يحظى أبناء الشعب الصيني بكافة قومياتهم وبمختلف معتقداتهم بدعم ورعاية متساويين من الحكومة المركزية، ويمارس الجميع طقوسهم وتقاليدهم بحرية وبمحض إرادتهم، وتحظى أماكن العبادة لكفاة الأديان بدعم خاص من الجهات المعنية من أجل تهئية الظروف الملائمة للمواطنين لممارسة معتقداتهم بيسر وسهولة. في هذا المقال نسلط الضوء على كنيسة كاثوليكية في مدينة قوانغتشو حاضرة مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، حيث تجري عملية ترميم واسعة لهذه الكنيسة التي يعود تاريخها إلى أكثر من 140 سنة.
تشهد كنيسة الرومان الكاثوليك بمدينة قوانغتشو والتي يطلق عليها اسم "استون هواس" أو المنزل الحجري وهي الأكبر من نوعها في جنوب الصين، تشهد حملة ترميم واسعة النطاق بهدف حماية هذا المعلم التاريخي إضافة إلى السعي لتوفير أجواء مناسبة أكثر راحة وسهولة للكاثوليك في أداء صلواتهم وطقوسهم ولقاءاتهم.
وأكد فانغ شياو وين المسؤول بالحكومة المحلية بالمنطقة التي توجد فيها الكنيسة أن حملة الترميم هذه تهدف إلى جعل هذه الكنيسة التاريخية ذات الطراز الأوروبي مشابهة للكنائس المشهورة بحيث يمكن مقارنتها بكنيسة نوتريدام (Notre-Dame) بالعاصمة الفرنسية باريس.
ومن المتوقع أن تصبح الكنيسة، التي يطلق عليها أيضا "القلب الأقدس"، مزار سياحيا بارزا في قوانغتشو في إعقاب عملية التجديد، حيث يؤمها الكثير من الزوار من داخل الصين وخارجها. وكانت الحكومة الصينية قد أدرجت هذه الكنيسة في أواخر السبعينات من القرن الماضي ضمن قائمة الآثار الوطنية الرئيسية.
وأضاف المسؤول الحكومي المحلي أن المرحلة الأولى من إعادة تجديد الكنيسة تكلف نحو 20 مليون يوان صيني (2.37 مليون دولار أمريكي)، مشيرا إلى أن الكنيسة ساهمت بمبلغ 3 ملايين يوان بينما قدمت الحكومة المبلغ المتبقي.
وستركز المرحلة الأولى من إعادة التجديد على ترميم السقوف والنوافذ والإنارة والممرات والسلالم والجدران الخارجية، بينما تركز المرحلة الثانية على تحسين البيئة المحيطة بالكنيسة.
وقد حظيت حملة الترميم وإعادة التجديد هذه بإشادة واسعة من الكاثوليك والسكان المحليين في المدينة. وقال تشن تسي يانغ وهو كاثوليكي محلي، إن الكنيسة تحتاج فعلا إلى إعادة تجديد لأن منظرها أصبح قديما جدا. واضاف: "إن إعادة تجديدها وإصلاحها يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الصينية لشئون الدينية وجهودها الهادفة إلى تهيئة مناخ أفضل للنشاطات الدينية..."
وأكد تشن الذي اعتاد على حضور الصلوات التي تقام في الكنيسة كل أسبوع قبل بدء مشروع التجديد هذا، أكد أن الكنيسة هي رمز للحرية الدينية في البر الصيني الرئيسي.
وعبر العديد من سكان المنطقة أيضا عن أملهم في توفير حماية أفضل للكنيسة التي تعرض بابها الحديدي للسرقة في مايو عام 2003 ، وأن تتحول إلى نقطة لامعة في المدينة.
يذكر أن بناء هذه الكنيسة امتد من عام 1863 وحتى عام 1888، وتتمتع بتاريخ يعود إلى 140 سنة. وقد صممها معمار فرنسي وكلف بناؤها أكثر من 400 الف فرنك فرنسي في ذلك الحين.
تقع الكنيسة في شارع ييدا المزدهر في حي يوه شيو وتحتل مساحة 2754 مترا مربعا، ويبلغ ارتفاع أبراجها 58.5 متر.
وفي عشرينات القرن المنصرم تم تبديل كافة عوارض ودرجات السقف الخشبي للكنيسة بأخرى من الكونكريت المسلح. وفي الثمانينات، استثمرت الحكومة المركزية أكثر من 150 ألف يوان (18 ألف دولار أمريكي) لاصلاح مرافق الكنيسة.
وتأتي هذه الحملة في إطار السعي المتواصل للحكومة الصينية المركزية والحكومات على مختلف المستويات لمماية الأماكن الدينية لجميع المواطنين والنهوض بمستوى الخدمات المتوفر فيها لتسهيل إقامة الشعائر الدينية في أجواء يسودها الحب والوئام بين أبناء الشعب الواحد.