تقع بحيرة تشنغهاى فى شمال شرق مقاطعة تشنغهاى وتعتبر اكبر بحيرة مالحة المياه فى حدود بر الصين ، وتبعد عن مدينة شينينغ حاضرة المقاطعة مائة وخمسين كيلومترا ولا يستغرق الوصول اليها الا ساعتين بالسيارة انطلاقا من المدينة ، يمكن ان تصل الي منطقة البحيرة السياحية بعد تجاوز جبل ري يوه البالغ ارتفاعه عن سطح البحر ثلاثة آلاف وخمسمائة متر.
وهناك قصة اسطورية تتناقل على السنة التبتيين منذ القدم ، ويقال انه قبل الف وثلاثمائة سنة، اى فى عهد اسرة تانغ الملكية ، كانت اميرة الاسرة قد مرت بهذه المنطقة فى طريقها الى التبت للزواج من حاكم تبتى لتوثيق عرى الصداقة ، ومن اجل التخلص من اشتياقها لمسقط رأسها ، رمت مرآة سحرية كانت تحملها الى السماء بقوة ، ثم سقطت المرآة على الارض وصارت بحيرة تشانغهاى الجميلة التى تعتبر بحيرة مقدسة لدى المواطنين التبتيين ، ويقيمون دائما بنشاطات تذكارية ضخمة بجانب البحيرة بعد عدة سنوات لتقديم القرابين للآلهات .
عندما نقف بجانب البحيرة وننظر على البعد ، يمكن ان نرى الجبال الثلجية البعيدة تتعكس صورها على مياه البحيرة الصافية ، وحول البحيرة مروج طبيعية خصبة وهى معشبة واسعة كبساط اخضر تنتشر عليها زهور الشلجم الصفراء فى فصل الصيف كما تنتشر فيها مخيمات الرعاة التبتيين هنا وهناك ، وجميع المشاهد الطبيعية كصور فتوغرافية جميلة وخاصة عند شروق الشمس وغروبها .
ونتجول الان فى جزيرة الطيور التى تقع فى قلب بحيرة تشنغهاى وهى مشهورة لدى الناس بوجود عشرات الالاف من انواع الطيور بها . وفى الحقيقة تنقسم الى جزيرتين احداهما بالغرب تدعى هاى شيشان ، شكلها كسنام ، والاخرى فى الشرق تدعى هاى شيبى وتبلغ مساحتها حوالى اربعة فاصل ستة كيلومترات . وذكر انه كلما يحل شهرا مارس وابريل ، تطير الى هنا عشرات الالاف من الطيور المتنوعة وكانت الطيور منهمكة فى بناء اعشاشها بكل قوتها فور وصولها حيث تطير وتهبط ليل نهار بلا انقطاع مما شكل مشاهد رائعة لعمل الطيور ، وبعد ايام قليلة اصبحت الجزيرتان الصغيرتان مليئتين باعشاش الطيور ، ثم بدأت هذه الطيور حياتها الجديدة من التزاوج والانجاب وتربية صغارها فى هذا الفردوس حتى حلول شهر اكتوبر البارد .
عندما ننظر الى هذه الطيور من على البعد ، نجد ان هذه الطيور كحجاج يحتشدون جنبا الى جنب ، وبعضها ترفع رؤوسها نحو السماء ، وبعضها الاخر تطأطأ رؤوسها للراحة ، وبعضها ترفرف اجنحتها فى السماء ، وبعضها الاخر تتجول هنا وهناك ، وفى الحقيقة ان الجزيرتين مملوءتان باعشاش الطيور وبيضها فى كل مكان حتى لا نجد مكانا لوضع اقدامنا ، وجدير بالذكر ان السياح لا بد ان يتوخوا الحذر لتفادى الاضرار بالطيور واعشاشها ، والا ستهاجمهم الطيور بشدة كمقاتلات . واحيانا تطير مجموعة كبيرة من الطيور جماعيا فى وقت واحد حتى تحجب ضوء الشمس واصوات زقزقة الطيور فى السماء عجيبة ومثيرة كانها اغنية تتردد فى السماء .
وقالت السيدة تسوى جينغ سائحة من بكين للمراسلة :
"ان بحيرة تشنغهاى جميلة جدا وعشرات الالاف من الطيور تحلق حولنا ولا تخاف من الناس ، وقد اخذت كثيرا من الصور التذكارية ."
وان جزيرتى الطيور اصبحتا فردوس طيور محببا ، لان ظروفهما الجغرافية والمناخية صالحة لذلك ، اذ ان فيهما اراضى منبسطة وطقسا معتدلا وحولها مياه صافية وبيئة هادئة وغنية بالعشب والكلأ . وكان لجهود العاملين فى مجال حماية البيئة الفضل ايضا فى تهيئة ظروف ملائمة .
وبعد ستينات القرن الماضى تأثرت منطقة بحيرة تشنغهاى بالتغيرات المناخية العالمية وبدأ منسوب البحيرة ينخفض كل سنة بمعدل عشرة سنتمترات حتى عشرين سنتمترا مما شكل تهديدا كبيرا للبيئة الطبيعية لحياة الطيور . ومن اجل حماية هذا الفردوس الجميل للطيور انشأت الحكومة الصينية مركز حماية جزيرتي الطيور بجانب بحيرة تشنغهاى ، ثم حددتها محمية طبيعية على مستوى الدولة .
وقال السيد جى ليان مينغ الذى يعمل مديرا لمركز حماية جزيرتى الطيور على مدى اربعة عشر عاما للمراسل :
"لقد انشأنا اربع مراكز فرعية لحماية جزيرتى الطيور ومن اجل حماية الطيور بصورة افضل ، نجرى الان مسوحات ميدانية حول البحيرة مرة كل نصف شهر لمعرفة احوال انتشار الطيور لتسجيلها ."
وبفضل رعاية الحكومة الصينية وجهود العاملين فى حماية البيئة ، يشاهد السياح الزائرون لبحيرة تشنغهاى اليوم مشاهد رائعة حيث تحلق فوقها عشرات الالاف من الطيور وتغنى فى السماء ، وقد اصبحت هذه المشاهد عجيبة فى هضبة تشنغهاى – التبت الصينية وجذبت منذ سنين اعدادا كبيرة من الزوار اليها للسياحة والراحة والقرب من الطبيعة والتمتع بصور جميلة مفعمة بالتعايش بين الطيور والبشر .