نجحت الاوساط المالية اللبنانية حتى الآن بعد مرور عشرة ايام على اغتيال رفيق الحريري، في تجنب التقلبات الحادة وردت باعتدال على المخاوف التي اثارها اغتيال رئيس الحكومة السابق الذي كان يعتبر ضمانة لاستقرار البلد.
لكن المحللين يخشون من ان تؤدي حالة الارتباك السياسي في حال استمرارها بضعة اشهر الى انعكاسات سيئة على التوقعات الاقتصادية والمالية في لبنان.
وقالت دراسة اعدها بنك عودة ان القطاع المصرفي بذل منذ اغتيال الحريري في 14 شباط/فبراير جهودا منسقة لاحتواء انعكاسات الاغتيال، مشيرة الى ان مصرف لبنان عمل بالاتفاق مع القطاع المصرفي من اجل تامين استقرار السوق.
واشارت الدراسة الى ان الاسواق المالية بحال جيدة. وقالت ان احتياط مصرف لبنان المركزي في اعلى مستوى له وسيولة المصارف حققت رقما قياسيا. وهذان العاملان ساهما في مقاومة الضغوط على العملة الوطنية.
ويقدر تقرير مؤسسة التصنيف العالمية ستاندرد اند بورز احتياطي مصرف لبنان بالعملات الصعبة ب8،13 مليار دولار في نهاية العام 2004 مما يوفر له مرونة لمقاومة الضغوط على العملة الوطنية.
ومنذ اغتيال الحريري تدخل المصرف المركزي في السوق المالية بائعا للدولار لدعم الليرة اللبنانية. وبلغ حجم تدخله اكثر من مليار دولار خلال ثلاثة ايام عمل وفق مصادر مصرفية.
وقد جرى تداول الليرة اليوم الاربعاء بما بين 1510 و1515 ليرة للدولار الواحد.
يذكر ان سعر الليرة اللبنانية مستقر منذ اول حكومة شكلها الحريري منذ 12 عاما
. وكان الحريري قد اتخذ من مقولة الاستقرار النقدي شعارا لسياسته الاقتصادية.
من ناحيته شدد الخبير الاقتصادي ميشال طراد على دور مصرف لبنان الاساسي في لجم اي اجواء هلع عند صغار المودعين خصوصا ان الحريري كان اهم ثقل اقتصادي في البلد واول رب عمل في القطاع المصرفي والعقاري.
وقال طراد لوكالة فرانس برس ان مصرف لبنان المركزي طلب من المصارف التقيد بالمهل وعدم صرف الودائع قبل استحقاق اجالها.
ومن العوامل التي ساهمت في طمأنة المستثمرين، اشار طراد الى وجود ابناء الحريري منذ زمن في حقل الاعمال وبالتالي فانهم مؤهلين لخلافة والدهم.
ومن دلائل الثقة ان سعر سهم سوليدير الذي انخفض بنسبة 15% في اول يوم عمل بعد اغتيال الحريري وانخفض مجددا 15% الاثنين، عاود الصعود وعوض عن بعض خسائره. وقد اغلق الاربعاء على 86،7 دولار مقابل 5،9 دولار قبل الاغتيال.
كما ارتفع مؤشر بنك لبنان والمهجر في بورصة بيروت الاربعاء بنسبة 34،3% ليقفل على 94،630 نقطة.
وقال طراد ان ثقة غير اللبنانيين تبقى العامل المجهول خصوصا وان رعايا الدول الخليجية الذين وضعوا ودائعهم المالية في لبنان شعروا بالخوف مع اختفاء الحريري.
وتشكل الرساميل الوافدة من دول الخليج نحو 11% من اجمالي الناتج المحلي السنوي وفق ستاندرد اند بورز.
واكدت مصادر مصرفية انه لم يتم حتى الان رصد اية سحوبات واسعة لرؤوس الاموال.
في المقابل اعتبر طراد ان استمرار حالة القلق السياسي يطرح مشكلة، خصوصا لان السياحة وهي من ابرز مصادر العملات، ستتاثر مع اقتراب فصل الصيف.
وارتكزت دراسة ستاندرد اند بورز التي حملت عنوان الاوضاع الاقتصادية المواتية في لبنان تحد من المخاطر الائتمانية الناتجة من اغتيال الحريري، في تطميناتها على المعطيات الاقتصادية والمالية التي حققها لبنان عام 2004.
ورأت ان ذلك يجعل لبنان قادرا على مواجهة الضغوط المالية والسياسية الناجمة عن الاغتيال ويقلص اخطار اي ازمة مالية حالية.
لكنها شددت على ان الفشل في ارساء الاصلاحات التي طال انتظارها بعد الانتخابات النيابية المتوقعة في الربيع المقبل سيؤدي الى خفض النمو وتدفقات الرساميل وتراجع الثقة وزيادة اخطار الوقوع في ازمة مالية.
القناة-لبنان
24-2-2005