تقع الحديقة الملكية شمال الأجنحة الثلاثة الداخلية. وتبلغ مساحتها إثني عشر ألف متر مربع، حيث أشجار الصنوبر والسروة وأزهار نادرة وأحجار غريبة الأشكال وجبال ونهيرات اصطناعية ونحو عشرين مقصورة وجوسقا وعلية إضافة إلى أكثر من مائة وستين شجرة قديمة تتجاوز أعمار معظمها ثلاثمائة سنة. وتوجد في الحديقة خمسة أماكن سياحية: في الوسط جناح تشين آن وإلى الشرق علية جيانغ شيوه وجبل دوي شيو وإلى الغرب مقصورة يانغ شينغ ومقصورة يان هوي.
إن جناح تشين آن هو المبنى الرئيسي في الحديقة الملكية. ويعتبر باب "تيان يي" الباب الرئيسي للجناح. يقع الباب على الخط المحوري للقصر الإمبراطوري، واقتبس إسمه " تيان يي " من كتاب "يي جينغ" للتنجيم ويعني توفير المياه ويقصد بهذا الإسم كبح الحرائق. ويعتبر جناح تشين آن أفضل مبنى حفظا من عهد أسرة مينغ الملكية، ويرجع تاريخه إلى ما قبل خمسمائة سنة. يقع الجناح في وسط الحديقة الملكية وهو خاص لعبادة آلهة شوان وو -- آلهة الماء. وفي اليوم الأول من كل سنة بالتقويم القمري الصيني، يأتي الإمبراطور إلى هنا لتقديم القربان إلى آلهة شيوان وو متضرعا إليها لحماية القصر الإمبراطوري من الحرائق.
هناك شجرة غريبة وسط فناء الجناح، وهي في الحقيقة شجرتان، واحدة منهما شجرة صنوبر والأخرى شجرة سروة تتداخل أغصانهما في بعضها البعض. وعمر هذه الشجرة أكثر من ثلاثمائة سنة. على فكرة، ينظر الصينيون إلى مثل هذه الشجرة كرمز لزوجين سعيدين. حسنا، لنواصل الزيارة في أماكن أخرى بالحديقة.
إن مقصورة يانغ شينغ في الحديقة الملكية مبنى ذا طابقين، وتتوازى مع علية جيانغ شيوه في الطرف الجنوبي الشرقي من حيث التوزيع المعماري. وسبق لبو يي- آخر أباطرة أسرة تشينغ أن تعلم هنا اللغة الإنجيلزية. وكان مدرسه في اللغة الإنجيلزية يعرف كثيرا عن الصين فهو خبير في التاريخ الصيني وتكلم اللغة الصينية بطلاقة، وكان قد حصل على درجة الماجستير في الأدب من جامعة أكسفورد البريطانية واسمه بالصينية جوانغ شيدون. وإلى جانب اللغة الإنجيليزية كان يعلم بو يي معارف أخرى، الأمر الذي ترك آثارا عميقة لدى بو يي.
وكان أباطرة أسرة تشينغ دائما ما يتنزهون في الحديقة الملكية ويؤلفون الشعر عندما تتوفر لديهم المشاعر والأحاسيس المناسبة. فيكتبون الشعر في مقصورة يان هوي. وكان الأباطرة تشيان لونغ وداو قوانغ وشيان فونغ من أسرة تشينغ يترددون على هذه المقصورة.
كما جرت في مقصورة يان هوي في عهد أسرة تشينغ عمليات ترشيح الحظايا. وحسب قوانين أسرة تشينغ، تجرى عملية ترشيح الحظايا مرة كل ثلاث سنوات، حيث تصدر وزارة الشئون المدنية تعميما بهذا الشأن إلى جميع أقاليم البلاد. وغالبا ما تختار الحظايا من بنات قبيلة الأسرة الملكية أو ما تسمى الأعلام الثمانية وتستثنى منهن بنات الأميرات، وتتراوح أعمارهن بين الرابعة عشرة والسادسة عشرة. وتدخل هذه البنات المختارات إلى القصر الإمبراطوري من بوابة شن وو بقيادة خصي ويصلن إلى مقصورة يان هوي حيث يقفن في طابور انتظارا للاختيار. وإذا نجحن في هذا الاختيار يصبحن "دا ينغ" وسيرقى البعض منهن إلى درجات أعلى من الحظايا في المستقبل، ويتزوج بعض آخر منهن أقرباء الأمبراطور. كانت الإمبراطورة الأم تسي شي المعروفة لدينا قد بدأت مشوارها في القصر الامبراطوري من هذا المكان وارتقت من مرشحة للحظايا إلى إمبراطورة أم احتكرت كل سلطات البلاد في أواخر عهد أسرة تشينغ الملكية.
إن جبل دوي شيو جبل اصطناعي. ويوجد على قمة الجبل جوسق يوه جينغ، وهناك سلم على جانبي الجبل الشرقي والغربي يؤدي إلى الجوسق. كل سنة وبمناسبة عيد تشونغ يانغ الموافق التاسع من الشهر التاسع بالتقويم القمري الصيني، يتسلق الإمبراطور برفقة حظاياه هذا الجبل ويطل من الجوسق على المناظر الجميلة.
يوجد في منتصف أسفل الجبل باب صغير، وعلى كل من جانبي الباب الصغير الشرقي والغربي نافورة. ويحكى أن القصر الإمبراطوري كانت لا توجد فيه مواسير مياه، وضعت خابيتان كبيرتان في وسط الجبل، متصلتين بقناتين صغيرتين تتصلين بالنافورتين، تتدفق المياه من وسط الجبل إلى أسفله وتنبعث أخيرا من فمي النافورتين. تتخذ النافورة شكل التنين – حيوان طائر ينزل المطر في الأساطير الصينية القديمة.
صنع جبل دوي شيو من أحجار مأخوذة خصيصا من بحيرة تاي بجنوب البلاد، تتنوع أشكال الأحجار، ويشبه بعضها الحيوانات: البقر والدجاج والقرود والخيول.
تقع علية جيانغ شيوه جنوب شرقي الحديقة، واعتاد أباطرة أسرة تشينغ على الراحة والاستجمام هنا للقراءة أو تأليف الشعر. أمام العلية مصطبة، حيث كانت تزرع أشجار التفاح الشرقي التي يكون لون زهورها المتفتحة حديثا أبيض ويميل إلى البنفسجي. وكان الإمبراطور تشيان لونغ قد ألف شعرا وصف فيه زهور التفاح الشرقي بأنها الثلوج البنفسجية. اقتبس اسم هذه العلية " جيانغ شيوه " من هذا الشعر ومعناه الثلوج البنفسجية.