العازف الكرواتي الشاب المشهور على البيانو ماكسيم وموسيقاه الرائعة
قبل أيام أنهى نجم جديد في وسط عزف البيانو اسمه ماكسيم من عروضه الفنية في اليابان وكوريا الجنوبية وسينغافورة وماليزيا والفيلبين واندونيسيا، وجاء الى بكين، المحطة الأخيرة من جولته الفنية في آسيا، وأحيى حفلتين موسيقيتين بعنوان:"البيانو المجنون لعام 2004"، وحقا ذهب عشّاق الموسيقى ولا سيما الشباب مجنون له. وتستمعون الآن الى مقطوعة بعنوان:"كونتشرتو لبيانو جرييج في A الصغير". يعزفها مكسيم بأسلوب يزاوج بين الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى البوب الحديثة، مما جعل المقطوعات التقليدية المعزوفة على البيانو حماسية ومتحررة ومفعمة بحيوية شباب العصر الحالي. ولذلك يلقبه الناس ب"ثوري البيانو". ولنستمتع الآن ب"الرابسودي على موضوع باجانيني الرئيسي".
ولد مكسيم عام 1975 في كرواتيا، ودرس عزف البيانو في السنة التاسعة من عمره وعرض عزفه على خشبة المسرح في نفس السنة وأبدى موهبته المذهلة موسيقيا. وخلال الحرب الأهلية في كرواتيا عام 1990 حوصر مكسيم في مخزن تحت الأرض لثمانية أيام، وثابر على التدرّب على العزف لسبع ساعات كل يوم، وأقام حفلة موسيقية رغم خطر نيران الحرب. وفي عام 1993 فاز مكسيم بالجائزة الأولى في منافسة عزف البيانو بيوغسلافيا، ثم التحق بمعهد ليست الموسيقي ببودابست للمزيد من الدراسة الموسيقية، وانتقل الى باريس عام 2000. وتعاقد مع شركة EMI التسجيلية، ثم أصدر أول ألبوم له بعنوان:"عازف البيانو"، وأثار صدى كبيرا في أنحاء العالم وخاصة في المناطق الآسيوية. وبذلك أصبح نجما كبيرا يتجاوز حدود القارات.
يتقن مكسيم عزف المقطوعة المشهورة بعنوان "رقص النحل البري"، التي تحكي قصة أمير تحوّل الى نحل بري يرقص ويلدغ الناس المكروهين. يعزفها مكسيم بأسلوب حديث وحماسي جدا على بأصابعه المتحررة والسريعة مثل الإعصار، وينقل المستمعين الشباب الى عالم جديد من الموسيقى الكلاسيكية الحديثة. وقال مكسيم، إنه يجرّب أساليب جديدة مختلفة لعزف الموسيقى الكلاسيكية، ويحاول أن يتجاوز الحدود بين مختلف أنواع الموسيقى ويزيل الحواجز بين الشباب والموسيقى الكلاسيكية.
وفي الحقيقة لم يهمل مكسيم في عزفه عناصر الموسيقى الكلاسيكية الاساسية أبدا رغم أنه أضفى عليه عوامل موسيقية حديثة كثيرة. وبالنسبة له، فإن أسلوب الموسيقى ليس سوى طريقة لإبراز الجو الموسيقي للعزف فقط، ويتمنى أن يتذوق المستمعون جمال الموسيقى الكلاسيكية عن طريق عزفه الحديث والمتجدد.
آلة بي با الوترية الصينية التقليدية ومقطوعات معزوفة عليها
تستمعون الآن الى مقطوعة معزوفة على آلة بي با الوترية الصينية بعنوان:"الثلج الأبيض والربيع المشرق". يرجع تاريخ هذه الآلة الى أسرتي تشين وهان الملكيتين في القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد. وفي ذلك الوقت كان "بي با" اسما عاما لجميع الآلات الوترية النقرية، وأيضا يعني حركتين لإصبعي اليد اليمنى عندما تنقر الأوتار. وفي فترة الأسر الجنوبية والشمالية قبل ألف وخمسمائة سنة جلب بعض التجّار من الشرق الأوسط آلة العود العربية الى الصين، وغيّرها الصينيون حتى أصبحت آلة بي با الخاصة. وفي تاريخ الصين، كانت أسرة تانغ الملكية قبل أكثر من ألف سنة فترة تطورت فيها آلة بي با تطورا عاليا حيث عزفت في كل أنحاء الدولة من القصور الملكية الى المقاهي، وكثرت المقطوعات المعزوفة عليها أيضا وعبرتّ هذه المقطوعات عن مختلف المواضيع.
شكل آلة بي با شكل نصف إجاص مقطوع من الوسط، وبطن الإجاص علبة الصوت للآلة، وعلى سطحها علامات لتحديد طبقات الصوت وأربعة أوتار. وطرف الآلة دقيق الصنع، دائما منحوت على شكل أشياء محبوبة لدى الصينيين مثل رأس التنين أو ذيل العنقاء. وعادة يجلس العازف عندما يعزف عليها، ويحمل آلة بي با عموديا بذراعيه، ويضغط الأوتار بيده اليسرى وينقر الأوتار باليد اليمنى، وتبدو وضعية العزف أنيقة جدا.
إن آلة بي با مدى صوتها واسع وأنغامها متغيرة وفن عزفها معقّد ومتنوع، مما يمنحها قدرة عالية على التعبير عن مختلف المشاعر أو تصوير مختلف المشاهد. وتستمعون الآن الى مقطوعة معزوفة على آلة بي با بعنوان:"جنود الكمين من كل الجهات". تصف المقطوعة معركة مشهورة حدثت في عام 202 قبل الميلاد. ويرسم العازف مشاهد جياّشة كاسحة في المعركة بالإيقاعات المتغيرة والمعقدة.
ومرت آلة بي با بمسيرة تطور خلال سنوات طويلة. وفي أوائل القرن العشرين، قام الموسيقار الصيني ليو تيان هوا بإصلاح آلة بي با بجرأة، وبعد هذا الإصلاح استطاعت آلة بي با أن تعزف حسب مقاييس النغمة الصينية وتعزف حسب مقاييس النغمة الغربية. وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية تطورت هذه الآلة كثيرا حيث أصبحت آلة مهمة في الأوركسترا شعبية صينية بالإضافة الى مكانته كآلة ممتازة للعزف المنفرد.
وفي السنوات الأخيرة، أبدع بعض الموسيقيين الصينيين كونتشرتوات بآلة بي با عبر ادخال هذه الآلة الصينية التقليدية في الأوركسترا غربية، مما جعل آلة بي با أكثر جاذبية بمصاحبة السيمفونية. وتستمعون الآن الى كونتشرتو بآلة بي با بعنوان:"الملك ينزع درعه". تصف هذه المقطوعة نفس المعركة التي وصفتها المقطوعة السابقة، بل تركز هذه المقطوعة على التعبير عن حزن وغضب الملك بعد فشل جيشه.