أشاد تقرير غربي حديث بالإنجازات الهائلة التي تحققها مجموعة طيران الإمارات التي نجحت في التحليق إلى العالمية وإحراز نتائج مبهرة في الوقت الذي يعاني فيه قطاع الطيران العالمي من تباطؤ في النمو. ونقل التقرير عن موريس فلانجان رئيس طيران الإمارات تأكيداته بأن الشركة لا تتلقى دعماً من حكومة دبي وأنها تعتمد على نفسها وعلى مواردها الذاتية ومنذ البداية. وأوضح التقرير الذي أعدته صحيفة "وول ستريت جورنال" ونشرته أمس أن نجاح دبي في إثبات نفسها كمحور بارز للسياحة والسفر في المنطقة وقدرتها على استقطاب ملايين السياح سنوياً، حيث يزيد عدد المسافرين عبر المطار على 20 مليون مسافر سنوياً، تعد من العوامل الرئيسية وراء النمو المطرد لطيران الإمارات التي واصلت النمو بمتوسط سنوي لا يقل عن 25 على مدى العقدين الماضيين، ويعد هذا أعلى مستوى نمو تحرزه شركة طيران على مستوى العالم.
"البريطانية" تشكو من صعوبة المنافسة مع "الإمارات"
و"الفرنسية" تلقي تبعات نجاحها إلى الدعم الحكومي
وقالت الصحيفة ان طيران الإمارات التي بدأت عملها بطائرتين مستأجرتين عام 1985 تواصل النمو بقوة وعنفوان لتوطد وجودها في ساحة الطيران الدولية وتتنافس على قدم المساواة مع كبرى شركات الطيران العالمية. وأضافت أن الشركة قامت على مدى الأعوام القليلة الماضية بمضاعفة سربها وفاجأت العالم بعقد صفقات لشراء 99 طائرة ضخمة، منها 45 من طائرات إيرباص العملاقة من طراز A380، الطائرة الأكبر في العالم حيث تتسع لاستيعاب أكثر من 555 مقعداً.
وأكد التقرير أن كبريات شركات الطيران العالمية تشعر بالقلق من النجاح المستمر لطيران الإمارات خاصة بسبب انخفاض الأسعار والجودة مقارنة بالمنافسين. وتخشى شركات الطيران العالمية الكبرى من أن يكون تأثير عروض طيران الإمارات وغيرها من شركات الطيران التابعة لدول الخليج تأثيرا مشابها لتبعات النمو المطرد لشركات الطيران منخفضة التكلفة على أسواق الرحلات القصيرة في الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال التقرير ان شركات الطيران الأمريكية التي لا تتنافس بشكل مباشر في الوقت الحاضر مع طيران الإمارات ربما تشعر بدورها بتبعات النمو المطرد لطيران الإمارات نتيجة هروب شركات الطيران الأوروبية من المنافسة الحادة للإمارات إلى وجهات مختلفة تطير إليها الشركات الأمريكية.
وأضاف أن السبب الرئيسي وراء الدمج بين شركة "كونتاس" الاسترالية وخطوط الطيران النيوزلندية في العام الماضي هو كما أكدت الشركتان توسع طيران الإمارات في أسواقهما. ومن جهتها فإن خطوط الطيران البريطانية بريتيش إيرويز تشكو من صعوبة التنافس مع طيران الإمارات، ونقل التقرير عن أندرو كاهن مدير العلاقات الحكومية لدى الشركة قوله إن طيران الإمارات تسحب البساط من شركته فيما يتعلق بالرحلات الطويلة بين بريطانيا ومطار دبي.
ومن جانبه يرى جان كوريل سبينيتا رئيس شركة إير فرانس أن السر في قدرة طيران الإمارات على تقديم عروض منخفضة يرجع إلى تلقيها الدعم المالي من حكومة دبي.
غير أن رد طيران الإمارات على مثل هذه الاتهامات كان حاسماً، وقد نقل التقرير عن فلانجان قوله: "تأمل الشركات المنافسة أن تتمكن من الاختباء وراء قوانين الحمائية على الرغم من أنها هي الغارقة إلى أذنيها في الدعم الحكومي".
وأكد فلانجان ان حكومة دبي استثمرت 10 ملايين دولار لإنشاء طيران الإمارات قبل 20 عاماً، ولم تتلق الشركة أي دعم حكومي منذ ذلك الوقت، بل وفاقت توزيعات الأرباح التي حصلت عليها الحكومة وبكثير ما دفعت من استثمارات. وأوضح أن طيران الإمارات لا تعتمد إلا على نفسها ومواردها الذاتية منذ البداية ومن المعروف أن طيران الإمارات تحرص على نشر حساباتها المالية التي تخضع لتدقيق مؤسسة المحاسبة الشهيرة "برايس ووتر هاوس كوبرز" وفقاً للمعايير الدولية.
ومن جانبه أكد تيم كلارك رئيس طيران الإمارات أن الهجوم على طيران الإمارات يثبت مقولة "الشجار المثمرة وحدها تلقى بالحجارة" موضحاً أن المنافسين لا يستطيعون أن يصدقوا أن الشركة نجحت في تجاوز كل الأزمات التي عانتها المنطقة وتمكنت من الحفاظ على مستوى ربحية مرتفع.
وقال فلانجان إن سر نجاح الشركة في تجاوز الأزمات والحروب التي عاشتها المنطقة بداية من حرب العراق وإيران إلى غزو الكويت والحرب الأمريكية ضد العراق يكمن في استمرارها في العمل في الوقت الذي قام فيه المنافسون بإلغاء رحلاتهم في المنطقة.
وقالت الصحيفة ان طيران الإمارات تعزو أسباب نجاحها إلى عوامل عدة ومن أهمها انخفاض التكاليف والموقع الاستراتيجي لمدينة دبي والفعالية التي يتميز بها مطار دبي الدولي. وأوضحت أن هذه العوامل ساعدت الشركة على مواصلة نجاحها في تسيير رحلات تجوب العالم ومركزها دبي.
وكانت الشركة قد أعلنت عن نمو أرباحها الصافية بمعدل 41 في النصف الأول من العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من 2003 لتصل إلى 236 مليون (866 مليون درهم) على عائدات بلغت 2.2 مليار دولار (8،1 مليار درهم). وعلى الرغم من أن الشركة تأثرت جراء ارتفاع أسعار الوقود، إلا أن كبار المسؤولين فيها أكدوا أن خطط النمو والتوسع تمضي على قدم وساق.
وتحدث التقرير عن إنجازات دبي في شتى المجالات وكيف نجحت في إرساء قواعد النمو والتنمية لتصبح واحدة من أهم محاور الأعمال والسياحة العالمية. وتناول مشاريع المدينة الضخمة مثل مشاريع النخلة ومشروع توسعة مطار دبي الدولي وبرج دبي إضافة إلى مشاريع البنية التحتية اللازمة لمواكبة التوسع المستمر للمدينة.
وقال التقرير ان طيران الإمارات أسهمت بدور مهم في النقلة الهائلة التي شهدتها وتشهدها مدينة دبي، ويمكن القول على حد تعبير مارك تيرنر المدير لدى المجموعة ان طيران الإمارات تدعم نهضة دبي والمدينة بدورها تدعم نمو خطوط الإمارات.
واليوم تسير الإمارات رحلات إلى مختلف مناطق العالم وهي مستمرة في توسعة نطاق وجهاتها العالمية، فهي قد دخلت إلى سوق أستراليا عام 1996 وهي تسير اليوم 49 رحلة أسبوعية إلى أربعة مدن هناك. وفي أوروبا لم تكتف المجموعة برحلاتها إلى العواصم الكبرى بل أطلقت رحلات إلى مدن أخرى مثل دوسلدورف في ألمانيا وجينيف في سويسرا.
ودخلت طيران الإمارات في يونيو/ حزيران الماضي إلى السوق الأمريكية لتسير رحلات مباشرة إلى مدينة نيويورك، وهي تخطط لتوسعة نطاق رحلاتها ليشمل مدناً أمريكية أخرى. ويتوقع خبراء مؤسسة جولدمان ساكس أن عدد المقاعد على رحلات طيران الإمارات من الممكن أن يفوق إجمالي نظيره الحالي لدى بريتيش إيرويز التي تعد أكبر شركة طيران على مستوى العالم في غضون 5 سنوات.
وقال فلانجان ان دبي تتمتع بموقع استراتيجي متميز، فبالنظر إلى خريطة العالم نجد أن دبي تأتي في المركز مما يمكن طيران الإمارات، بمساعدة التقنية العالية المستخدمة في طائراتها، من أن تكون حلقة الوصل بين أي نقطتين على سطح الأرض.
وتساعد سياسة المجموعة التشغيلية التي تعتمد على اتخاذ دبي مركزاً لرحلاتها على تقديم خدمات لوجهات يصعب عليها قبول الرحلات المباشرة مثل بيشاور والخرطوم. ويدرس مسؤولو المجموعة في الوقت الحاضر خططاً لتوسعة رحلاتها إلى 19 دولة افريقية، خاصة أن تدني مستوى المنافسة في هذه الدول يعني ارتفاع مستوى الربحية المتوقع.
ولكن التكلفة المنخفضة ليست العامل الوحيد الذي يجعل طيران الإمارات تتألق عالمياً، فقد حصلت الشركة على العديد من الجوائز لما تقدم من خدمات متميزة ويكفي القول ان التعليمات على سطح طائرات الشركة مكتوبة بثماني لغات مختلفة منها الهندية والسنغالية مما يؤكد حرص الشركة على توفير أفضل أسباب الراحة للركاب.
ويبلغ عدد العاملين في الطواقم الجوية للشركة في الوقت الحاضر نحو 5500 فرد من 115 دولة. وغالباً ما يتقن أفراد الطاقم الواحد الحديث بأكثر من 10 لغات. ومن المتوقع أن يصل عدد العاملين في طواقم الشركة إلى 15 ألف فرد بحلول عام ،2010 وتتلقى الشركة اليوم نحو 250 ألف طلب عمل سنوياً من مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من ارتفاع الأجور والرواتب التي تقدمها الشركة إلا أن نسبة تكلفة الأجور إلى إجمالي التكاليف لا تزيد على 20 مقارنة بنحو 35 بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة وذلك بفضل تنوع جنسيات العاملين لدى الشركة إضافة إلى عدم فرض دبي للضرائب.
وقد أكدت دراسة حديثة لجولدمان ساكس أن طيران الإمارات بالفعل تشكل منافساً قوياً في الأسواق الأوروبية والأسترالية، فعلى سبيل المثال تتكلف رحلة درجة رجال الأعمال من فرانكفورت إلى سيدني 4300 دولار على متن رحلات الإمارات مقارنة بنحو 7900 دولار على متن طائرات لوفتهانزا.
ومن طرفه أكد كلارك أن طيران الإمارات نجحت في خلق المزيد من الطلب على الرحلات الطويلة وأسهمت في حفز أداء الأسواق العالمية. وقال إن الفرص أمام الشركة في أسواق الولايات المتحدة والصين والهند تبدو بالفعل واعدة.
الخليج-الامارات
12-1-2005