تزايد حدة المعارضة لنتائج اتفاق "الكويز" بين مصر وإسرائيل
القاهرة: محمد بركه
ارتفعت مرة أخرى أصوات المعارضين لتوقيع اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة "QIZ" بين مصر وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل على الرغم من انقضاء ما يقرب من شهر على مراسم التوقيع في القاهرة، حيث أخذ الرفض شكلاً منظماً عن طريق بعض الأحزاب المصرية المؤثرة في الشارع السياسي. وأعلن كل من حزبي "الوفد" و"التجمع الوطني الديمقراطي" رفضهما للاتفاق وتزامن ذلك مع رد فعل مواز في أوساط بعض الأكاديميين الذين أعلنوا رفضهم كذلك للاتفاق لما فيه من إلحاق الضرر بالمصلحة المصرية والعربية.
وكانت أكثر الأصوات حدة في التعبير عن رفضها وكيل نقابة الصحفيين المصريين صلاح عبد المقصود الذي وصف الاتفاق بـ "المشؤوم". وقال "إن ما حدث وجه ضربة لإرادة الشعب المصري الذي قاد على مدى العقود الثلاثة الأخيرة الحملة العربية لمقاومة التطبيع".
وأضاف: "إن هذا الاتفاق شر كله على مصر وفلسطين والعرب، وإنه بات يتوجب العمل على مواجهة التسلل الصهيوني الذي لا يسعى إلا للخراب والتدمير".
وتجاوبت أصداء الرفض مع الاعتراف الرسمي لوزير التجارة الخارجية والصناعة المصري رشيد محمد رشيد بأن الاتفاق ليس حلاً لمشكلات البلاد الاقتصادية وأنه جاء استجابة لمطالب تجمعات الأعمال، حيث اعتمدت الأحزاب المصرية التي أعلنت رفضها صراحة للاتفاق على التأكيد بأن الثمن المدفوع للاتفاق أكبر كثيراً من العائدات المتوقعة منه.
ولم يخف رئيس اللجنة الاقتصادية في حزب التجمع المصري المعارض الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة مخاوفه من الآثار السلبية للاتفاق على الصناعات المصرية الناشئة في مجال صناعة الملابس خارج المناطق المؤهلة. حيث ينذر وضع المصانع القائمة خارج هذا النطاق بتوقف النشاط وتحويل العاملين فيها إلى "طابور" البطالة الطويل في البلاد. وأشار عبد الخالق إلى أن من بين الآثار السلبية التي ينتظر أن يتسبب فيها الاتفاق ما يترتب على علاقات مصر الاقتصادية على الصعيد الإقليمي حيث ترتبط مصر باتفاقية تيسير التجارة العربية وعلى الصعيد الدولي حيث ترتبط باتفاق المشاركة مع الاتحاد الأوروبي.
فيما أعلن حزب "الوفد" المعارض رفضه على المستوى العام وعلى مستوي لجنة الحزب في بورسعيد إحدى المدن التي يشملها الاتفاق رفضها له، حيث أكد سكرتير عام اللجنة في بورسعيد صفوت عبد الحميد أن الاتفاق مجحف لحقوق الغالبية من منتجي الملابس والتجار وأن الحديث عن العائد الاقتصادي والتجربة الأردنية ينبغي أن يوضع في سياقه الحقيقي بعيداً عن التهويل على أساس القدرات الحالية وفرص الاستفادة الفعلية مقارنة بما كان سائداً من قبل حيث خسرت مصر في الواقع ما كانت تحصل عليه من مزايا في ظل نظام الحصص الذي كان مسموحاً لمصانع الملابس والمنسوجات المصرية التصديرية إلى السوق الأمريكي وهو ما أصبح لاغياً في الوقت الراهن.
ولاحظ عبد الحميد أن هذه المزايا تحولت من الشركات والمصانع المنتجة دون تمييز إلى المصانع التي يتم تشغيلها فقط داخل المناطق المؤهلة وفقاً لنسبة مكونات السلع التي تتضمن 11.7% مدخلات إسرائيلية ونحو 15% أخرى مدخلات أمريكية وهو ما أصبح يهدد كثيراً من المصانع بالإغلاق.
وحول احتمالات انسحاب آثار هذا الاتفاق على العلاقات التجارية بين مصر والدول العربية كشف رئيس مركز صالح كامل للدراسات الاقتصادية الدكتور محمد عبدالحليم عمر أن الاتفاق يمكن أن يضر بالعلاقات التجارية المصرية العربية، حيث لا يمكن أن تسمح اتفاقية تيسير التجارة العربية التي بدأ العمل بها منذ مطلع هذا العام بقبول تدفق أي من السلع التي تحتوى على مكون إسرائيلي بين مدخلات إنتاجها دون أية عوائق جمركية، ويترتب على ذلك حرمان مصر من حصة هامة من تجارتها المرتقبة مع الدول العربية بسبب المدخل الإسرائيلي، فضلاً عن إلحاق الضرر بالصناعة العربية التي كان من الممكن أن تدخل في شراكة مع الصناعة المصرية للاستفادة من بنود الاتفاق الأخرى.
ولفت عمر إلى ضرورة التحرك لمواءمة نتائج الاتفاق مع متطلبات الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي التي يتعين التوافق معها وإلا لحقت خسائر إضافية بالتجارة الخارجية المصرية مع الاتحاد الأوروبي.
الوطن-السعودية
13-1-2005