تقع منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم لقومية الويغور على الحدود الشمالية الغربية للصين، ومعظم آراضيها صحارى جرداء والظروف البيئية فيها صعبة قاسية. وكان إقتصادها متخلفا نسبيا على مدى سنوات طويلة. وبعد تطبيق إستراتيجية تنمية الغرب في الصين بدأت المنطقة تستغل ميزاتها المتفوقة في امتلاك الموارد الطبيعية الغنية وموقعها الجغرافي المميز لتطوير الاقتصاد المحلي والتجارة الحدودية مع الدول المجاورة لها. الامر الذي دفع النمو الاقتصادي المحلي بسرعة فائقة خلال السنوات الاخيرة، وفي الوقت نفسه ارتفع مستوى معيشة سكانها بشكل ملحوظ ...
تمتلك منطقة شينجيانغ موارد طبيعية غنية جدا وتحتل إحتياطيات بعضها كالبترول والغاز الطبيعي والفحم والذهب وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها تحتل المرتبة الاولى داخل البلاد. أما عدد الموارد الطبيعية التي بدأ اكتشافها واستغلالها في شينجيانغ فيبلغ الان خمسة وثمانين نوعا. ومن بينها البترول والغاز
الطبيعي الذين يحتل احتياطي كل منهما في المنطقة أكثر من ثلث إجمالي احتياطياه في عموم البلاد، أما احتياطي الفحم في المنطقة فقد احتل أكثر من أربعين بالمائة من إجمالي احتياطي الفحم في الصين .
وفي السنوات الاخيرة بدأت شينجيانغ تستغل مواردها الطبيعية المذكورة إستغلالا شاملا من أجل دفع نمو إقتصادها المحلي. وتحدثت حول هذا الموضوع السيدة نيو شياو بينغ/ نائبة مدير لجنة التخطيط الاقتصادي بمنطقة شينجيانغ قائلة :
" تعتبر منطقة شينجيانغ مركز ثقل خلال تطبيق إستراتيجية تنمية غرب الصين. لأنها تتمتع بتفوق في الآراضي الواسعة والموارد الطبيعية الغنية وغيرهما. لذلك حققنا خلال السنتين الاخيرتين تطورا إقتصاديا سريعا بالمقارنة مع المناطق الاخرى في غرب الصين .... "
إبتداءا من تسعينات القرن الماضي طرحت منطقة شينجيانغ فكرة إستراتيجية تهدف الى تحويل المنطقة الى قاعدة هامة للصناعة البتروكيماوية في الصين. وقد تحققت بعض أهداف هذه الفكرة بحيث أن الصناعة البتروكيماوية أصبحت الان أهم وأكبر قطاع صناعي في المنطقة. ويحتل الناتج الصناعي في هذا القطاع أكثر من ستين بالمائة من إجمالي الناتج الصناعي بالمنطقة. تجدر الاشارة الى أنه ستنتهي في أكتوبر الحالي أعمال انشاء مشروع مصفاة جديدة في جنوب منطقة شينجيانغ قادرة على معالجة وتصنيع مليونين وخمسمائة ألف طن من النفط الخام.
والى جانب ذلك تم تدشين مشروع نقل الغاز الطبيعي من الغرب الى الشرق في سبتمبر الماضي حيث بدأ نقل الغاز الطبيعي من حوض تاليمو بمنطقة شيجيانغ عبر أنابيب ضخمة يتجاوز طولها أربعة آلاف ومائتي كيلومتر وتمّر بتسع مقاطعات ومناطق في غرب ووسط وشرق الصين حتى تصل الى المدن والمناطق الشرقية بما فيها مدينة شانغهاي ومنطقة دلتا نهر اليانغتسي كلها. وبفضل هذا المشروع ستحصل شينجيانغ على أكثر من مليار يوان صيني من العوائد المالية كل سنة ، وتحدث السيد سون لونغ ده/مدير عام شركة حقول تاليمو لشركة البترول والغاز الطبيعي المساهمة المحدودة الصينية حول دور هذا المشروع قائلا:
" لا شك أن الغاز الطبيعي يوفر جدوى إقتصادية وأجتماعية كبيرة لمنطقة شينجيانغ. وقامت شركة البترول والغاز الطبيعي المساهمة المحدودة الصينية بتوظيف أموال هائلة في المنطقة تستخدم سبعة وأربعون منها لبناء البنية والمنشآت الاساسية بشكل مباشر في المنطقة. الامر الذي دفع بقوة النمو الاقتصادي المحلي. وأرى أن الفائدة الكبرى ستعود على أبناء مختلف القوميات في جنوب منطقة شينجيانغ. لان أربع ولايات من بين الولايات الخمس الاجمالية بجنوب شينجيانغ ستستخدم الغاز الطبيعي المنقول من حوض تاليمو في نهاية العام الحالي. الامر الذي سيلعب دورا هاما لحماية وتحسين البيئة الاحيائية في هذه المنطقة بشكل ملحوظ .
والى جانب ذلك تجاوز إنتاج النفط الخام السنوي في حقول كرمايي المشهورة بشمال شينجيانغ تجاوز الان عشرة ملايين طن. وجدير بالذكر أن بعض النفط الخام المستورد من دول آسيا الوسطى سينقل الى مدينة دوشانزي بشينجيانغ، وفي الوقت نفسه قررت الحكومة الصينية مد أنابيب لنقل النفط الخام من قازاقستان الى مدينة دوشانزي وتجديد مد أنابيب نقل البترول المكرر، وبناء مشروع لتكرير البترول تبلغ قدرته الانتاجية عشر ملايين طن سنويا وبناء مشروع إثيلين تبلغ قدرته الانتاجية مليون طن باعتباره مشروعا ملحقا لمشروع تكرير البترول المذكور. الامر الذي سيحول مدينة دوشانزي الى احدى أكبر المصافي النفطية واحدى أهم قواعد الصناعة البتروكيماوية داخل البلاد .
الى جانب التطور السريع في الصناعة البتروكيماوية حققت شينجيانغ تطورا جياشا وإزدهارا مستمرا أيضا في قطاع الزراعة وتربية المواشي، وبفضل أشعة الشمس الساطعة في النهار والهواء الجاف السائد في كل المنطقة ظلت شينجيانغ منطقة صالحة لزرع الفواكه والقطن والطماطم وحشيشة الدينار ومزروعات أخرى. وأصبحت شينجيانغ حاليا أكبر قاعدة لانتاج القطن وإحدى أهم قاعدة لانتاج حشيشة الدينار بالصين وإحدى أكبر قواعد انتاج صلصة الطماطم في آسيا. ويتمتع العنب والكمثرى والشمام وغيرها من الفواكه المزروعة في شينجيانغ بجودة ممتازة وشهرة واسعة داخل البلاد....
أعزائي، تستمعون الان الى تسجيل من مهرجان عنب ترفان بمنطقة شينجيانغ، وتقع ترفان في جنوب شينجيانغ وهى أهم قاعدة لانتاج العنب الممتاز الجودة، وتزرع كل عوائلها تقريبا العنب وهى موقع سياحي جميل المناظر. وكلما يحل موسم جني العنب في أغسطس وسبتمبر كل عام يسود السرور والفرح كل مكان من هذه المنطقة كما يقام مهرجان سنوي في هذا الموسم احتفالا بالمحصول الوافر يجذب كثيرا من الزوار والسياح للتمتع بالمهرجان وشراء وتذوق العنب الطازج وزيارة المناظر الجميلة فيها .
عريف كريم فلاح عادي يزرع العنب في مزرعة عائلته البالغة مساحتها عُشر هكتار ونيف. ويعمل على كسب رزق عائلته بالاعتماد على زرع العنب وتربية الاغنام والابقار. وإبتداءا من العام الماضي بدأ العمل لاستقبال السياح القادمين لزيارة ترفان وخصّص عدة غرف في بيته لاستقبالهم، الامر الذي يوفر له الما والمتعة. وفي العام الماضي بلغ دخله السياحي خمسة وعشرين ألف يوان صيني. وتحدث كريم في سرور عن عمله هذا قائلا :
" نفكر في ترميم عمارتنا السكنية من جديد في العام القادم ثم نستأجر آراضي جيراننا ونحوّلها الى مزرعة صغيرة لزرع العنب ولاستقبال السياح ليسكنوا ويستريحوا فيها .... "
وفي السنوات الاخيرة لم تستغل منطقة شينجيانغ مواردها الطبيعية الغنية لدفع نمو إقتصادها المحلي فحسب بل عملت أيضا على توثيق علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الدول المجاورة لها. وتتاخم شينجيانغ ثماني دول أجنبية ويبلغ طول حدودها مع هذه الدول خمسة آلاف وستمائة كيلومتر، ولذا تعتبر شينجيانغ أكثر منطقة صينية من حيث عدد الدول الاجنبية المتاخمة لها. وبإنتهاز هذا الموقع الجغرافي المميز أصبحت شينجيانغ أكبر منفذ تجاري دولي في مناطق غرب الصين.
تتجسد مكانة شينجيانغ المتفوقة بشكل بارز في معرض الاقتصاد والتجارة الخارجية الذي يقام في مدينة أرومتشي حاضرة المنطقة في سبتمبر كل عام. وعلى سبيل المثال أن ثمانين بالمائة من المشاركين في الدورة الثالثة عشرة لهذا المعرض والتي أختتمت قبل وقت وجيز كانوا من روسيا وقازاقستان وتاجيكستان وغيرها من دول آسيا الوسطى، وتجاوزت قيمة العقود التجارية التي تم إبرامها بين الصين وهذه الدول مليارا وخمسمائة مليون دولار أمريكي محتلة المرتبة الاولى من بين إجمالي قيمة العقود المبرمة في هذه الدورة. ووقعت روسيا وباكستان وقازاقستان وقرغيزستان ودول أخرى في هذه الدورة أتفاقيات لشراء معدات التنقيب عن البترول وحفر الابار وإنتاج الاسمنت ومعجون الطماطم والاجهزة الكهربائية المنزلية وغيرها من المنتجات الصينية الأخرى. أما منطقة شينجيانغ والمدن والمقاطعات الصينية الاخرى فقد أبرمت عقودا لشراء الحديد والصلب والبترول المكرر والخشب الخام وغيرها من الدول المجاورة لها. وعلى ضوء ما ذكرناه يمكن القول إن منطقة شينجيانغ تلعب الان دورا متزايد الاهمية في زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ودول آسيا الوسطى مستغلة تفوق موقعها الجغرافي. وقد أصبح معرض الاقتصاد والتجارة الخارجية بمدينة أرومتشي معرضا دوليا حافلا يزداد تأثيره أكثر فأكثر على الصعيد الدولي.