حديقة فينس بمدينة وو شي
السيد قو يونغ فا أحد سكان ضاحية مدينة وو شي بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين، كان فلاحا عاديا ولكنه أصبح الان مدنيا تماما يسكن في حي سكني جميل بضاحية مدينة وو شي. وكان سكان هذا الحي السكني جميعا فلاحين هاجروا الى هنا من قرية أصبحت اليوم ضمن منطقة إقتصادية إستثمارية حديثة البناء خلال مسيرة المدننة .
إذا زرت بيت قو يونغ فا فستجد أنه لا يختلف عن أي بيت من البيوت في المدن الكبرى حيث الغرف الواسعة النظيفة وزخرفتها الانيقة وإثاثها المتكامل. وقال قو يونغ فا:
كنت فلاحا أزرع الارز والخضروات والعنب وغيرها. وبعد شراء الدولة أرضي بدأت أعمل كمدني في إحدى الشركات العقارية كما تعمل زوجتي الان في إحدى المؤسسات الصناعية. وتحسنت ظروف حياتنا وإرتفع مستوى معيشة عائلتنا بشكل ملحوظ بالمقارنة مع الماضي ...
تعتبر مدينة وو شو إحدى المدن المتطورة إقتصاديا في شرقي الصين، وقدمت مساهمات فعالة عديدة في مسيرة المدننة بالصين. وهناك أكثر من مائة بلدة ريفية إضافة الى مدينتي جيانغ ين و يي شينغ خاضعة جميعا لادارة هذه المدينة، ويبلغ عدد سكان هذه المنطقة أكثر من أربعة ملايين نسمة. وبعد سنوات عديدة من التطور يتجاوز الناتج الفردي لسكان مدينة وو شي حاليا خمسة آلاف دولار أمريكي متفوقا كثيرا على الناتج الفردي الصيني المتوسط والبالغ ألف دولار أمريكي . فالظروف الاقتصادية الممتازة قد أرست أساسا صالحا للتنمية الاقتصادية المحلية المتوازنة بين المدن والارياف في المنطقة. وفي العام الماضي ألغت الحكومة المحلية نظام السجل المدني الذي ما زال ساري المفعول حاليا في كثير من المناطق الصينية ويقسّم الصينيين الى سكان مدن وبلدات وسكان أرياف. الامر الذي حوّل أكثر من مليوني فلاح محلي الى سكان مدن.
السيد فان جين لونغ أحد مسئولي مدينة وو شي. وفي حديثه حول خطة المدننة وتحقيق التنمية المتوازنة بين المدن والارياف في المنطقة قال: إن الفكرة المرشدة لمسئولي حكومة المدينة حول التنمية المتوازنة واضحة وثابتة:
" نطبق الان أستراتيجية تُعرف بإسم استراتيجة تعديل خريطة القطاع الصناعي في المدينة لدفع التنمية الاقتصادية المتوازنة في ثلاث مناطق هى: منطقة مجرى نهر اليانغتسي والمنطقة على جانبي الطرق السريعة والمنطقة المحيطة ببحيرة تايهو"
واستطرد السيد فان يقول إن مدينة وو شي تقع في مجرى نهر اليانغتسي/ أطول نهر في الصين. وتوجد فيها شبكة مواصلات برية ونهرية سهلة يعتمد عليها معظم أعمال النقل للقطاع الصناعي في المنطقة. ونقوم الان ببناء قطاع الصناعة القاعدية في أماكن على إمتداد مجرى نهر اليانغتسي وبناء القطاع الصناعي الحديث في أماكن بجانبي الطرق السريعة وبناء قواعد البحوث العلمية والوحدات التعليمية وأمثالها في أماكن حول بحيرة تايهو. أما في القطاع الزراعي فنعمل على إنشاء بساتين الفواكه الاحيائية والغابات الاصطناعية وتوسيع ألآراضي لزرع الارز وتشجيع تربية الاسماك والاحياء المائية الاخرى وفقا للاحوال الطبيعية الواقعية في مختلف المناطق. ونرى أن تحقيق هذه الاستراتيجية لا يوفر كمية كبيرة من المحاصيل الزراعية المختلفة للمدن فحسب بل يسهم في حماية وتحسين البيئة الطبيعية وتقديم المزيد من مجالات الترفيه والراحة لسكان المدن.
كان عدد البلديات الريفية التابعة لادارة مدينة وو شي أكثر من مائة. وتمت إعادة تنظيمها في النصف الاول من العام الحالي حتى بلغ عددها الحالي تسعا وخمسين بلدية. ذلك لتقليل عدد هذه البلديات الادارية وتقليل عدد المسئولين والعاملين فيها من جهة، ولخفض تكاليف الاعمال الادارية الحكومية وتخفيف أعباء الفلاحين من جهة أخرى. وأدرجت بلدية شان قوان حديثا ضمن مدينة جيانغ ين الخاضعة لادارة مدينة وو شي. وتحدث السيد هوانغ مان تشونغ/ احد مسئولي حكومة مدينة جيانغ ين حول إعادة تنظيم البلديات الريفية في المنطقة قائلا:
" وفقا لخطة التنمية الاقتصادية العامة في مدينة جيانغ ين أصبحت بلدية شان قوانغ التي كانت إحدى المناطق الادارية على مستوى البلدية إصبحت الان أحد المجمعات السكنية التابعة لمدينة جيانغ يي. ويعتبر هذا الاجراء خطوة تدفع مسيرة المدننة في المنطقة. وتساعد الايدي العاملة الريفية على التنقل من الارياف الى المدن ولرفع مستوى المدننة في مدينة جيانغ ين أيضا... "
قدمت حكومة مدينة وو شي الضمان المتكامل وفتحت القنوات العديدة لتوفير فرص الاعمال للفلاحين القادمين من الارياف. وقامت ببناء بيوت سكنية رخيصة الأجور لهم كما قدمت لهم تأمينات العلاج الطبي والشيخوخة وغيرها.والسيد قو يونغ فا المذكور سابقا هو وزوجته قد بحثا عن عملهما الحالي بمساعدة احد مركز العمالة في المجمع السكني بالمدينة. ويذكر أن معظم هؤلاء الفلاحين بدأوا يعملون الان في مصانع الغزل والنسيج وشركات التنظيف وقطاع الخدمات الاخرى.
جدير بالاشارة الى أن حكومة مدينة وو شي وفرت خلال السنتين الاخيرتين ثلاثمائة وثمانين ألف فرصة عمل للفلاحين القادمين من الارياف. وبدأت أعتبارا من العام الحالي بتنظيم دورات تدريبية للايدي العاملة الريفية. وأشار أحد مسئولي هيئة العمل والضمان الاجتماعي التابعة لحكومة مدينة وو شي الى أن الحكومة وضعت برنامجا لتدريب خمسين ألف فلاح كل سنة حتى تحقيق هدف تشغيل أكثر من تسعين بالمائة من الايدي العاملة القادمة من الارياف في أعمال مختلفة في المدينة في عام 2006 .
حققت مدينة وو شي في السنوات الاخيرة أنجازات في مسيرة المدننة بفضل الخطط الصحيحة وإستثماراتها الهائلة وقوة الدفع الناجمة عن جهود بعض القرى النموذجية في المنطقة. ومن بين هذه القرى قرية هوا شي التي يطلق الناس عليها إسم: القرية الاولى في الصين. فالى جانب إزدهار القطاع الزراعي حققت هذه القرية تطورا كبيرا في قطاع صناعة الحديد والصلب وصناعة المكائن والقطاعات الاقتصادية الاهلية الاخرى داخل القرية. وفي السنتين الاخيرتين تساعد القرية فلاحي القرى المجاورة على تحقيق الثراء. وتحدث السيد وو رين باو/ مسئول إدارة قرية هوا شي حول انجازات القرية قائلا :
" كانت مساحة قريتنا لا تتجاوز كيلومترا مربعا واحدا، أما الان فوصلت مساحتها الى ستة وعشرين كيلومترا مربعا يعيش فيها أكثر من خمسة وعشرين ألف فرد. وتتطور مختلف الأعمال في القرية تطورا سريعا، ووصل الدخل الفردي السنوي فيها حاليا الى ثمانية آلاف دولار أمريكي. وتتجاوز قيمة الممتلكات لافقر عائلة داخل القرية عشرة آلاف دولار أمريكي..."
قدّمت قرية هوا شي مساعدات كبيرة لاكثر من عشر قرى مجاورة لها لتحقيق التنمية المشتركة. الامر الذي حوّل فلاحي هذه القرى الى أثرياء أيضا يسكنون داخل شقق فاخرة تطل على حدائق ترفيهية. ويقودون سيارات الصالون الفاخرة على الطرق الفسيحة في هذه القرى ...
يذكر أن نسبة المدننة قد بلغت ستين بالمائة من إجمالي مساحة منطقة مدينة ووشي. وإذا زرت هذه المدينة فلن تجد فرقا واضحا بين المدينة والبلدات الريفية بحيث أن مستوى معيشة السكان المحليين متقاربة جدا حتى تشعر بأن الحياة في القرى الريفية أكثر راحة ومتعة من الحياة داخل المدينة. وفعلا أن كثيرا من سكان المدينة بدأوا ينتقلون الى الريف ليعيشوا فيه والتمتع بما لا يوجد داخل المدينة من الهواء النقي والنسيم المنعش والبيئة الطبيعية الجميلة.