لم تنشأ موسيقى والتز الفيينية أصلا في فيينا، بل نشأت في ريف النمسا، واعتبرت موسيقى والتز ورقص والتز كلاهما نشاطا غير مهذّب ومنعهما الديمقراطيون. لأن الراقصين في رقص والتز يعانقان بعضهما ويدوران براحتهما حتى يشعرا بدوار ويقعا على الأرض. وفي البداية استرقّ سكان مدينة فيينا النظر الى هؤلاء الراقصيين في الريف، وفيما بعد وصل هذا الرقص الى فيينا مع مجرى نهر الدانوب.
تأثر الملحن يوهانن ستراوس الأكبر بالموسيقيين الريفيين الذين جاؤوا الى فيينا لعزف الموسيقى المصاحبة لرقص والتز. ومنذ عام 1826 أبدع مائتين وخمسين مقطوعة موسيقية بما فيها أكثر من مائة وخمسين مقطوعة والتز. وأرسى مع موسيقار موهوب آخر جوزيف لانير Josef Lanner الحجر الأساسي لأسلوب موسيقى والتز، ولقب ب"أبي والتز".
وأبدع يوهانن ستراوس الأصغر قرابة خمسمائة مقطوعة موسيقية، وتشكل الوالتز جزءا كبيرا منها، وحقق إنجازا فاق ما حققه والده، ولقب ب"ملك والتز". وفي الحقيقة فإن مساهمته الأكبر للوالتز هى التعريف بها. ففي أوربا في ذلك العصر ما كان هناك تلفزيون أو راديو، غير أن يوهانن ستراوس الأصغر عمّم موسيقاه وشهرة فرقته في أنحاء العالم.
وقد اندثرت أسرة ستراوس الموسيقية المشهورة في مجال الموسيقى بعد قرابة مائتي سنة، ولا أحد في هذه الأسرة اليوم إلاّ ويلي ستراوس الحفيد الأول من الجيل الثالث في أسرة ستراوس يمارس الموسيقى محترفا. فهو نجم موسيقى البوب ومشرف برنامج تليفزيوني مشهور في النمسا. وفي عام 1999، تعاون ويلي مع أوركسترا والتز بفيينا التي أسسها يوهانن ستراوس الأكبر بنفسه في إقامة حفلة موسيقى بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ستراوس، ومنحه رئيس النمسا "وسام الشرف الجمهوري". وورث ويلي الموهبة الموسيقية من أسلافه وأبدع الكثير من المقطوعات الموسيقية، وفي نفس الوقت يبحث ويمارس موسيقى البوب الحديثة. ولا تمتاز الأوركسترا "الإمبراطورية" الوالتزية لأسرة ستراوس التي أسسها بأسلوب موسيقى والتز الجميل والكلاسيكي فحسب، بل أضفت عليها أسلوبا غنائيا فخما مميزا.
وحسب التقليد قد انحرف ويلي وأوركستراه من طريق الموسيقى الكلاسيكية الخالصة، غير أنه يثق في موسيقاه وقال، إن موسيقى والتز عندما ظهرت لم تكن منتشرة وسط الناس اذ أنهم ظنوا أنها موسيقى مصاحبة للرقص فقط، ولكنها أصبحت من الموسيقى الكلاسيكية الرئيسية فيما بعد. فتحدوه ثقة في أن موسيقاه المتميزة الجامعة بين أسلوب موسيقى والتز الكلاسيكية وأسلوب موسيقى البوب ستلقى تقديرا عادلا تستحقه من قبل الناس في المستقبل.
وفي شهر ديسمبر من عام 2004 أقام ويلي ستراوس مع أوركسترا "الإمبراطورية" الوالتزية لأسرة ستراوس ثلاثة عروض موسيقية مفعمة بالحيوية والحماسة في مسرح معرض بكين، ومعظم المقطوعات المعزوفة فيها من موسيقى والتز ومارش وبولكا، وبعد استراحة أثناء العرض غنى ويلي أغاني يتقنها وأغاني شعبية صينية تدرّب على غنائها منذ أشهر.