لم يكن إعلان فوز مرشح حركة فتح لانتخابات الرئاسة الفلسطينية محمود عباس مفاجئا للشارع الفلسطيني، خاصة في ظل عدم وجود مرشح قوي منافس، وغياب المعارضة القوية التي تشكلها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تعد المنافس الرئيس لحركة "فتح" في الشارع الفلسطيني، والتي تمكنت من تعزيز قوتها في أعقاب فوزها الكبير في انتخابات السلطات المحلية، التي جرت في 26 سلطة محلية فلسطينية، تعتبر مواقع تقليدية تسيطر عليها حركة "فتح".
وكانت صناديق الاقتراع أغلقت في تمام التاسعة ليلا، مساء أمس الأحد، بعد أن مُددت لساعتين، حيث كان من المفترض أن تُغلق في السابعة مساءً. وأفادت لجنة الانتخابات المركزية بأن 70 إلى 71 في المائة من الناخبين شاركوا في انتخابات الرئاسة الفلسطينية. ورجحت غالبية استطلاعات الرأي فوز عباس بالانتخابات، بأكثر من 65 في المائة من الأصوات، فيما تكهن استطلاع جامعة "النجاح" بحصول عباس على 65.9 في المائة من الأصوات.
وجاء التمديد ليعطي فرصةً للمصوتين الفلسطينيين المؤيدين لمرشح حركة "فتح" للوصول إلى مراكز الاقتراع، بعد نداءات وجهت عبر محطات التلفزة المحلية تحث المواطنين الفلسطينيين على الخروج إلى صناديق الاقتراع، بعد توالي الأنباء عن تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لوصول الفلسطينيين، على الحواجز العسكرية.
وأصدر المرشحان للرئاسة مصطفى البرغوثي وتيسير خالد منشورين مستقلين يقولان فيهما بأنّ تمديد فترة الاقتراع جاء "ليسهّل عملية التزوير" في صناديق الاقتراع. في حين تحدثت مؤسسات حقوقية فلسطينية راقبت العملية الانتخابية عن استباحة مراكز السجل المدني من قبل الناخبين المؤيدين لحركة "فتح"، وأن الكثير من أنصار الحركة صوتوا مرتين، مرة في المراكز العادية، ومرة ثانية في مراكز السجل المدني، مكتفين بالاستظهار ببطاقة الهوية.
استطلاع: 70 في المائة لعباس
وأعلنت جامعة بير زيت، عن النتائج الأولية لبحثها الاستطلاعي بشأن نتائج الانتخابات الفلسطينية، بناءً على عينة وصلت إلى 7,000 ناخب في أرجاء المناطق الفلسطينية. وقال الاستطلاع إنه نظرًا للصعوبات التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي فإنه لم يكن بوسع الجامعة توفير نسبة دقيقة، أو تقترب من الدقة بالقدر الكافي لنسب التصويت النهائية، وذلك بسبب المضايقات، التي تعرض لها عدد من باحثي الجامعة، خاصة في القدس الشرقية، وفي نابلس وجنين، حيث اعتقل اثنان منهم.
وقد عرض ممثلو الجامعة نتيجتين: النتيجة الأولى تأخذ بالحسبان الأوراق البيضاء، ونتيجة ثانية، وهي المعمول بها، لا تأخذ هذه الأوراق بالحسبان، وهي تمنح المرشحين نسبًا أعلى بطبيعة الحال.
ويستدل من نتائج هذا الاستطلاع والتي تشمل الأوراق البيضاء: أن مرشح حركة "فتح" محمود عباس حصل على 66.2 في المائة، بينما حصل مصطفى البرغوثي على 18.1 في المائة، وحصل مرشح حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي على 3.17 في المائة، وحصل مرشح الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تيسير خالد على 2,3 في المائة، بينما حصل المرشح المستقل عبد الحليم الأشقر على 2.2 في المائة، وعبد الكريم شبير على أقل من 1 في المائة، وحصل سيد حسين بركة على أقل من 1 في المائة ، وبلغت نسبة الأوراق البيضاء 5.4 في المائة.
وبحسب النتائج التي لا تشمل الأوراق البيضاء يكون التوزيع كالتالي: محمود عباس: 70 في المائة؛ مصطفى البرغوثي: 20 في المائة؛ بسام الصالحي: 3.9 في المائة؛ تيسير خالد: 2.6 في المائة؛ عبد الحليم الأشقر: 1 في المائة؛ عبد الكريم شبير: 1 في المائة؛ سيد حسين بركة: 1 في المائة.
وقال ممثل الجامعة في مؤتمر صحفي، عُرضت فيه النتائج المذكورة، إنّ نتائج العينة ظلت تصل حتى الثامنة والنصف مساءً، أي قبل إغلاق الصناديق بنصف ساعة. وقال "لم نلحظ أية تغييرات جذرية خلال النهار"، في النسب والنتائج الواردة. وهذا التصريح قد يلغي أي ادعاءات ضد عمليات تزوير يُدّعى أنها حدثت بعد تمديد فترة الاقتراع.
احتجاجات ومقاطعة
في غضون ذلك قدم عدد من المرشحين لانتخابات الرئاسة احتجاجات رسمية للجنة الانتخابات المركزية على قرار السماح بالتصويت لكل من يبرز هويته الشخصية، دون أن يكون اسمه مدونا في سجل الناخبين. واعتبرت كتب الاحتجاج القرار بأنه غير مبرر وغير مقنع، ومن شأنه أن يقود إلى الفوضى والتزوير، وفق ما ذكره مرشح الجبهة الديمقراطية تيسير خالد في بيان خاص.
كما احتج مرشح المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي على القرار، وبعث برسالة احتجاج بهذا الخصوص، وحذر في بيانه من أن ذلك يتيح للبعض التصويت عدة مرات.
من جهته اتهم رئيس حملة محمود عباس الانتخابية الطيب عبد الرحيم، لجنة الانتخابات بمنع آلاف الفلسطينيين من الإدلاء بأصواتهم، من خلال عدم الاعتراف بسجل الأحوال المدنية، رغم قرار المجلس التشريعي، الذي كان قد صدر في السابق بشأن إمكانية تصويت المواطن الفلسطيني ما دام يحمل هويته الشخصية.
وأبدى عبد الرحيم استهجانه لقيام عدد كبير من موظفي صناديق الاقتراع بالتعامل السيء، حسب وصفه، مع المواطنين، وإجبارهم على التنقل بين نحو خمسة صناديق للتصويت، دون أن يجدوا لهم أسماء، مشيرا إلى أنه تم التوجه إلى اللجنة التي أعدت السجلات ولكن لم يتم تلقي أي رد حتى اللحظة.
كما اتهم وزير الداخلية الفلسطيني حكم بلعاوي لجنة الانتخابات الفلسطينية بعدم التعاون مع وزارة الداخلية الفلسطينية، بخصوص الأشخاص، الذين لم ترد أسماؤهم في سجلات الناخبين كونهم لم يسجلوا، أو أن أسماؤهم سقطت لسبب ما، لكن لجنة الانتخابات عادت، كما يبدو، بعد ضغوط مورست عليها من قبل السلطة الفلسطيني ، حيث أعلنت عن تمديد فترة الانتخاب، كما دعت جميع الأشخاص ممن لم ينتخبوا ولا توجد لهم أسماء إلى التصويت بناء على الهوية الشخصية.
النتائج الرسمية ظهر اليوم
وقال بهاء البكري، مدير العلاقات العامة بلجنة الانتخابات المركزية إن إعلان نتيجة الانتخابات بشكل رسمي سيتم ظهر اليوم، لكن قد يتم تأجيله لمدة أسبوع إذا تم تقديم طعون إلى محكمة الانتخابات، التي بإمكانها الرد والحكم في أي طعن خلال خمسة أيام، وعندها سيتم الإعلان عن النتيجة النهائية غير الرسمية بعد فرز الأصوات التي حصل عليها كل مرشح، ويتم انتظار الإعلان الرسمي، بعد حكم محكمة الانتخابات في حال تقديم طعون.
وأضاف أن الطعون يمكن تقديمها من خلال أربعة مستويات، وهى محطة الاقتراع، والدائرة الانتخابية، واللجنة المركزية للانتخابات، ومحكمة الانتخابات، ويمكن أن يقدمها المرشحون أو وكلاؤهم وأيضا المراقبون الدوليون.
عباس احتفل بفوزه قبل إعلان النتائج الرسمية
من جهته احتفل محمود عباس بفوزه في الانتخابات، وأهدى النصر إلى روح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ولأرواح الشهداء والجرحى وإلى الأسرى خلف قضبان الاحتلال.
فبعد حوالي ساعتين على إغلاق صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية الفلسطينية، وبدء فرز الأصوات، ألقى محمود عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ومرشح "فتح" للرئاسة، "خطاب النصر"، أمام مؤيديه من عناصر حركة "فتح". وتأتي هذه الخطوة بعد تأكيد كل استطلاعات الرأي على فوزه، بما لا يقل عن نسبة 60 في المائة من أصوات المقترعين.
واستقبل عباس خلال خطابه مكالمات بالهاتف من ممثلي الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال، الذين حظوْا باهتمام كبير في خطاب عباس. كما لم ينسَ عباس التوجه إلى "الفصائل الفلسطينية الأخرى" وإهدائهم النصر أيضًا، في الوقت الذي لم يُهدِ النصر إلى اللاجئين، في تجاهل قد يُفسّر على أنه "هفوة"، أو أنه إعلان نوايا، بصدد نوايا مستقبلية في تعامله مع هذا الموضوع.
قدس برس
10-1-2005