تقع في مقاطعة جيانغسو شرقي الصين قرية ريفية يطلق الناس عليها إسم "القرية الاولى في الصين" إنها قرية هوا سي التي تشتهر بإنجازاتها الاقتصادية المدهشة وتطورها السريع المستمر داخل البلاد. وفي القرن الحادي والعشرين وضعت قيادة القرية هدفا جديدا للتنمية هو دفع القرى المجاورة الاخرى الى السير في طريق التنمية المشترك .
إذا زرت قرية هواسي تشعر أنك تدخل حيا سكنيا حديثا داخل مدينة كبرى. إذ تّرى الفيلات الجميلة تصطف بشكل منتظم على جانبي الطرق وأمامها أحواض سباحة مليئة بالمياه النقية. السيدة وو فلاحة في القرية، تسكن الان مع أفراد عائلتها داخل فيلة جميلة ذات ثلاثة طوابق يبلغ إجمالي مساحتها أكثر من ستمائة متر مربع. وأمام العمارة حوض للسباحة ويوجد خلفها مرآب للسيارات. تحدثت السيدة وو عن أحوال عائلتها قائلة :
" عدد أفراد عائلتي أربعة أشخاص أنا وزوجي مع ولدين وبعد أن إشترينا هذه الفيلال السكنية ما زال لدينا مئات ملايين اليوانات الصينية كودائع في البنك.
ولدينا ثلاث سيارات خاصة حتى أن المرآب الحالي لا يسعها.... "
قالت السيدة وو إن أحوال معظم العوائل في قرية هواسي متشابهة ويعيش جميع فلاحي القرية عيشة سعيدة. وتقع قرية هواسي في منطقة جنوب الصين ذات الاراضي الخصبة والمياه الوفيرة ولكن بالمقارنة مع عدد السكان الكبير تبدو الاراضي المزروعة في القرية قليلة نسبيا الامر الذي دفع وو رن باو/ مسئول ادارة القرية الى إيجاد طريق جديد لتطوير أعمال القرية. ومنذ ستينات وسبعينات القرن الماضي قاد وو رن باو فلاحي القرية في إقامة مؤسسات صناعية منها مصنع الحديد والصلب ومصنع الغزل والنسيج ومصنع إنتاج المواد الانشائية وغيرها. الامر الذي ساعد القرية على تحقيق جدوى إقتصادية هائلة، ودفع النمو الاقتصادي فيها بشكل سريع جدا كما جعل مستوى معيشة فلاحي القرية يرتفع بسرعة فائقة .
يبلغ وو رن باو هذا العام السادس والسبعين من عمره، ورغم كبر سنه ولكنه ما زال نشيط الحركة ومتوفد الذهن، وعندما إستعرض التغيرات الكبيرة التي طرأت على قرية هواسي خلال السنوات الماضية تحدث قائلا:
" كانت قيمة الانتاج الزراعي والصناعي في القرية عام 1978 مليونا وخمسين ألف يوان صيني فقط. أما في السنة الماضية فقد بلغت عشرة مليارات وخمسمائة مليون يوان صيني. ونعمل الان على تحقيق هدف عشرين مليار يوان صيني هذا العام. وفي عام 1978 كان الدخل الفردي السنوي لفلاحي القرية مائتين وعشرين يوانا صينيا فقط أما الان فيبلغ أكثر من ستين ألف يوان .... "
وخلال السنوات الاخيرة المتتالية ظل معدل النمو الاقتصادي في قرية هواشي محافظا على نسبة عشرين بالمائة. الامر الذي أثار سؤالا حول كيفية الحفاظ على هذه السرعة الفائقة والمستمرة خلال عدة سنوات ؟ الجواب هو: الاسلوب الصحيح في الادارة والانتاج المتمثل في حسن التدبير حيث ينظم فلاحو القرية مصروفاتهم ومدخراتهم بشكل دقيق ومتوازن، فيصرفون ثُلث ما يحصلون عليه من العوائد لحياتهم اليومية ومستلزماتهم الأخرى، ويوظفون الثلثين الاخرين في مؤسسات القرية باعتبارها أسهما في هذه المؤسسات. ومع حصول المؤسسات على المزيد من الاموال يتحقق نمو أسرع وأفضل. الامر الذي يحقق المزيد من الارباح لكل من المؤسسات وفلاحي القرية. ويطلق الناس على هذا الاسلوب إسم النمو الدائري أو يشبهونه بكرة الثلج التي تكبر بسرعة كلما تدحرجت بسرعة. وهذا الاسلوب هو أهم أسباب الارتقاء السريع والمستمر لمستوى معيشة فلاحي القرية ...