ولد رسام المدرسة الرمزية الفرنسي هنري ماتيسس في ديسمبر من عام 1869 في بلدة صغيرة جنوب فرنسا. والتحق بمدرسة عامة في العاشرة من عمره لدراسة اللغة اللاتينية واللغة اليونانية، وعام 1887 تخرج في المدرسة الثانوية وسافر الى باريس لدراسة القانون، وعاد الى بلدة قريبة من موطنه بعد تخرجه عام 1890 ليبدأ العمل كموظف في مكتب محاماة، وكان عمله الرئيسي نسخ الملفّات لحفظها في الأرشيف.
وفي عام 1890، أصيب بالتهاب الزائدة الدودية وأقام في المستشفى. وأهدته والدته صندوق أدوات رسم للتغلب على الملل. ومنذ ذلك الوقت انطلقت حماسة هنري للرسم وأصبحت فترة المرض هذه نقطة تحول في حياة هنري كفنان. وفي العام التالي، أقنع والده ليسافر الى باريس مرة ثانية مستهدفا أن يصبح رساما محترفا. ودرس الرسم الكلاسيكي أولا، ثم تحول الى الرسم الرمزي. ودرس اللوحات الكلاسيكية المحفوظة في متحف اللوفر بجد واجتهاد وقلّد هذه الأعمال الكلاسيكية العظيمة، ورسم مناظر حية في شوارع باريس، ناشدا طريقه الفني الخاص.
وفي عام 1896، عرضت أربع لوحات زيتية له لأول مرة في "صالون إتحاد الفنون الكلاسيكية الوطني" وحظيت بنجاح كبير. وبعد سنتين تزوج هينري من امرأة لطيفة وطيبة، وبدأ يجرب الإبداع في فن النحت. ومن عام 1896 الى عام 1904 استوحي الفنان من الأعمال الانطباعية والانطباعية الجديدة والانطباعية الخلفية، ورسم لوحات لا تحصى في الشوارع والمقاهي، حتى تقدم كثيرا في استخدام الألوان متأثرا بالرسام الكبير سيزان. وفي عام 1905 ظهر مذهب جديد يسمى ب"الوحشية" في تاريخ فن الرسم الغربي يتركز على إبداع هنري ماتيسسي الجريئ. واشتهر اسم هذا الفنان المبدع في أنحاء العالم بسرعة.
وبعد عام 1906 دخل إبداع هينري مرحلة إنتاج، حيث أقام معارض فردية في باريس ونيويورك وموسكو ولندن وستوكهولم وبرلين وغيرها من المدن الكبيرة. واغتنم هذه الفرص ليسافر الى أرجاء أوربا وإفريقيا الشمالية، باحثا عن إلهام جديد من أنحاء العالم. وأصبح من أنشط الرسامين على الصعيد الدولي.
ومنذ عام 1920 وسع ماتيسسي مجال إبداعه وأظهر موهبة مذهلة في فنون النحت والنقش والرسم الجداري والرسم التوضيحي. وبلغت مسيرته الفنية ذروتها عام 1930 وادعاه زملاؤه ب"أشهر رسام في القرن العشرين".
وفي عام 1941 عندما كان في الثانية والسبعين من عمره، أصيب هنري ماتيسسي بمرض معوي وعانى من عمليتين جراحيتين مؤلمتين، ولم يعالج تماما أبدا منذ ذلك الوقت. لم يعد يستطيع أن يرسم، فبدأ إبداعا فنيا جديدا—مقصوصات. ولأجل قص أعمالا ملونة مفعمة بالحيوية، صبغ أوراق القص بألوان مختلفة بنفسه، وقصها راقدا في السرير. وقضى السنتين الأخيرتين من حياته مريضا طريح القراش غير أن إبداعه لم يتوقف ولا ليوم واحد.