يحفظ فى متحف القصر الامبراطورى الصينى ببكين كنز وطنى ثمين، هو لوحة مشهورة تحمل عنوان << تشينغ مينغ تشانغ خه >>. رسمت هذه اللوحة قبل حوالى تسع سنوات وتصف مناظر بشرية وطبيعية لمدينة بيان ليانغ عاصمة اسرة سونغ الشمالية الملكية التى حكمت حوالى مائتى عام من القرن العاشر الميلادى حتى القرن الثانى عشر الميلادى. وتوجد فى مدينة بيانغ ليانغ التى تسمى الان بمدينة كايفنغ بمقاطعة خه نان حديقة تشينغ مينغ تشانغ خه التى بنيت حديثا وفقا للوصف الذى جاء فى لوحة تشينغ مينغ تشانغ خه. عبر زيارة هذه المدينة يمكن للسياح ان يجربوا شخصيا الحياة فى اسرة سونغ الشمالية.
تقع حديقة تشينغ مينغ تشانغ خه شمال مدينة كايفنغ، وتغطى مساحتها 33 هكتارا، وثلثها مساحة مائية. وبنيت داخل الحديقة اكثر من 400 غرفة على الطراز المعمارى لاسرة سونغ الشمالية.
مستمعينا الكرام، تبدأ مراسم فتح حديقة تشينغ مينغ تشانغ خه وسط هذه الموسيقى كل يوم ، وفى الساعة التاسعة صباحا، تصبح الساحة امام الحديقة مليئة بالحركة ومفعمة بالنشاط. وعلى جانبى بوابتيها الشاهقتين يصطف فرسان على خيولهم فى منظر مهيب يوحى باهمية المكان وفخامته، وهناك طبالون يلبسون دروعا جلدية عليها صفائح صغيرة مدورة برنزية او حديدية ويضربون بقوة الطبول المعلقة على خصورهم. وبهذا الاسلوب المميز، يرحب اهالى كايفنغ بالضيوف القادمين من اماكن بعيدة.
وعندما تفتح بوابتا الحديقة ببطء، يظهر للرائى تمثال يبلغ ارتفاعه 6 امتار، وهو تمثال لرسام مشهور فى اسرة سونغ الشمالية ابدع لوحة تشينغ مينغ شانغ خه. ويبدو صاحب التمثال شيخا ذا وجه حنون يسمر نظره الى مكان بعيد، كانه يبحث عن المناظر الجميلة فى مدينة كايفنغ.
وتصف لوحة تشينغ مينغ شانغ خه المناظر المزدهرة فى مدينة كايفنغ قبل مئات السنين، ويركز على وصف مناظر الحركة النشيطة والشحن والتفريغ فى ميناء نهر بيان خه. كانت منظومة النقل المائى لمدينة كايفنغ متطورة، ويعتبر نهر بيان خه قناة هامة تربط كايفنغ باماكن اخرى. وقالت الدليلة السياحية تشنغ جوان: كان عدد سكان مدينة كايفنغ فى اسرة سونغ الشمالية حوالى 1.6 مليون نسمة، وبنيت داخل المدينة قناة اطلق عليها اسم "بيان خه" اى نهر بيان تربط الجنوب بالشمال. ونتيجة تطور منظومة النقل المائى بالمدينة، ازدادت اهمية هذه المدينة على حساب مدينتين اخريين مشهورتين، هما مدينة تشانغ آن ومدينة لوه يانغ، واصبحت عاصمة لاسرة سونغ الشمالية الملكية.
ويشعر معظم الناس بصعوبة رؤية او فهم ما ترويه اللوحة، لكن حديقة تشينغ مينغ شانغ خه تشعر الزائر بمزيج من الدهشة والاعجاب. فاذا نظر المرء الى النهر وهو على الميناء الذى بنى حديثا على غرار ما مرسوم فى اللوحة، فيشاهد العديد من المراكب التجارية ذات الصوارى العالية شبيهة بمراكب اسرة سونغ الشمالية الملكية، وبعضها مليئ بالبضائع ويسير عكس تيار النهر، وبعضها الاخر راس لتفريغ البضائع.
بعد زيارة الميناء، هناك شارع يتميز بمزايا محلية، يعكس بصورة مختصرة الحياة المدنية فى مدينة كايفنغ حينذاك طبقا لما وصفه رسم تشينغ مينغ شانغ خه. وقالت الدليلة السياحية: على جانبى الشارع 15 محلا تجاريا تباع فيها بضائع مختلفة باختلاف المحلات، ويصنعها اصحاب المحلات فى المواقع نفسها.
ان مساحة كل محل ليست كبيرة تبلغ حوالى عشرين مترا مربعا، لكنها مليئة بالبضائع، وهناك محل مميز بتعليق خيوط حمراء بمختلف الاحجام مطرزة على شكل عقدة ترمز حسب التقاليد الصينية الى الحظ السعيد والفأل الحسن. والى جانب ذلك محلات للمينا والتماثيل الخشبية والاحذية المطرزة، وتتميز كافة المحلات بالاناقة والترتيب ، ويلبس اصحابها الازياء القديمة من عهد اسرة سونغ الشمالية الملكية، حتى يتخيل الزائر وكأنه فى مجتمع قبل مئات السنين.
تجسد حديقة تشينغ مينغ شانغ خه بصورة حية ملامح الحياة قبل مئات السنين، حيث تضم تقريبا كل ما استعمل فى اسرة سونغ الشمالية، مثل المطاحن الحجرية والمقاهى واماكن اللهو والمعابد. وتعرض فيها مسرحيات خيال الظل ومسرحيات العرائس. ويصنع الحرفيون الفنانون الدمى من العجين او الحيوانات الشفافة من السكر السائل.
واذا كان لديك اهتمام بالعادات والتقاليد الشعبية الصينية فى العصر القديم، فنقترح عليك شراء قطعة من مطرزات مدينة بيان ليانغ، ان هذا النوع من المطرزات جميل ورائع ويتميز بمستوى فنى رفيع ايضا. وقال السيد بيان جون المسئول بالحديقة:
يمكن القول ان مطرزات بيان ليانغ هو اصل المطرزات الاربع الصينية المشهورة، ونضج هذا الفن فى اسرة سونغ الشمالية. ويحكى ان آخر امبراطور لاسرة سونغ الشمالية كان مولعا بالخطوط والرسوم، وسبق له ان امر بتعيين ثلاثمائة من فنانات التطريز للعمل فى دار التطريز داخل القصر الامبراطورى. وبعد انهيار اسرة سونغ الشمالية، ذهبت هؤلاء الفنانات الى جنوب الصين، وظهرت بعد ذلك مطرزات سوتشو فى بداية اسرة مينغ التى تتأخر عن مطرزات بيان ليانغ باكثر من مائتى عام، ثم ظهرت مطرزات هونان ومطرزات قوانغ دونغ.