جدار التنانين التسعة
يدل اسم مقصورة السهام على أن هناك علاقة بينه وبين السهام. إن قومية مان الصينية كانت قومية بدوية قبل دخولها لمضيق شان هاي قوان وكان أبناؤها يجيدون فنون الفروسية والرماية. وحتى فترة تشيان لونغ كانت قد مضت أكثر من مائة سنة على دخول أسرة تشينغ الملكية لمضيق شان هاي قوان، وأصبح أبناء الألوية الثمانية الذين كانوا شجعانا في القتال لا يعرفون الا اللعب. فقلق الامبراطور تشيان لونغ كثيرا، وبنى مقصورة السهام هذه. وفي نفس الوقت أمر بنقش أوامره على نصبة داخل الجناح لحث أحفاده على المثابرة على التدريب والالتزام بالقوانين.
إن مقصورة السهام كانت مكانا لإقامة امتحانات المهارات القتالية في عهد أسرة تشينغ الملكية. وأثناء الامتحانات كان يحضر الى هنا الأباطرة بأنفسهم لمشاهدة الرماية. ومن أجل تسهيل المشاهدة بنيت على المقصورة نوافذ مفتوحة شمالا وجنوبا. ولم تكن المقصورة مكانا لامتحانات المهارات القتالية فحسب، بل كان الامبراطور تشيان لونغ يقيم المآدب فيها أيضا لأمراء ووزراء الأقليات القومية. وفي فترة قوان شوي أُلغيت امتحانات المهارات القتالية، ولم تستخدم مقصورة السهام منذ ذلك الحين.
في القصر الإمبراطوري جدار جدار خاص قبالة باب هوانغ جي، اسمه جدار التنانين التسعة، وهو أحد المعالم الأثرية المشهورة بالقصر الامبراطوري، يتكون هذا الجدار من أكثر من مائتين وسبعين قرميد مطلي بالمينا، ويبلغ طوله تسعة وعشرين مترا وأربعة أعشار متر وارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف، وتم إنشاؤه في فترة حكم الامبراطور تشيان لونغ.
تجدر الإشارة إلى أنه يوجد الآن أربعة جدران قديمة من هذا النوع بالصين، وفضلا عن هذا الجدار الذي أمامنا، هناك ثلاثة جدران أخرى في مدينة داتونغ وجبل وو تاي بمقاطعة شانشي وحديقة بي هاي ببكين، وإن هذا الجدار داخل القصر الامبراطوري يعدّ أجملها.
إن التنين حيوان خيالي أبدعه أجداد الأمة الصينية وظهر قبل ستة آلاف أو سبعة آلاف سنة. وفي عهد أسرة هان قبل أكثر من ألفي سنة رأى الامبراطور ليو بانغ أن أمه أنجبته من التنين، ومنذ ذلك الحين وُصف التنين بأنه ابن السماء. ورأى الصينيون القدامي أن أرقام "واحد" و"ثلاثة" و"خمسة" و"سبعة" و"تسعة" أرقام شمسية، وإن رقم "تسعة" أكبرها، ورقم "خمسة" أوسطها، لذلك أصبحا رقمين يستخدمهما الأباطرة دائما كرمز لمكانتهم. وعليه، تفضل كثير من المباني ورسومات التزيين بالقصر الامبراطوري رقم "تسع"، وبالنسبة إلى الجدار، فلا بد من وجود تسعة تنانين عليه. وإن التنانين على الجدار متنوعة الأشكال ونابضة بالحياة والقراميد لامعة. ولكن هناك قرميدا باهت اللون على هذا الجدار. قيل إن عاملا كسّر قرميدا عن غفلة. وهذا أمر لا يستهان به، اذ إن كل قرميد مختلف عن الآخر، وإن تكسير قطعة من القراميد يعني ضرورة إعادة صنع جميع القراميد، وذلك لا يكلّف أموالا كثيرة فحسب، بل يضيّع الوقت أيضا. واذا عرف الامبراطور، قد يعاني جميع العاملين محنة، لذلك نحت العاملون قرميدا من خشب شجرة العُنّاب حسب شكله الأصلي، وطلوه بالدهان الأبيض وخلطوا بذلك الزائف بالحقيقي. ومع مرور الأيام ظهر الشكل الحقيقي لهذه القطعة من الشجرة. هذه حكاية فقط. قد مرت أكثر من مائتي سنة على هذا الجدار حتى الآن، وأفادت تحليلات أن هذا القرميد ربما قد تكسّر في فترة ما، وبسبب عدم صنع بديل له، فتمّ استبداله بالخشب مؤقتا الى يومنا هذا.