعتدلة المناخ والسهلة المواصلات. وفى القرن الرابع من العهد الاقطاعى، اختار عدد كبير من المسؤولين الحكوميين والشخصيات المشهورة مدينة سوتشو لتعمير البساتين ليعيشوا فيها بعد تقاعدهم . وفى الفترة ما بين اسرتى تشينغ ومينغ الملكيتين الصينيتين، اصبح فن تعمير البساتين اكثر نضجا حيث ظهر عدد كبير من الفنانين المختصين فى تعمير البساتين ومجموعة من البساتين الممتازة التقليدية الطزار.
قال السيد شيو ون تاو مدير مصلحة بساتين بمدينة سوتشو ان معظم بساتين سوتشو تابع لافراد . ورغم ان مساحتها محدودة نسبيا ، ولكن الفنانين زينوها بالجبال الاصطناعية وزراعة الاشجار وتعمير الابراج والمقصورات والجسور المستنقعات الصغيرة و غيرها ، مما شكل لوحة جميلة جسدت جاذبية الفنون فى كل مكان. اذ قال: " بساتين مدينة سوتشو التقليدية الطراز تتكون دائما من قسمين.
القسم الاول هو المنزل والقسم الاخر هو الحديقة . ويمكن القول ان مبانى المنزل
هى خلاصة رائعة للفنون المعمارية التقليدية بجنوب الصين. اما قسم الحديقة ، فيعتبر نموذجا يمثل فى انسجام البشر والطبيعة . فيمكن ان تلمس بوضوح ان الفنون التصميمية استمدت من الطبيعة وتفوقت عليها . مع ان هذه الحديقة محدودة المساحة ، لكن يمكن معرفة تغيرات الفصول الاربعة فى العالم الخارجى. "
بساتين مدينة سوتشو تلقب بالقصائد الصامتة والرسومات الثلاثة الابعاد. " ولقيت اساليب تصميمها تقديرا من لجنة التراث العالمى . وفى عام 1997 ، تم ادراج بساتين "تشو جينغ " و " وانغ شي" و" ليو يوان و"شي زى لين" ضمن قائمة التراث العالمى . وبعد ذلك تم ادراج مقصورة تسانغ لانغ و اربعة مواقع اخرى ضمن هذه القائمة ايضا.
بستان "وانغ شى" الواقع فى جنوب شرقى مدينة سوتشو من اشهر بساتينها و ورغم ان هذا البستان يحتل اقل من هكتار واحد من حيث المساحة فقط، ولكن عددا كبيرا من السياح يحبون المجيء الى هنا للتمتع بجماله. كما يمكن للسياح التجول داخل بستان "وانغ شى" فى الليل لمشاهدة البرامج الثقافية المحلية التقليدية بالاضافة الى التمتع بمناظره السحرية .
الخصائص المعمارية لبستان "وانغ شى" هى غرفة الاستقبال فى القسم الامامى وغرفة النوم وغرفة الراحة فى القسم الخلفى. وجدير بالذكر ان مساحة الحديقة الخلفية لبستان "وانغ شى" صغيرة ، ومركزها هو حوض المياه المشيدة عليه جسور صغيرة ومقصورات صغيرة مختلفة الاشكال ، وتصميمها دقيق للغاية ، الامر الذى يجعل الناس يشعرون بان جبالا وانهارا مترامية ومبانى متراكمة داخل هذه المساحة الصغيرة .
المعلم الشاب غلين فينتش جاء من استراليا وقال لمراسل اذاعتنا بسرور:
"بساتين مدينة سوتشو مكان جميل للغاية ومناسب للراحة ويمكننا التمتع فيها بعمق الثقافة التاريخية الصينية العريقة والمتعددة المضامين. "
زار توماس نوريس من الولايات المتحدة مدينة سوتشو ثلاث مرات. وقال انه وجد ان شعوره مختلف فى كل مرة . اذا قال :
" انى احب هذه البساتين لانها هادئة للغاية وخاصة انه يمكننا الاستماع الى مزيد من الموسيقى الصينية الكلاسكية . وجئت الى هنا للتعرف عليى الثقافة الصينية التقليدية . وانها موجودة هنا فى كل مكان بالضبط. "
نعتقد ان انطباعات هؤلاء الزوار عن بساتين مدينة سوتشو تعكس الى حد ما نفس انطباعات اعضاء لجنة التراث العالمى عن هذه البساتين التقليدية الطراز المبنية خلال الفترة ما بين القرن السادس عشر والثامن عشر ، لان هذه البساتين لا تشتهر بتصاميمها الدقيقة الرائعة فحسب، بل تجسد مفاهيم عميقة عن الثقافة الصينية تتثمل فى "الاستمداد من الطبيعة والتفوق عليها " ايضا.