ما زال ابناء بلدة تيان با جنوب غربي مقاطعة سيتشوان حتى اليوم يغزلون وينسجون باسلوب بدائي، وهناك عدد لا بأس به من الاسر التى تعمل في هذا المجال، ويمكن رؤيتهم مشغولين في الغزل والنسيج في كل مكان، تعتمد هذه البلدة القديمة على صناعة الغزل والنسيج البدائية، ومعظم سكانها من قومية هان لكن منتجاتهم ليست لقوميتهم، بل لقومية يي، وهى ميزة لبلدة الغزل والنسيج هذه.

وفي ايام فتح الاسواق، يزدحم كل مكان بالناس، وتفتح مختلف المحلات ابوابها لاستقبال الزبائن، وتوضع امام بعض المحلات مغازل ايضا، ويقوم التجار او اصحاب المحلات ايضا بالغزل والنسيج في وقت الفراغ، ودائما ما يفتلون الصوف ويتجاذبون اطراف الحديث جالسين على جانبي الشارع، ان مثل هذه المغازل القديمة نادرة جدا في عصرنا الحديث، لكنها ما زالت تستخدم في تلك البلدة، وعدد مستخدميها كبير جدا.

واذا زرتم منزلا في البلدة المذكورة، فستجدون ادوات الغزل والنسيج والاصواف، وعادة ما ينشغل كل افراد الاسرة بالحديث والعمل على هذه الادوات، ويعتبرون قاعة الضيافة ورشة عملهم، والشرفة مكان تجفيف الصوف والملابس، وتجدر الاشارة الى ان الكثير من الرجال في بلدة تيان با ماهرون في الغزل والنسيج ايضا، ويعتبرون هذا العمل من مسؤولياتهم، ويعملون متجاهلين الآخرين القادمين من المناطق الاخرى عندما يتوقفون لمشاهدة هذا العمل.

يتمتع الغزل والنسيج في بلدة تيان با بتاريخ عريق، لان عدد ابناء قومية يي الذين يعيشون في المناطق المجاورة لهذه البلدة كبير جدا، ويحتاجون الى كمية كبيرة من الاصواف. وكانت هذه البلدة مركزا سياسيا واقتصاديا وثقافيا لقومية يي في هذه المنطقة، وما زالت الاسواق فيها مزدهرة حتى اليوم، وتشهد صفقات المنتجات الصوفية الكبيرة. وخلال فترة طويلة تجرى قوميتا يي وهان تبادلات اقتصادية وتجارية بينهما، حيث يتمتع ابناء قومية هان بوعى تجاري قوي يصممون ويخيطون كمية كبيرة من ازياء قومية يي ويبيعونها.

يكون حجم الطلب على المنتجات الصوفية في هذه المنطقة كبيرا جدا، لكن اسلوب الغزل والنسيج فيها بدائي ويدوي.

يعتبر الحفاظ على هذه الحرفة اليدوية التقليدية عاملا هاما للتنمية الاقتصادية في بلدة تيان با، لان الاراضي الصالحة للزراعة في هذه المنطقة قليلة، لذلك اصبحت صناعة الغزل والنسيج التقليدية فيها صناعة هامة جدا.

تباع المنتجات الصوفية التى ينتجها ابناء قومية هان في اسواق هذه المنطقة، وتباع في خارج المنطقة بالجملة، ويذهب الكثير من التجار الى هذه المنطقة لشراء المنتجات الصوفية ويلعبون دور الوسيط لتبادل هذه المنتجات.

وفي الوقت الحالي، قل ان يلبس ابناء قومية يي ازياء قوميتهم في الايام العادية، لذلك اصبح الطلب على هذه الازياء قليلا، وبالاضافة الى انخفاض الارباح، أخذ المجال المعيشي لهذه الحرفة التقليدية في بلدة تيان با يتضاءل شيئا فشيئا، وينخفض عدد منتجي هذه الازياء عاما بعد عام.

ومن المعروف ان صناعة الغزل والنسيج اصبحت تستخدم حاليا الآلات والادوات الحديثة، لكن ازياء قومية يي في جنوب غربي مقاطعة سيتشوان الصينية تعتمد على الحرفة اليدوية التقليدية بسبب تعقد عملية الانتاج وحجم الطلب المحدود، واصبحت بلدة تيان با مصنعا كبيرا لازياء قومية يي وبذلك تعتبر هذه البلدة نموذجا لاندماج ثقافات قوميتي يي وهان. وهى نموذج حي للثقافة التقليدية مع ان هذه الحرفة تبدو بدائية ومتخلفة في نظر بعض الناس لكنها في الحقيقة مورد ثقافي شعبي قومي هام في هذه المنطقة، لذلك، تعتبر نادرة وثمينة.