عمان - رانيا الهندي - قالت دراسة محلية أن عددا محدودا من تجار الكهربائيات والالكترونيات في المملكة استفادوا من الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية وذلك لاعتمادهم بشكل كبير على الشراء المحلي من تجار الجملة (تجارة داخلية)
ورأت الدراسة التي أعدتها غرفة تجارة عمان حول «واقع قطاع تجارة الكهربائيات والالكترونيات في الاردن» أن الغالبية العظمى من الشركات لا تستفيد من هذه الاتفاقيات نظرا لاعتماد التجار بشكل كبير على الشراء المحلي من تجار الجملة (تجارة داخلية). وبالتالي فان استخدام هذه الاتفاقيات يكون من قبل المستوردين فقط، والذين يشكلون نسبة متواضعة من إجمالي الشركات التي تتعامل بتجارة الكهربائيات والإلكترونيات
وحسب الدراسة ... بلغت نسبة التجار الذين يستفيدون من اتفاقية التجارة الحرة الأردنية الأمريكية ، واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (1%) لكل منهما من مجموع التجار الذين تم توزيع الاستبانة والبالغ عددهم 600 تاجر ، و (7%) من اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى ، و (2%) من الاتفاقيات الثنائية (البروتوكولات)
يحتل قطاع تجارة الكهربائيات والالكترونيات أهمية خاصة في النشاط الاقتصادي في المملكة بشكل عام والتجاري على وجه الخصوص، ويلعب دوراً مؤثراً في تلبية وتوفير الاحتياجات المتزايدة من المنتجات الكهربائية والالكترونية لكافة فئات وشرائح المجتمع حيث تنبع أهمية هذا القطاع من طبيعة المواد والمنتجات التي يتعامل بها والتي تعتبر من السلع الاستهلاكية الهامة والضرورية في المجتمع الأردني، حيث بلغت قيمة مستوردات هذا القطاع خلال عام 2003 نحو (6ر229) مليون دينار، ويبلغ عدد الشركات المسجلة في كافة الدرجات المعتمدة لدى غرفة تجارة عمان والعاملة في هذا القطاع (1776) شركة ومؤسسة، ويعمل في قطاع الكهربائيات والالكترونيات حوالي (15) ألف عامل بشقيه التجاري والصناعي
وأشارت الدراسة الى عدم وضوح الرؤى المستقبلية لقطاع تجارة الكهربائيات والإلكترونيات بشكل متكامل ، فان معظم تجار هذا القطاع لم يكونوا متفائلين بالمستقبل المتوقع لتجارتهم ، حيث توقعت نسبة (58%) منهم حدوث تراجع خلال السنوات العشر المقبلة ، في حين توقعت نسبة (25%) منهم أن مستقبل هذا القطاع سيكون مستقراً خلال السنوات القادمة ، أما باقي الشركات المشمولة بالعينة والبالغ نسبتها (17%) فقد توقعت ازدهار تجارتها خلال السنوات العشر المقبلة
وتأتي النظرة التشاؤمية للتجار الذين توقعوا تراجعا في أداء هذا القطاع خلال السنوات القادمة ، انطلاقا من الوضع الحرج والركود الذي تعيشه الأسواق حالياً، حيث اتسم وضع السوق خلال السنوات الأخيرة بالتراجع المستمر مما أدى إلى عدم التفاؤل بمستقبل القطاع للسنوات المقبلة ، وبالرغم من ذلك فان هنالك نسبة جيدة من تجار القطاع بلغت (25%) تتوقع أن يكون وضع السوق المحلي مستقراً نوعاً ما ، وكذلك هنالك نسبة لا بأس بها من التجار (17%) تتوقع مستقبلاً مزدهراً لسوق تجارة الكهربائيات والإلكترونيات في المملكة
أكدت الدراسة مجموعة كبيرة من الشركات المشمولة بالعينة وصلت نسبتها إلى (56%) ، أن السوق المحلي يمتلك القدرة لاستيعاب منتجات هذه الشركات ، في حين أن نسبة (44%) من الشركات لا ترى أن السوق المحلي قادر على استيعاب منتجاتها بشكل كامل.
وذكرت الدراسة إن العينة المشمولة من الشركات هي شركات تجارية تقوم عادة بالاستيراد من بلدان أجنبية لتزويد السوق المحلي بالسلع التي تفتقر إليها الصناعات المحلية أو التي تنافسها في الجودة والسعر ، وبالتالي فأن هدفها هو الاستيراد للبيع داخل السوق المحلي ، بعكس الشركات الصناعية التي تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى الأسواق الخارجية
وبذلك كانت نسبة الشركات التي تبحث عن أسواق خارجية (39%) فقط، وهي على الأغلب الشركات المهتمة بإعادة التصدير من خلال المناطق الحرة ، أما الشركات التي لا تبحث عن أسواق لها خارج الأردن فقد بلغت نسبتها (51%)
وأضافت أن الوقت الذي تحتاجه الشركات للاستجابة لأي تضاعف مفاجىء في الطلب على منتجاتها يعتمد بشكل كبير على حجومها ، وعلى مدى قدرتها ونفوذها في السوق المحلي أو الخارجي لتوفير أية كمية من منتجاتها لتلبية تضاعف الطلب عليها ضمن وقت معقول يضمن الاستفادة من ازدياد الطلب بشكل تنافسي عادل
فقد أكدت الدراسة أن ما نسبته (19%) من الشركات أنها قادرة على الاستجابة لتضاعف الطلب على منتجاتها خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة شهور ـ وعادة ما يكون هذا النوع من الشركات كبير الحجم ويتمتع بنفوذ تجاري واسع محلياً وخارجياً وتعتمد سياساته الإستراتيجية على تخزين كميات معقولة من المنتجات للاستجابة لأي ازدياد مفاجىء في الطلب عليها
أما الشركات التي تحتاج إلى وقت يتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة شهور فان نسبتها تقريباً (8%) وهي على الأغلب من الشركات متوسطة الحجم ، وبخصوص الشركات التي تستغرق فترة ستة شهور إلى عام للاستجابة لتضاعف الطلب فإن نسبتها تقدر ب (12%) ، وأخيراً فإن هنالك ما نسبته (6%) من الشركات التي تحتاج لأكثر من عام للاستجابة لتضاعف الطلب على منتجاتها ـ وهذه الفئة من الشركات تعتبر صغيرة الحجم ـ وعادة ما تكون من محال بيع التجزئة- المنتشرة في مختلف مناطق المملكة والتي تعتمد على البيع والشراء اليومي أو الأسبوعي.
ترى معظم الشركات المشمولة في العينة وجود بعض القوانين الاقتصادية التي لها علاقة مباشرة بأعمالها التجارية ، والتي تؤثر بشكل أو بأخر على قدرة هذه الشركات على النمو وتحد من قدرتها على تحسين أدائها التجاري وتوسع أعمالها، وهذه القوانين هي:
- قانون الضريبة العامة على المبيعات: تتركز الشكاوى بخصوص هذا القانون حول عدة أمور أهمها تسارع فرض الضريبة دون منح التجار الوقت الكافي للتكيف معها والاستعداد لاستيفائها وتوريدها ، وعدم التعاون بين موظفي الدائرة والتجار حيث يكون التاجر دائماً في موقف المتهم ، إلى جانب الطرق السلبية التي يتبعها موظفو الدائرة بتفتيش سجلات المبيعات والمشتريات للتجار والتحفظ عليها
- قانون ضريبة الدخل: تتمثل السلبيات التي يراها التجار في تطبيق هذا القانون بعدة أمور أبرزها فرض ما نسبته (2%) على المستوردات لحساب الضريبة عند الاستيراد مما يعني فرض الضريبة دون تحقيق الدخل (الأرباح) وهذا يتعارض مع فلسفة ضريبة الدخل التي يجب أن تفرض على الأرباح بعد تحققها ، وكذلك وجود مبالغة في تقدير وتخمين ضريبة الدخل على التجار الذين لا يمسكون حسابات منتظمة
- القوانين المتعلقة بمؤسسة المواصفات والمقاييس (برنامج ضمان): يشكو التجار من الطرق المتبعة في تنفيذ برنامج شهادات المطابقة في بلد المنشأ (برنامج ضمان / الشركة الفرنسية بيروفيرتاس) ، حيث أدى هذا البرنامج إلى ازدياد كلفة فحص المستوردات بشكل ملحوظ جداً ، إلى جانب التأخير في إنجاز المعاملات ، وعدم توفر مراكز الفحص في جميع بلدان العالم ، علماً بأن مراكز الفحص المحلية (كالجمعية العلمية الملكية) لديها الكفاءات المؤهلة والآلات والأجهزة الحديثة القادرة على فحص معظم المواد والسلع المستوردة ، كما أن برنامج ضمان يفرض فحص العديد من السلع من الماركات الدولية المعروفة التي لا تتطلب الفحص والتي تمتلك شهادات جودة عالمية تؤهلها لدخول جميع بلدان العالم بسهولة ويسر
- قانون الجمارك: يُعتبر تعقيد الإجراءات الجمركية والمبالغة في تخمين أسعار السلع المستوردة من أهم القضايا السلبية التي يراها التجار عائقاً أمام دخول السلع والبضائع للمملكة
- القوانين المتعلقة بإجراءات التراخيص: تتركز شكاوى التجار بهذا الخصوص حول صعوبة إصدار وتجديد التراخيص التجارية والمهنية وارتفاع رسومها
ودعت الدراسة الى إعادة النظر بالآليات المتبعة بخصوص برنامج شهادات المطابقة في بلد المنشأ ، والتي تقوم على تنفيذه الشركة الفرنسية (بيروفيرتاس) ، حيث أن التأخير في إنجاز المعاملات للسلع المستوردة وتكرارها في كل شحنة مستوردة ، وارتفاع تكاليف وأجور فحص السلع ، أصبحت من السمات الأساسية لهذا البرنامج ، وأصبح يشكل عائقاً ملحوظاً أمام انسياب السلع للمملكة بمختلف أصنافها ،علماً بأن استمرار العمل بهذا البرنامج بصورته الحالية قد يؤدي إلى إخراج مجموعة كبيرة من صغار المستوردين من السوق، وتكريس حالة من الاحتكار والتمركز، والمطلوب بهذا الخصوص ما يلي:
- اقتصار تنفيذ هذا البرنامج على السلع التي لا يمكن فحصها في المختبرات الوطنية المتوفرة بالمملكة (كالجمعية العلمية الملكية التي تمتلك مقومات متطورة في فحص معظم السلع)
- إعادة النظر بالكلف والأجور المفروضة على فحص السلع والحد من المبالغة الملحوظة فيها
- الاكتفاء بفحص السلع عند دخولها للمرة الأولى فقط ، وعدم تكرار الفحص لكل شحنة مستوردة من نفس المصدر ونفس الصنف
- زيادة ممثلي الشركة الفرنسية المعتمدين في كافة بلدان العالم ، حيث أن هنالك نقصاً واضحاً في الجهات المعتمدة لفحص السلع خارج المملكة
- اعتماد شهادات المطابقة والجودة العالمية الممنوحة لبعض السلع المستوردة دون الحاجة لإعادة فحصها ، سواء في بلد المنشأ أو عند دخولها للملكة
وضرورة بذل مزيد من الجهود لتوعية وإرشاد القطاعات الاقتصادية المختلفة حول الاتفاقيات الدولية والثنائية التي يرتبط بها الأردن ، وحث هذه القطاعات على الاستفادة منها بشتى الوسائل الممكنة ، نظراً لما توفره من تسهيلات وإعفاءات جمركية وغير جمركية
كما أكدت الدراسة أهمية تعزيز وتطوير البنى التحتية لنظام التدريب والتأهيل المهني والتقني في المملكة ، وإيلاءه الأهمية المناسبة لضمان توفير الكفاءات الإدارية والفنية المتخصصة بشكل يتناسب مع مراحل الانفتاح والنمو الاقتصادي وتنوع القطاعات المستثمرة في الأردن
وشددت على ضرورة ترسيخ مبدأ الشفافية والثقة المتبادلة بين العاملين في القطاعين العام والخاص، والعمل سوياً كفريق متكافىء لتحقيق النمو الاقتصادي المنشود بعيداً عن البيروقراطية والإجتهادات الفردية التي ما تزال تستحوذ على العديد من المرافق الحكومية الى جانب إشراك الفعاليات الاقتصادية في القطاع الخاص في جميع القرارات الاقتصادية، وتعزيز الآليات المناسبة للتنسيق الثنائي بين القطاعين للخروج بقرارات تحافظ على حقوق مختلف الأطراف المعنية
ونوهت الى أهمية تعزيز مستوى المرونة في تطبيق القوانين والأنظمة والتعليمات ذات الصلة بالعمل الاقتصادي ، وتقليص الاجتهادات الفردية في تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع والحد من التغيير المتسارع في القوانين والأنظمة والتعليمات ، والعمل على إقرارها بشكل نهائي يتناسب مع الواقع الفعلي والمستجدات الدولية ، دون إغفال أية ثغرات يمكن أن تؤدي في المستقبل القريب لتعديلها مجدداً ، حيث أن استقرار القوانين يعتبر من العوامل الرئيسة لجذب الاستثمارات المحلية والدولية
ووضع آليات عملية مناسبة للرقابة والحد من دخول السلع المقلدة والمزورة إلى المملكة، والتي تؤثر بشكل كبير على أداء التجار الملتزمين بجودة البضائع وتوفير قطع الغيار وخدمات ما بعد البيع
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على وضع آلية مناسبة لتنظيم منح التراخيص الجديدة ، خاصة في ظل كثرة المحال التي تتعامل بنفس القطاع وبنفس المناطق الجغرافية وتفعيل الآليات المتبعة لتحديد إطار عمل القطاع العام في إطار دور رقابي وإرشادي فقط ، وعدم تركيز دوره بشكل دائم على المخالفات فرض الغرامات واستيفائها وتنظيم وإعادة تأهيل الأنظمة المتبعة في تحديد أسعار الفائدة على التسهيلات الائتمانية ، حيث أن هنالك فرقاً كبيراً بين أسعار الفوائد المستوفاة على هذه التسهيلات وتلك التي يتم منحها على الأموال المودعة لدى البنوك المرخصة والحد من تعدد وازدواجية الجهات الرقابية على العديد من النشاطات الاقتصادية ، وضرورة العمل على توحيد هذه الجهات في جهة واحدة متخصصة إدارياً وفنياً ، وتابعة لأعلى المستويات الحكومية.
الراي-الاردن
25-1-2005