عزز الطلب المتزايد على النفط احتمالات عودة الأسعار الى الارتفاع القياسى فى السوق الدولية العام الحالى حال إقدام منظمة الأقطار المصدرة للنفط «أوبك» على تخفيض المعروض النفطى خلال اجتماعها المقبل والتوقعات المتعلقة باستمرار الموجة الباردة فى ولايات الساحل الشمالى الشرقى فى الولايات المتحدة. ويرى خبراء نفط دوليون ان توقعات اوبك بتزايد معدل الطلب على النفط بالسوق الدولية بنحو 800 ألف برميل ليصل الى 1.73 مليون برميل يوميا، العام الحالى يمثل مصدرا لقلق الدول المستوردة خشية تأثر تزايد معدلات العجز فى ميزانياتها والتضخم وتراجع معدلات نمو الناتج المحلى الاجمالي.
وأشار خبير النفط الأمريكى كيفين كير إلى أن متوسط الاسعار فى السوق الدولية يتأرجح حاليا عند حدود 50 دولارا للبرميل الا انه توقع ارتفاع الأسعار بسبب استمرار الطقس البارد فى ولايات الساحل الشمالى الشرقى للولايات المتحدة التى تعد أكبر مستهلك لوقود التدفئة. وأوضح خبير النفط البريطانى فيرونيكا سمارت ان متوسط اسعار النفط لن يقل العام الحالى عن 45 دولارا للبرميل نتيجة توقعات أوبك بارتفاع معدل الطلب العالمى بنسبة 2.11 فى المائة العام الحالى خلافا لتوقعات سابقة حددته بنحو اثنين فى المائة. ورغم التوقعات المتعلقة بزيادة معدلات الطلب على النفط عام 2005 لم تستبعد أوبك امكانية تقليص معدلات الانتاج خلال اجتماعها القادم فى السادس عشر من مارس القادم فى أصفهان بإيران.
ويرجح عدد من خبراء النفط الدوليين تخفيض أوبك لسقف انتاجها بنحو مليون برميل يوميا ليصل اجمالى الانتاج الى 26 مليون برميل يوميا بعد انتهاء فصل الشتاء وهو ماسوف يؤدى الى ارتفاع معدل الأسعار فى السوق الدولية. وأشار خبير النفط فيرونيكا سمارت الى أن الاسواق الدولية تنفست الصعداء فى أعقاب اعلان وزارة الطاقة الأمريكية توافر مخزون كاف من النفط الخام واعلان الرئيس جورج بوش أن الخيار الدبلوماسى وليس العسكرى له الأولوية فى تسوية الأزمة النووية الايرانية. وأضاف ان حالة من القلق انتابت المتعاملين والدول المستوردة للنفط من احتمال تراجع المعروض النفطى القادم من منطقة الشرق الأوسط بسبب حالة التوتر الحالية والتهديدات الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية للمفاعل النووى الايرانى «تعد ايران ثانى أكبر مصدر للنفط بعد المملكة العربية السعودية داخل أوبك».
وأوضح ان أوبك التى خفضت حجم الانتاج فى يناير الماضى بنحو 610 آلاف برميل ليصل الى 29.15 مليون برميل يوميا تراقب تطورات الاسواق الدولية فى الوقت الحالى، خاصة معدلات الاسعار لتحديد حجم انتاجها خلال الاشهر المقبلة، الا انه شدد على ان الاتجاه العام داخل أوبك يميل الى تقليص الانتاج خلال الاجتماع المقبل. ويتوقع مركز دراسات الطاقة الدولية ان يصل سعر النفط الذى تستهدفه أوبك الى 40 دولارا للبرميل الواحد، خاصة فى ظل حالة الاستقرار الحالية فى السوق الدولية وحرص غالبية دول أوبك على ابقاء متوسط أسعار النفط عند أكثر من 35 دولاراً.
من جهة أخرى عزز الارتفاع الاخير فى اسعار النفط القلق من تراجع معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى العالمى العام الحالى وسط مخاوف دولية من تخفيض أوبك لمعدلات الانتاج.
وفي السياق ذاته حذرت وكالة الطاقة الدولية التى تتخذ من باريس مقرا لها وتضم فى عضويتها 26 دولة من احتمال عودة اسعار النفط الى الارتفاع القياسى كما حدث عام 2004 فى حالة عدم انخفاض معدل الطلب على النفط العام الحالي.
وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية الى ان معدل الطلب على النفط سوف يتزايد بنحو 1.7 فى المائة عام 2005 مقارنة بمعدل نمو 3.3 فى المائة عام 2004 الا انها فى الوقت نفسه أوضحت ان اسعار النفط سوف تشهد زيادة ملحوظة حال استمرار التنافس الأمريكى الصينى لشراء أكبر كميات من المعروض النفطى واقدام الدول المنتجة على تقليص معدلات الانتاج للحفاظ على استقرار الأسعار فى السوق الدولية. ويرى محللون اقتصاديون غربيون ان النمو الاقتصادى العالمى سوف يتراجع حال عودة أسعار النفط الى الارتفاع، منوهين بأن أسعار النفط تضاعفت خلال العامين الماضيين نتيجة الطلب المتزايد وحالة عدم الاستقرار والاضرابات العمالية فى عدد من الدول المنتجة كفنزويلا ونيجيريا والتوتر فى منطقة الشرق الاوسط.
وقال خبير النفط الامريكى دانيل جريسورلد ان التحذيرات المتعلقة باحتمالات ارتفاع أسعار النفط فى السوق الدولية تأخذ فى اعتبارها تزايد معدلات الطلب على الطاقة فى آسيا، خاصة الصين والهند واحتمال تخفيض الانتاج من جانب أوبك وحالة عدم الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة التهديدات الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية للمفاعل النووى الايرانى فى بوشهر. وتطالب عدد من الدول المستهلكة للنفط أوبك «التى زادت من انتاجها النفطى العام الماضى الى حوالى 30 مليون برميل يوميا» وهو أعلى معدل له خلال 25 عاما بزيادة انتاجها النفطى حال حدوث ارتفاع ملحوظ فى الطلب على النفط العام الحالى مماثلا لما حدث عام 2004.
وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية الى ان حجم الطلب على النفط سوف يتزايد عام 2005 الى 83.9 مليون برميل يوميا «أكبر من الاستهلاك النفطى العام الماضى بنحو 1.4 مليون برميل يوميا»، الا ان خبراء نفط دوليين يرون ان تقديرات وكالة النفط الدولية لا تأخذ فى اعتبارها التعطش الصينى للنفط ودفعها للبحث عن عقود نفطية فى مناطق عديدة فى العالم كالسودان وكندا وايران وغيرها وكذلك دخول الهند حلبة المنافسة لتأمين احتياجاتها النفطية المتزايدة.
وتتوقع وكالة الطاقة ان يبلغ حجم الزيادة فى الطلب الصينى على النفط حوالي 360 الف برميل يوميا ليصل اجمالى استهلاكها النفطى عام 2005 الى 6.73 مليون برميل يوميا مقابل زيادة قدرها 850 الف برميل يوميا عام 2004.
ويقول خبير النفط الامريكى كيفين نوريش ان الوكالة الدولية للطاقة لم تأخذ فى اعتباراتها المتغيرات فى السوق الدولية، خاصة الطلب المتزايد فى القارة الآسيوية واحتمالات تأثر المعروض النفطى بحالات عدم الاستقرار والاضرابات العمالية فى بعض الدول المنتجة. وأوضحت الخبيرة الامريكية كاثرين سبكتر ان الطلب على النفط هو المحك الرئيسى الذى تتحدد من خلاله اسعار النفط فى السوق الدولية وهو ماتدركه الدول المنتجة والمستهلكة.
ويرى خبراء أمريكيون ان المنافسة الشرسة بين واشنطن وبكين لشراء أكبر كمية من النفط المعروض فى السوق الدولية خلقت حالة من عدم الاستقرار وقلصت التوقعات بشأن امكانية اعادة الاستقرار الى السوق على المدى الطويل.
\
الشرق-قطر
22-2-2005