مدرب المنتخب العراقي عدنان حمد
تجري حاليا في أربع مدن صينية نهائيات كأس آسيا لكرة القدم. والى جانب المنتخب الصيني لقي المنتخب العراقي إهتماما بالغا وترحيبا خاصا من قبل عشاق كرة القدم الصينيين، وزار مراسل إذاعتنا قبل أيام مدرب المنتخب السيد عدنان حمد وتحدث معه حول المنتخب العراقي وعن الوضع الراهن في قطاع الرياضة العراقي.
في الوقت الذي جرت فيما إحدى مباريات نهائيات كأس آسيا لكرة القدم للعام الحالي في ملعب لونغ تشوآن بمدينة تشينغدو بين المنتخب العراقي والمنتخب التركماني كان كثير من عشاق كرة القدم الصينيين يهتفون بصوت عال تشجيعا لاعضاء المنتخب العراقي فيتساءل كثير من الناس: لأي سبب لقي المنتخب العراقي هذا الترحيب الخاص الذي غالبا ما يتمتع به منتخب الدولة المضيفة ؟ فقال أحد العشاق الصينيين إن هذا يرجع أولا الى القدرات الممتازة لأفراد المنتخب العراقي ومهارتهم الفنية الرائعة خلال اللعب، والسبب الثاني هو أن العراق يمر الان بحرب ألحقت به وبشعبه خسائر فادحة، ولكن هذا المنتخب تغلّب على صعوبات عديدة بجهوده الجبارة وشجاعته الكبيرة ودخل بقدرته الى نهائيات كأس آسيا لكرة القدم، فلقي هذا بذاته إعجابا وتقديرا من عشاق كرة القدم الصينيين.
عدنان حمد مدرّب المنتخب العراقي لكرة القدم وجيه في أنظار كثير من الناس، وقابله مراسل إذاعتنا في مقر إقامته بفندق في مدينة تشونغتشينغ، وأجرى معه حوارا حول كرة القدم في العراق، وعبّر عدنان أولا عن شكره لعشاق كرة القدم الصينيين على دعمهم وتشجيعهم للمنتخب العراقي في المباريات حيث قال :
" نشكر الاصدقاء الصينيين شكرا جزيلا على دعمهم للمنتخب العراقي، وسنبذل أقصى جهودنا لتحقيق الفوز الذي نعتبره خير شكر للاصدقاء الصينيين .... "
وجد مراسلنا أن وراء إبتسامة على وجه عدنان شيئا من القلق والحنين، وفسّره عدنان قائلا إنه يشتاق الى أفراد عائلته في العراق وخاصة زوجته وأولاده الاربعة. ثم أخرج من جيبه صورة لافراد عائلته، حيث ترى بنت صغيرة محبوبة تقف أمام باب بيتها تبدو في عينيها نظرة مليئة بالتطلع والامل. وبعد أن أعاد عدنان الصورة الى جيبه تحدث لمراسلنا عن الوضع الراهن داخل بلاده :
" كما عرفتم أن العراق ما زال حاليا تحت احتلال الجيش الامريكي البريطاني ويعاني شعبنا من أزمات ومشاكل عديدة ، ويعيش الان في ظروف سيئة للغاية بدون أي إستقرار وأمن ... "
من المعروف أن المنتخب العراقي لكرة القدم كان في فترة ما أحد الاقوياء في آسيا. ودخل الى نهائيات كأس العالم لكرة القدم في عام 1986. غير أنه منذ فرض الامم المتحدة الحصار على العراق بعد حرب الخليج عام 1991 إنخفض مستوى معيشة الشعب العراقي إنخفاضا سريعا، ونتج عن الحصار تأثير كبير أيضا على رياضة كرة القدم في العراق، وقد أصيبت بالشلل التام بسبب الحرب في العام الماضي. وتعتبر الان مشاهدة مباراة لكرة القدم بالنسبة الى المواطنين العراقيين أمرا ضمن آمالهم الخيالية. وعند حديثه عن الوضع الراهن لرياضة كرة القدم في العراق يساور السيد عدنان قلق شديد، وقال:
" ترك الاحتلال الامريكي تأثيرا كبيرا على رياضة كرة القدم في بلدنا، حيث لا يمكن حتى الان إستئناف تنظيم المباريات الدورية الداخلية لكرة القدم والمياريات الاخرى بسبب تدمير كثير من الملاعب والمنشآت الرياضية إضافة الى مسألة الامن. وكانت هناك مباريات لكرة القدم على أربعة درجات تجري بشكل دوري في العراق أما الان فلا يمكن تنظيم أية مباراة منها .... "
وإستطرد عدنان قائلا: إن العاملين في قطاع رياضة كرة القدم في العراق يعملون الان على إنهاض هذه اللعبة داخل البلاد. وهدفهم الاول هو إعادة تشكيل المنتخب الوطني. ورغم قسوة الوضع الداخلي في العراق لكن المنتخب العراقي لكرة القدم يستطيع الان أن يشارك في بعض المباريات الدولية بمساعدة من داخل البلاد وخارجها. وقال عدنان إنه تولى منصب مدرّب المنتخب الوطني العراقي في ظروف كانت في غاية الصعوبة والقسوة. ورغم أن راتبه غير كبير ولكنه يرى أن عمله واجب مقدس عليه. وقال عدنان إن الوضع قد شهد الان تحسّنا بعض شئ حيث قدّم كل من المجلس الاولمبي العراقي واتحاد كرة القدم العراقي دعما ومساعدة لاعادة تشكيل المنتخب الوطني لكرة القدم وتطويره .
وبفضل هذه المساعدة إنتصر المنتخب العراقي على المنتخب السعودي وحصل على بطاقة التأهل الى نهائيات كرة القدم في الدورة الاولمبية في أثينا عام 2004. وأدخل هذا الفوز سرورا بالغا وفرحا شديدا في قلوب أبناء الشعب العراقي. أما البطل الذي قاد المنتخب العراقي الى الدخول الى الدورة الاولمبية فهو المدرّب عدنان حمد بذاته، وفي حديثه حول نهوض كرة القدم العراقية من جديد قال عدنان :
" يتمتع المنتخب العراقي بمستقبل مشرق لان لدينا لاعبين ممتازين. كما هناك شباب موهوبون كثيرون في لعب كرة القدم ينتشرون في مختلف أنحاء البلاد وهم قوة إحتياطية للمنتخب الوطني. ويحب الشعب العراقي كرة القدم حبا كبيرا. وعندما تأهلنا الى الدورة الاولمبية كاد أن يخرج جميع العراقيين من بيوتهم ويحتفلون بهذا النصر في الشوارع. وإن دلّ ذلك على شئ فإنما يدلّ على أن كرة القدم في العراق ستنهض من جديد وتتطور بسرعة ... "
وجدير بالذكر أن المنتخب العراقي فاز في يوم زيارتنا هذه على المنتخب التركماني بثلاث أهداف مقابل هدفين. وأشاد داتو بيتر فيلابان/ رئيس الاتحاد الاسيوي لكرة القدم بالمنتخب العراقي بعد المباراة قائلا:
" نعبرعن تحياتنا للمنتخب العراقي لانه حقق نصرا عصيّ التصديق بجهوده الجبارة ودخل بتفوقه الى نهائيات كأس آسيا ونهائيات الدورة الاولمبية في أثينا، وحقق بذلك المجد والشرف لإبناء شعبه ... "
وأعرب عدنان حمد عن سروره أيضا بعد المباراة، وقال إنه سيقدّم هذا النصر هدية الى الشعب العراقي وأكّد أن مسئوليته هى جلب السرور والشرف للعراق والشعب العراقي ...
وأكد عدنان في ختام المقابلة على أن كرة القدم ليست الشئ الوحيد في حياته، وأكبر أمل لديه بصفته مواطنا عراقيا هو إستعادة الامن والاستقرار في العراق وانسحاب الجيش الامريكي منه وعودة الحياة الطبيعية لشعبه.