تحقيق : عزت عبدالمنعم
اذا كانت قناة السويس قد حققت رقما قياسيا في زيادة دخلها الي3 مليارات دولار فإن الخبراء والمتخصصين يرون مجموعة من المحاور التي يمكن من خلالها استثمار القناة في مشروعات أخري بالاضافة لدورها في مرور السفن.
المهندس جمال ابو العزم احد الذين شاركوا في تأميم قناة السويس ورئيس الشركة الهندسية للأعمال البحرية ورئيس مجلس الادارة الاسبق لشركة التمساح لبناء السفن يري أن مرور16 ألف سفينة حاليا في المتوسط في القناة يجعل هذا الممر من أصلح المناطق لقيام ترسانة بحرية, وقد لفته هذا نظر بعض الشركات العالمية لدراسة انشاء ترسانة بحرية ضخمة تبدأ بإصلاح السفن ثم تطويرها ثم بنائها, وتنتهي هذه الترسانة بالاضافة الي ذلك لإنشاء صناعات ثقيلة, وتأكيدا لذلك فقد قامت عدة شركات بهذه الدراسات وهي علي سبيل المثال في اوائل الستينيات شاركت شركةIHC الهولندية في رأسمال شركة التمساح لكن سرعان ماتم تأميمها ثم قامت شركةIHI اليابانية بدراسة انشاء ترسانة ضخمة في جنوب السويس, ومن اوائل السبعينات قامت احدي شركاتMITSUI اليابانية بدراسة في شركة التمساح.
وفي اوائل التسعينات قامت شركتاHALA وHYANDA الكوريتان بعمل مثل هذه الدراسة ولكن ذلك لم يتم ويضيف بأن مشروع التطوير علي وشك الانتهاء وبذلك يكون هناك فائض لانتاجية هذه الوحدات للاسباب التالية:
إن غاطس66 قدما قد يستوعب98.9% من ناقلات الصلب في العالم وهذا يمثل18% من السفن التي تعبر قناة السويس و97% من حاملات الحاويات في العالم وهذا يمثل50% من السفن العابره و95.2% من ناقلات البترول في العالم وهو مايمثل15% من السفن العابرة ويرجع انخفاض هذه النسبة بسبب أن نقل البترول أكثر اقتصاديا بواسطة الخطوط البحرية( سوميد) وغيرها.
ويشير المهندس جمال ابو العزم الي أنه لوحظ مؤخرا زيادة نقل البترول الخام من الشمال الي الجنوب من روسيا وليبيا والجزائر والتي زادت عن6.5 مليون طن في السنة متجهة الي دول الشرق الشرهه في استهلاك البترول, ولذا تقوم هيئة قناة السويس بالاشتراك مع سوميد بدراسة انشاء خط بحري لنقل هذا البترول, وقد تشترك ليبيا في هذه الشركة بدلا من انشاء خط بترولي من ليبيا الي بورسسودان وبذلك فإن زيادة الغاطس الي أكثر من66 قدما قد يحتاج الي اعادة دراسة جيدة ومقارنتها بالتكاليف التي ستقوم بها الهيئة, وبذلك سيتحقق فائض كبير زائد عن قدرة هذه الكراكات ويمكن انشاء شركة للكراكات ولو بالشراكه مع شريك اجنبي, حيث أن مصر تحتاج لبرامج تكريك للموانيء يصل الي ملايين الامتار تقوم به حاليا شركات هولندية وبلجيكية.
ويؤكد أن عملية ازدواج قناة السويس تشمل حاليا75 كم مما يجعل الطاقة النظرية لمرور السفن في القناة79 سفينة يوميا والمتوسط اليومي حوالي47 سفينة وأقصي عدد مرور للسفن في يوم واحد حوالي60 سفينة, كما أن موقع قناة السويس بالبحر الاحمر وشرق البحر الابيض ومالديها من قاطرات وخبرات يمكنها أن تشارك مع احدي الشركات العالمية لجعلها مسيطرة علي هذه المنطقة من ناحية الانقاذ ومنع التلوث البترولي, ومن الممكن أن تشارك قناة السويس بنفسها أو عن طريق احدي شركاتها مثل الرباط بتمويل شركات روافد بالاشتراك مع احدي الشركات المحتكرة لهذا النوع من السفن واستغلالا لوجود مراكز ضخمة لشركات الحاويات الناجحة.
ويضيف أن السفن التي تعبر قناة السويس يقدر احتياجاتها للوقود بما يزيد علي40 مليون طن سنويا لاتقدم لها مصر الا1.5 مليون طن في حين أن الفجيرة وهي دويله صغيرة في الخليج العربي تقوم بتمويل السفن بـ8 ملايين طن سنويا فاذا تم عمل محطة تموين سفن بجنوب السويس, حيث تتوقف السفن في انتظار الدخول لمدة قد تصل في بعض الاحيان الي10 ساعات وهذه مدة تسمح بتموينها بما لايقل عن10 ملايين طن سنويا
الصيانة والإصلاح
ويشير الي أن ترسانة بورسعيد وشركات الهيئة تستطيع أن تقوم بأعمال صيانة واصلاح مئات المعدات الموجودة علي السفن وذلك بدون تحمل اعباء مالية ذلك بترتيب مع الشركات المصنعة لهذه المعدات سواء ماكينات رئيسية أو أجهزة كهربائية أو معدات سطح وغيرها والتي سترحب بذلك كثيرا, كما أن هناك الكثير من الصناعات البحرية يمكن ان تقام وهي علي سبيل المثال لا الحصر صناعة تخزين السفن وهي صناعة مغذية لصناعة الصلب وصناعة تصنيع الحاويات واصلاحها وغيرها مما يمكن الهيئة من المساهمة مع المستثمرين في مثل هذه الصناعات.
ويضيف أنني اقترحت أن يتم تشكيل مجلس ادارة هيئة قناة السويس بجانب الرئيس من اعضاء ذوي خبرة او مؤهلات عالمية او ممثلين ماليين وقانونيين وهندسيين علي مستوي عالمي, كما كان يتم في اول سنين التأميم مع اضافة اختيار احدي الشخصيات البحرية العالمية الاجنبية لضمها للمجلس وقد لفت هذا الاقتراح نظر د. عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق وحوله للدراسة للهيئة ويشير الي أن هناك عددا من الخبراء الذين اثبتوا قدراتهم ويمكن الاستعانة بهم في هذا المجال مثل المهندس سعد الشرقاوي الذي هاجر لاستراليا والمهندس ابراهيم مصري الرائد الاول لصناعة بناء السفن في مصر وزميله المهندس علي ناصر عزت والذين أداروا علي التوالي أكبر شركة في العالم للحراسة البحرية العائمة.
تحديد الرسوم
المهندس مشهور أحمد مشهور الرئيس الاسبق لهيئة قناة السويس رئيس هيئة النقل بالمجالس القومية المتخصصة يشير الي أن تحديد رسوم القناة وهي العنصر الذي يتم من خلاله تحديد دخل القناة يتم حسابه سنويا من خلال منظومة متخصصة تتولي متابعة التجارة العالمية وتوقعات اسعار السلع المختلفة ودراسة اقتصاديات النقل البحري وبناء عليه يتم اقتراح الرسوم علي مايدخل القناة من حمولات وهو مايرتبط ايضا بـ الـSDR وهي مجموعة من العملات القوية ويتم الاتفاق عليها بين الهيئة والبنك المركزي وهي حاليا مقسمة بنسبة45% دولار و29% يورو و15% ين و11% استرليني, كما يوضع في الاعتبار ايضا اسعار البترول فكلما زادت اسعاره يتم اجتذاب سفن أكثر من هنا يكون مستوي الرسوم الذي يعظم الدخل.
وحول الخط الاسرائيلي من عسقلان الي ايلات وتأثيره علي الملاحة بالقناة يري المهندس مشهور أنه لايمثل خطورة علي القناة, حيث يأخذ سعة معينة من البترول مع العلم أن القناة ليست احتكارية علينا فقط للنقل البحري والنقل بين الشرق والغرب فهناك مثلا رأس الرجاء الصالح وخط سكك حديد الاسكا والخطوط الاخري البرية.
ويؤكد أن دور قناة السويس في التجارة والملاحة العالمية يتزايد في ظل الظروف العالمية, حيث أن حجم التجارة البحرية العالمية يتزايد سنويا, وبالتالي الحمولات تتزايد والارتفاع الحالي في اسعار البترول يجعلها أكثر منافسة من رأس الرجاء الصالح والمعروف في أن تزايد حجم التجارة العالمية ينعكس إيجابا في زيادة دخل القناة.
ويضيف إيرادات القناة يمكن أن تتجاوز الثلاثة مليارات دولار فالتطوير الذي تقوم به الهيئة يرتبط بدراسات جدوي متخصصة تسير في خطوات للتوسيع والتعميق من خلاله نستطيع أن نسير وسائل نقل بحري اكبر وبذلك تضيف للايراد كذلك الخدمات يمكن أن تعطي دخلا ايضا وذلك بإنشاء شركات لتقديم الخدمات المختلفة للسفن, وفي الماضي كان هناك سياسة عدم السماح للقطاع العام بإنشاء شركات وهو ماتغير حاليا ومن هنا فلابد أن يعطي لهيذة قناة السويس الحق في انشاء شركات لخدمة السفن سواء للتموين أو الاصلاح او تقديم الخدمات الاخري التي تحتاجها السفن وهو مايمكن أن يؤدي لتنظيم الدخل.
سياسة متحررة
المهندس محمد عزت عادل الذي تولي رئاسة هيئة قناة السويس في الفترة من85 وحتي نهاية95 شهدت فترته تجربة في التطوير وجذب دخول اضافية للقناة من رسوم العبور باعتباره من أهم الاهداف من خلال اتباع سياسة متحررة لتسويق القناةMARKETING حيث تم اجتذاب جزء من السفن والناقلات التي كانت تدور حول رأس الرجاء الصالح ولاتستخدم القناة بمنحها تخفيضا في الرسوم يجعل طريق القناة هو الطريق الارخص والاوفر رغم أن ذلك كان مخالفا للمباديء التي كان معمولا بها والمتعارف عليها من تطبيق تعريفة ثابتة لرسوم العبور التي تدفعها السفن وقد حققت هذه الفكرة ايرادا اضافيا في السنة الاولي لتطبيقها يزيد علي80 مليون دولار ومازال هذا النظام متبعا حتي الآن مع عدم تعطيل عبور مايمكن من السفن التي تصل لمدخل القناة بعد الميعاد القانوني المحدد بفترة مقبولة والسماح باإلحاقها للقافلة مقابل تحصيل رسم اضافي مما يحققه وفرافي زمن عبور القناة للسفينة ودخلا اضافيا للقناة, كما تم تعزيز مهمات الهيئة الرئيسية لكي تواكب متطلبات العملاء الجدد للقناة بعد الانتهاء ومن تنفيذ مشروع توسيع وتعميق المجري الملاحي مما جذب الناقلات الكبيرة وسفن الصلب لعبور القناة وهي تتطلب خدمة وعناية خاصة.
متعددة الأنشطة
أحد خبراء الملاحة والذين شاركوا بجهدهم في عمليات تطوير وادارة القناة يطرح عدة محاور للتطوير من بينها مساهمة هيئة قناة السويس في انشاء شركات تقوم بتأدية خدمات مثل انشاء شركات التوكيلات الملاحية للسفن العابرة للقناة وهو مايمكن أن يضيف دخلا اضافيا لايقل عن200 مليون دولار وكذلك انشاء شركات ملاحية لتشغيل سفن الروافد للعمل بين موانيء المنطقة والموانيء المحيطة بها وكذلك امتلاك وتشغيل اسطول للنقل البحري يعمل في نقل التجارة الدولية بين التكتلات الاقتصادية الرئيسية, فشركات نقل الحاويات العملاقة حصلت عام95 علي90 مليار دولار كتوالين للشحن كذلك انشاء شركات للشحن والتفريغ وتداول الحاويات وتموينات السفن والقيام بتطوير ترساناتها لكي تتمكن من تقديم خدمة الاصلاح للسفن العابرة والمترددة علي المنطقة والقيام بأنشطة أخري مثل تخزين السفن حتي تستفيد من رخص الايدي العاملة المتوافرة في مصر ويصل سعر سفينة الحاويات سعه6 آلاف حاوية لمائة مليون دولار فاذا تم تحديث صناعة بناء السفن بترسانات هيئة قناة السويس بالتعاون مع الترسانات الاجنبية فإن هذه الترسانات تستطيع الحصول علي حصة من سوق بناء السفن العالمية وتستفيد من العمالة الفنية المتوافرة لديها كذلك يمكن لقناة السويس باستخدام كراكاتها للدخول في عمليات انشاء الموانيء في المنطقة وخاصة في الخليج العربي كذلك يمكن انشاء شركات لأعمال القطر والانقاذ في البحرين الاحمر والابيض بما هو متوافر لديها من قاطرات وخبرات فنية في هذا المجال كذلك تقديم الخدمات البحرية لحقول البترول الموجودة في المنطقة فالتزايد المستمر لاستخدام للحاويات في النقل البحري يتطلب انشاء مصانع لتصنيع هذه الحاويات كذلك مراكز لإصلاح هذه الحاويات في موانيء قناة السويس, كما أن الهيئة يمكن أن تمتلك شركة للتأمين للقيام بكافة اعمال التأمين للانشطة المختلفة الموجودة في المنطقة.
ويري الخبير أن انشاء شركة لتقديم تموينات السفن وخاصة تموينات الوقود يمكن أن تضيف لدخل قناة السويس مالا يقل عن500 مليون دولار كذلك يقترح أن تقوم الهيئة بإنشاء شركات للنقل البري والجوي حتي تقوم بدورها في النقل المتعدد الوسائط وتنفيذ هذه السياسات سيمكن هيئة قناة السويس من القيام بدور أكبر في خدمة التجارة الدولية والحصول علي نصيب اكبر من الخدمات البحرية.
الاهرام-مصر
11-1-2005