العجز الحالي عامل ضغط قوي على العملة.. وتقليصه سيتأخر
أميركا بحاجة إلى 8 ،1 مليار دولار كل يوم لتسد فجوة حسابها الـجاري
بقلم: جورج ريشاني
(مدير تنفيذي في إدارة الخزينة في بنك الكويت الوطني(
ما زال العجز في الحساب الجاري الاميركي يتزايد باطراد حتى وصل إلى ما فوق 600 مليار دولار العام الماضي، وقد تم تمويل معظم هذا العجز خلال العامين الماضيين عن طريق التدفقات النقدية باتجاه السندات الحكومية والسندات التجارية الاميركية. وعند التدقيق في ميزان المدفوعات الاميركي الأساسي (وهو الميزان الذي يقيس بالإضافة إلى الحساب الجاري التدفقات النقدية في أسواق السندات والتدفقات النقدية في أسواق الأسهم والتدفقات النقدية الناجمة عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة) فسنجد أنه على الرغم من تدهور الحساب الجاري خلال العامين الماضيين ووصول العجز فيه إلى حوالي نسبة 6% من إجمالي الناتج المحلي، فإن ميزان المدفوعات الأساسي ربما يكون قد تحسن في عام 2004 عن العام السابق. أما إذا نظرنا إلى ميزان المدفوعات الأساسي المعدل بعد اعتبار مشتريات البنوك المركزية الاجنبية، فسنجد أن الميزان ربما يكون قد وصل إلى فائض يتعدى 35 مليار دولار في عام 2004، بعد أن تعدى مقدار العجز 120 مليار دولار في عام 2003 (وهذا شيء جيد) إلا أن هذا الفائض نتج مبدئيا عن تراكم مشتريات البنوك المركزية التي وصلت عام 2004 إلى حوالي 350 مليار دولار، وهنا تكمن المشكلة، لأن مشتريات البنوك المركزية المرتفعة هذه كانت استثناء ولا بد أن تقل في السنوات المقبلة. وعندما يحدث ذلك، ستنكشف عورات العجز في الحساب الجاري ومشاكل ميزان المدفوعات الأساسي الاميركي.
إن ارتفاع العجز في الحساب الجاري إلى مستويات قياسية لم يصلها قبلا يعني احتياج الولايات المتحدة لاستقطاب ما مقداره 1.8 مليار دولار يوميا لسد هذه الفجوة. ويعتبر هذا المبلغ هائلا إذا ما قارناه بحجم الادخار العالمي الذي تستقطب الولايات المتحدة ثلثي قيمته.
السؤال المطروح
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو معدل العجز في الحساب الجاري إلى إجمالي الناتج الإجمالي، والذي يمكن أن يعتبر معقولا ومستداما. وهنا يجمع معظم المتابعين على أن المعدل المعقول هـو حوالي 3%، وذلك لأن استقرار العجز في الحساب الجاري فعلا عند هذه النسبة يعني أن نسبة الديون الخارجية إلى الناتج ستكون قد وصلت إلى 60%، مما يشكل تاريخيا أقصى حد يمكن أن تصل إليه هذه النسبة، مثلما حصل مع دول أخرى في الماضي. كما بلغ معدل تدفق صافي الأموال الخاصة للولايات المتحدة على شكل استثمارات مباشرة أو عن طريق شراء الأوراق المالية، نسبة 3% خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ويستثني هذا المعدل الأموال الساخنة التي تتحرك عن طريق البنوك أو مشتريات البنوك المركزية الهائلة في تدخلاتها في أسواق الصرف.
توقعات
وبتدقيقنا مرة ثانة في ميزان المدفوعات الأساسي المعدل المتوقع لعام 2005، إذا ما افترضنا مبلغ 100 مليار دولار لمشتريات البنوك المركزية خلال العام، فإن ذلك يعني عجزا يتجاوز مبلغ 235 مليار دولار في هذا الميزان أو ما يعادل حوالي 20 مليار دولار شهريا. وبما أن عجز الحساب الجاري بلغ 60 مليار دولار حسب آخر بياناته في شهر نوفمبر، فمعنى ذلك أن العجز في الحساب الجاري يجب أن ينخفض من 60 مليار دولار إلى 40 مليار دولار حتى يلغي تأثير العجز المتوقع في ميزان المدفوعات الأساسي المعدل، وبالتالي يبقي الوضع على ما هو عليه. وبالنتيجة فإن أي قراءة للعجز في الميزان التجاري تتخطى 40 مليار دولار يمكن أن تكون عاملا ضاغطا على العملة الأميركية. والجدير بالذكر هنا هو أن عمليات تصحيح العجز في الحساب الجاري التي حصلت في منتصف الثمانينات على سبيل المثال، شهدت انخفاض العملة الاميركية لفترة من الزمن حتى بعد وصول هذا العجز لمستويات مستدامة، فما بالك اليوم ونحن ما زلنا بعيدين جدا عن هذه المستويات. والعجز في الميزان التجاري هذه المرة أكبر مقارنة مع الثمانينات وذلك للأسباب التالية:
> الطلب على الواردات في الولايات المتحدة أصبح أكثر تأثرا بنمو الدخل الاميركي من تأثر الواردات في البلدان الأخرى بنمو دخلها.
> الطلب المحلي خلال العقدين الماضيين فاق الطلب الخارجي.
وبناء على ما تقدم، ولكي يبقى العجز بالميزان التجاري ثابتا، يجب أن يستمر هبوط الدولار، وإلا ازداد العجز في الميزان التجاري.
السبب الأصلي
ويعود السبب الأصلي للعجز في الحساب الجاري في الحقيقة إلى تجاوز معدل الاستثمار المحلي معدل الادخار المحلي، ولا يساعد بالطبع وجود عجز في الموازنة.
لم يكن معدل الادخار المحلي في الولايات المتحدة خلال السنين العشر الماضية أقل من مثيلاته في الدول الأخرى فحسب، بل انخفض من حوالي 6% في عام 1995 إلى أقل من 1% العام الماضي. وللمقارنة، فإن معدل الادخار المحلي في اليابان يتعدى 13% وفي المملكة المتحدة يفوق 5.0%.
مؤشرات
وبشكل عام، وعلى الرغم من أن انخفاض قيمة الدولار لم تؤثر بعد بشكل جدي في ردم الفجوة المتنامية في الميزان التجاري، فإن هناك بعض المؤشرات المبكرة على استقرار حجم هذه الفجوة مع الاتحاد الأوروبي، ربما نتيجة ارتفاع اليورو بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن تحسن الميزان التجاري قد يتطلب تباطؤا في جهة أخرى من الاقتصاد، مما يتطلب بدوره تقييد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة، خصوصا إذا لم يرتفع الدولار مرة أخرى أو لم تتعرض الأسهم الاميركية للهبوط. ولذلك تتوقع الأسواق أن يقوم مجلس الاحتياط الفدرالي برفع أسعار الفائدة خلال العام لتصل إلى مستوى 3.5% عند نهايته.
عوامل تأخير
ومع ذلك، فإن هناك أسبابا عدة قد تؤخر تقليص العجز في الميزان التجاري:
> حجم العجز: تمثل الواردات الاميركية 16% من إجمالي الناتج بينما تمثل الصادرات الاميركية أقل من 11%. لذا لا يكفي أن تنمو الصادرات بمعدل أعلى من نمو الواردات، بل يجب أن يكون الفارق بين النموين لمصلحة نمو الصادرات كبيرا جدا حتى ينخفض العجز بالميزان التجاري.
> عدم تماثل ضعف الدولار: لم يكن انخفاض الدولار شاملا ومتماثلا، لكنه كان مركزا مقابل العملات الأوروبية الرئيسية كاليورو والجنيه والفرنك السويسري التي تمثل بلدانها ما نسبته 22% من التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
> ضعف مرونة الصادرات الاميركية: تعتبر الصادرات الاميركية أقل مرونة فيما يخص الطلب الخارجي من الواردات فيما يخص الطلب المحلي تجاه النمو الاقتصادي العالمي، وهذا يعنى أن الميزان التجاري الاميركي والحساب الجاري ميالان للهبوط ما لم يكن النمو الاقتصادي العالمي أكبر بكثير من النمو الاميركي، وهذا ما لم يحصل بين عامي 2000 و2004، كما أنه لا يتوقع أن يحصل هذا العام.
والأرجح أن يتم تعديل الميزان التجاري بدون أي آثار سلبية في النمو الاقتصادي. أما بخصوص تصحيح الخلل في الحساب الجاري، فالأرجح أن تكون له آثار سلبية في الاقتصاد، وذلك لأنه كلما زادت الديون وارتفعت أسعار الفائدة، أثّر صافي المدفوعات على الدين الخارجي في النمو الاقتصادي. وبالفعل، فقد كان لانخفاض أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين تأثير كبير في تخفيض صافي المدفوعات على الدين الخارجي، مما يعني أن على الاقتصاد العالمي أن ينمو بمعدلات كبيرة حتى يتم تحاشي حصول تباطؤ اقتصادي في الولايات المتحدة خلال عملية تصحيح الخلل في الحساب الجاري.
تقييد مكلف
وعلى الرغم من أن تقييد السياستين المالية والنقدية يعتبر من الأساليب التي يمكن أن تساعد في عملية التصحيح، فانه مكلف سياسيا. وفي حين تبدو احتمالات تقييد السياسة المالية ممكنة ولكن غير مرجحة في المدى القريب، تزداد احتمالات تقييد السياسة النقدية بشكل متسارع مع الوقت ويبقى أن أفضل الحلول بالنسبة لعملية التصحيح هذه هي:
> زيادة في معدلات الادخار الوطني بشكل كبير، إذ ليس بمقدور الولايات المتحدة أن تستمر في تمويل الزيادة في معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي عن طريق الادخار الأجنبي.
> تناغم وتناسق السياسة في أسواق الصرف. ويعتبر هذا الأمر مرغوبا فيه سواء مع الدول ذات أسعار صرف ثابتة أو عائمة، إذ أن هذا التنسيق سيشعر الدول المختلفة بأنها تتشارك في عبء التعديل هذا. لكن هذا التنسيق يبدو مفقودا حتى الآن، لأن الدول المختلفة تختلف في توصيفها للمشكلة، فكيف في إيجاد حل لها.
> انخفاض الدولار، وهو الأمر الأكثر احتمالا، غير أن شركاء الولايات المتحدة التجاريين قد يقاومون الضغوط المفروضة عليهم من أجل رفع قيمة عملاتهم، إما عن طريق الاستمرار في تدخلهم في أسواق الصرف وتكديسهم للاحتياطيات الأجنبية، أو في حالة عدم وجود مشاكل تضخمية، عن طريق خفض أسعار الفوائد، مما يساعد على رفع معدلات التضخم وتخفيض القيمة الحقيقية للعملات. وقد يفضي ذلك إلى زيادة ضغوط المطالبة بسياسات حماية في الولايات المتحدة والتي يوجد بعض البوادر الأولية لها.
وتشير الدلائل الى أن عملية تصحيح الخلل في الحساب الجاري والميزان التجاري قد تكون عملية بطيئة أكثر مما هو متوقع، خاصة أن التجربة في الماضي تشير الى أن واردات الولايات المتحدة أقل مرونة من صادراتها حيال انخفاض الدولار، وذلك لأن المصدرين الأجانب على استعداد أكبر لخفض قيمة هامش أرباحهم ليحافظوا على تنافسيتهم وعلى حصتهم السوقية من استعداد المصدرين الاميركيين، مما يعني التالي:
> أن استيراد التضخم نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة الناتجة عن انخفاض الدولار قد يكون أقل مما هو متوقع.
> ان الطلب المحلي الاميركي لن يتأثر كثيرا بانخفاض الدولار.
والواقع أن الجميع يرى تأخر عملية تسوية الخلل في الحساب الجاري والميزان التجاري، اذ كان يجب أن تبدأ هذه الفجوة بالانغلاق تدريجيا في عام 2003.
ميكانيكية التصحيح
وبالنظر إلى ميكانيكية تصحيح واردات الولايات المتحدة، سنجد أن إصلاح الخلل يمر عادة بالمراحل التالية:
> تبدأ عمليات التحوط للمصدرين الأجانب بالانتهاء تدريجيا ويبدأ المصدرون بالشعور بتأثير انخفاض الدولار فيهم.
> يبدأ المصدرون بتخفيض تكاليف إنتاجهم بشكل كبير وذلك للمحافظة على تنافسيتهم.
> عندما تقترب هوامش أرباح المصدرين الأجانب من الصفر يبدأون بزيادة أسعارهم أو بالانسحاب من السوق الاميركي.
> في حال وجود بدائل أميركية للسلع المستوردة، يتم الاستغناء عن استيراد هذه السلع. أما في حال عدم وجود بديل أميركي لهذه السلع، فيبدأ الطلب على هذه السلع بالانخفاض تدريجيا،استجابة لارتفاع أسعار السلع المستوردة بالدولار الاميركي.
> ينخفض الطلب على الواردات الاميركية ثم تبدأ عملية تصحيح العجز بالحساب الجاري نحو مستويات أكثر استدامة ويستقر سعر صرف الدولار.
ويبدو أن عملية تسوية الخلل في الحساب الجاري قد وصلت الى المرحلة الثالثة فقط، وهي قيام المصدرين الأجانب بتخفيض هوامش أرباحهم بشكل كبير ليحافظوا على حصتهم السوقية، لأنها الأهم بالنسبة إليهم. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن هذا النمط يختلف من بلد الى آخر، وأن الحصة السوقية أكثر أهمية بالنسبة للمصدرين اليابانيين، بينما يعتبر الحفاظ على هوامش الأرباح أكثر أهمية بالنسبة للمصدرين الأوربيين. ومن ناحية أخرى، يبدو أن المستوردين الاميركيين وبائعي التجزئة في أميركا قد بدأوا بتخفيف هوامش أرباحهم هم أيضا في سعيهم للمحافظة على حصتهم في السوق المحلي في جو من ضعف الدولار العام.
دور مهم
وتلعب عمليات التحوط من تقلبات أسعار الصرف دورا مهما في عملية تسوية الفجوة تلك، وبالفعل هناك دلائل أبرزتها إحصاءات جمعية مديري الخزينة في الشركات تشير الى ازدياد عمليات التحوط من انخفاض الدولار في العام الماضي مقارنة مع عام 2003، وقد يكون هذا سببا في زيادة بطء عملية التعديل. وسيبدأ تعديل الخلل بشكل متسارع بعد انتهاء آجال عمليات التحوط هذه، وبعد عدم استطاعة المصدرين الأجانب تحمل المزيد من الخسائر التشغيلية، عندئذ يبدأون برفع أسعار بضائعهم المتجهة الى الولايات المتحدة. وقد يؤدي ذلك إلى الاستعاضة عن البضائع والسلع الأجنبية بالسلع المحلية، مما يعمل على زيادة الضغوط التضخمية ويدفع باتجاه رفع مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة بشكل متسارع.
التكلفة
وإذا سألنا أنفسنا عن تكلفة عملية التصحيح هذه وعمن سيتحمل هذه التسوية بشكل رئيسي، فسنجد أن الإنفاق العائلي سيكون المتضرر الأول مقارنة مع إنفاق الشركات، وذلك بسبب العوامل التالية:
> الإنفاق العائلي زائد الاستثمار السكني يمثلان حوالي 75% من إجمالي الناتج المحلي، وهو معدل أعلى من النسبة التي سادت خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والتي بلغت 68%. أما إنفاق الشركات عند نسبة 10.5% حاليا، فهو أقل من معدله في فترة ما بعد الحرب بقليل، ولذلك فان مبدأ العودة إلى المعدل يتفق مع احتمال انخفاض الإنفاق العائلي.
> الإنفاق العائلي زائد الاستثمار السكني أكثر استجابة لتحركات أسعار الفائدة من إنفاق الشركات.
> الإنفاق العائلي أكثر عرضة لنقص الائتمان، إذ أن ميزانية قطاع الشركات مازالت تشير إلى وجود فوائض نقدية، وبالتالي مازالت قادرة على تمويل كل متطلبات الإنفاق الاستثماري عن طريق فائض أموالها، وهو أمر يعتبر غير طبيعي في العادة. أما القطاع العائلي، فهو يعاني من عجز يقدر بنسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي، فإذا ما شح الائتمان سيكون القطاع العائلي أول المتأثرين بذلك.
> تلعب الأصول السكنية طويلة الأجل دورا أساسيا في ميزانيات القطاع العائلي، بينما تقل أهميتها في قطاع الشركات، لذلك فإن الإنفاق العائلي سيكون الأكثر تضررا في حالة تعثر سوق العقار السكني.
> سيدعم انخفاض الدولار أرباح قطاع الشركات، إما عن طريق ارتفاع أسعار الصادرات الاميركية أو عن طريق تحسن أرباح الشركات الاميركية الدولية. وسيكون لهذا العامل الإيجابي تأثير يفوق التأثير السلبي الناتج عن ارتفاع تكلفة السلع المستوردة على أرباح قطاع الشركات. أما في حالة القطاع العائلي، فان انخفاض الدولار سيقلل من دخل القطاع العائلي وذلك بسبب زيادة تكلفة السلع المستوردة.
> احتمال زيادة الصادرات الناتج عن عملية تسوية الخلل في الميزان التجاري عن طريق هبوط الدولار، قد يكون له تأثير إيجابي في قطاع الشركات لحاجتها إلى تلبية الطلب على الصادرات. ولا يوجد تأثير مشابه لذلك في حالة القطاع العائلي.
مخاطر انخفاض الدولار بشكل غير منتظم
اذا انخفض الدولار بشكل غير منتظم، فإن ذلك سيؤدي إلى:
> ارتفاع هوامش المخاطر المطلوبة على الأصول الاميركية للتعويض عن زيادة مخاطر العملات، مما قد يؤدي الى هروب رؤوس الأموال.
> تراجع أسعار السندات والأسهم.
> ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجـل وتقييد الأوضاع المالية رغم انخفاض الدولار.
> تباطؤ في النمو وتباطؤ الطلب على الواردات، مما قد يؤدي إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري بشكل سريع.
تراجع العملة الأميركية مستمر.. والأسباب كثيرة
بالنظر الى المستقبل، يحتمل استمرار هبوط الدولار المنتظم بسبب تفاقم العجز في الحساب الجاري، وذلك للأسباب التالية:
> لم يسبب ارتفاع الديون الأجنبية أي مشاكل حتى الآن، وذلك لأن ارتفاع هذه الديون قد تم تعويضه عن طريق انخفاض تكلفة خدمة هذه الديون الناتجة عن انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. ولذلك، كان صافي دخل الاستثمارات الأجنبية متوازنا في الماضي. أما اليوم، ومع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، فإن هذا التوازن قد يتحول إلى عجز.
> جاء معظم التدفقات النقدية في حساب رأس المال الذي موّل العجز في الحساب الجاري، من استثمارات البنوك المركزية التي تستثمر في العادة في سندات خزينة قصيرة الأجل (وبالفعل فقد انخفض معدل مدة ديون الخزينة الاميركية بعام واحد على الأقل مقارنة مع بداية 2003، لتصل اليوم إلى حوالي خمسة أعوام). وبوجود هذه الأصول قصيرة الأجل فان إعادة تمويل الدين الخارجي سيصبح أكثر تكلفة على الولايات المتحدة مع ارتفاع أسعار الفائدة هناك. ويقدر البعض أن ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة 2% سيؤدي إلى زيادة العجز بالحساب الجاري بنسبة 1% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي.
> مصدر أساسي للطلب على الدولار سينخفض إذا ما خفضت الدول الآسيوية من تدخلها في أسواق الصرف وخففت من تكديسها للاحتياطيات الأجنبية. وقد بدأ التغيير فعلا في اليابان التي لم تتدخل في أسواق الصرف منذ مارس 2004، وفي كوريا التي سمحت لعملتها بالصعود بشكل كبير في أكتوبر 2004 دون أن تبدي أية محاولة للتدخل. وتتوقع الأسواق أن تحذو الصين حذو كوريا وأن تقوم بتغيير نظام صرف اليوان في أي وقت من هذا العام.
القبس -الكويت
18-2-2005