كما عرفنا ان هناك قمم جبال شامخة لا يحصى عددها فى العالم واعلاها هو قمة جبل الهملايا المعروفة بقمة إفرست باعتبارها قمة مقدسة واسمى فى قلوب البشرية ، كلما ذكرناها تخطر ببالنا مجموعات من الياك والغزالات على سفوحها والازهار الثلجية الجميلة تتفتح فى الجبال الثلجية العالية . ولكن بعد ان صعدت البشرية بنجاح قمة جبل الهملايا لاول مرة فى خمسينات القرن الماضى بدأت قمة جبل الهملايا تصبح ملوثة نتيجة كثرة النفايات التى يتركها البشر تدريجيا .
ومن اجل حماية البيئة واعادة نظافة هذه الارض ، نظم نشطاء حماية البيئة من مختلف مناطق الصين عمليات تطوعية كثيرة خلال السنوات الاخيرة . والان
نرافق مع مراسلنا فريق المتطوعين الى جبل الهملايا لتجربة عملية شاقة هادفة لحماية البيئة ميدانيا .
وعرفنا مرسالنا قائلا : " اعزائى ، نحن الان فى اسفل جبل الهملايا للمشاركة فى عملية تنظيف البيئة وحمايتها مع 27 متطوعا قادمين من مختلف مناطق الصين ، ويعتبر هذا اكبر فريق شعبى من المتطوعين لتنظيف قمة جبل الهملايا. ونبدأ انطلاقنا الان نحو القمة ."
جاء هؤلاء المتطوعون من مختلف مناطق الصين ، ثم اجتمعوا فى المعسكر المركزى لمتسلقى الجبل الذى يقع على ارتفاع 5200 متر عن سطح البحر ، حيث وجدوا ان نفايات المعيشة التى تركها متسلقو الجبل والسياح كثيرة جدا مثل الخيام واكياس النوم واسطوانات الاكسجين وغيرها . وكل هذه النفايات لايمكن ان تزال طبيعيا الا بعد آلاف السنين فى مثل هذه الظروف الطبيعية الباردة والجافة .
وبدأ المتطوعون تنظيف هذا المعسكر وحوله، ولكن لم يمض وقت قليل حتى شعر بعضهم بردود فعل وتغيرات عضوية بداخل الجسم . وقالت المتطوعة الشابة لو شياو لين للمراسل :
" اشعر بألم شديد فى معدتى فجأة حتى اريد ان ابكى بسبب هذا الالم . ولكن عندما افكر فى ان اعمالنا هذه مهمة جدا كانها رسالة مقدسة ، اشعر بفخر كبير وذلك يشجعنى على التغلب على الالم والصعوبات ."
وفى اليوم التالى تشكلت فرقة مكونة من خمس متطوعين اقوياء ليصعدوا نحو الاعلى لجمع المهملات المتروكة ، وسيصلون الى المعسكر الثانى الذى يقع على ارتفاع 6500 متر عن سطح البحر ، حيث تبلغ نسبة الاكسجين فى الهواء 40% وتنخفض درجة الحرارة هناك الى عشرين درجة تحت الصفر مع هبوب رياح قوية تتجاوز سرعتها سبع عقد. وفى ظل هذه الظروف القاسية وبعد ثلاثة ايام ، وصلوا الى المعسكر الثانى مرهقين للغاية . وقال السيد شيو تجى وى للمراسل :
" امامنا اكبر المشاكل وهى نقصان الاغذية ، لان حمل الكثير من الاشياء سيسبب ترك المزيد من المهملات . لذا فكان فطورنا كل يوم بسيطا جدا ولا يحتوى دائما الا على كوب من القهوة السريعة الذوبان مع القليل من البسكويت . ثم نعمل طول النهار بالاعتماد على تناول بضعة قطع من الشوكلات لسد حاجة الجسم . وفى المساء نأكل فقط بعض المكرونات السريعة الاعداد . وهذا جعلنا ضعفاء بدنيا احيانا ."
وكان يعجبنا كثيرا ان كمية المهملات والنفايات التى جمعها فريق المتطوعين فى طريق من المعسكر المركزى الى المعسكر الثانى ، بلغت خلال ستة ايام طنين كاملين باستثناء كمية كبيرة من النفايات الموجودة حول المعسكر المركزى .
وكانت اعمال المتطوعين قد وجدت تقديرا واقبالا من قبل السياح والمتسلقين الاجانب ، وهناك فريق تسلق مشترك مكون من 8 رجال اجانب ، وكانوا لا يساعدون المتطوعين على جمع المهملات فحسب ، بل سلموا اعلام بلادهم الى المتطوعين الصينيين تعبيرا عن مدحهم ودعمهم لاعمالهم العظيمة فى مجال حماية البيئة .
وبعد اعمال شاقة لثمانية ايام جمع فريق المتطوعين اكثر من 8 اطنان من المهملات والنفايات من جبل الهملايا ، ومعظمها سينقل الى مصنع معالجة النفايات المحلي اما الاخرى فسيحملها المتطوعون الى مدينة بكين للمشاركة فى معارض خاصة بحماية البيئة ليزورها المزيد من الناس ورفع وعيهم بحماية البيئة.
والان ، عاد شيو جى وى وزملاؤه الى حياتهم الطبيعية واعمالهم المختلفة . ولكنهم لم يهملوا حماية البيئة فى كل وقت من الاوقات ، وقال السيد شيو للمراسل :
" اخطط ان اعود الى جبل الهملايا مرة اخرى فى هذه السنة لجمع المهملات والنفايات وتقديم مساهمة فى حماية البيئة . اود ان اعمل مرة كل سنة من السنوات المقبلة حتى عام 2008 ، لان الشعلة المتنقلة لدورة الالعاب الاولمبية عام 2008 ، ستصل الى جبل الهملايا . لذا يجب ان ننظف بيئة الجبل بصورة جيدة لتصبح جميلة وعظيمة قبل ذلك."