القاهرة "الخليج" أحمد سيد:
حملت دراسة اقتصادية في مصر على أداء البورصات العربية مشيرة إلى أنه رغم النشاط الملحوظ لهذه البورصات فإن أداءها محدود ومتذبذب الأمر الذي ينعكس على أدائها المالي، وأرجعت الدراسة هذا الأداء إلى وجود رقابة على النقد الأجنبي وعلى تحويل العملات الأجنبية والتأخير في تحويل قيمة الأوراق المالية وضعف البورصات من حيث حجم التداول.
واعتبرت الدراسة التي أعدتها الدكتورة أمل عصفور أستاذ إدارة الأعمال بجامعة قناة السويس وناقشها ملتقى تنظيم وإدارة بورصات الأوراق المالية العربية الذي عقدته المنظمة العربية للتنمية الإدارية في منتجع شرم الشيخ مؤخراً، أن غياب السماسرة المتخصصين وعدم وجود كوادر مالية قادرة على التحليل المالي وتحديد التوقعات المستقبلية في اتجاه السوق المالي والشركات المسجلة فيه أسهم في ضعف أداء البورصات العربية، إضافة إلى غياب بنوك الاستثمار في بعض البلدان والاعتماد على القطاع المصرفي للقيام بدور بنوك الاستثمار.
وأوضحت الدراسة أنه حتى في الدول التي تم إنشاء بنوك للاستثمار فيها مثل مصر إلا أن هذه البنوك لم تقم بالدور المنشود منها، إلى جانب عدم قدرة شركات السمسرة على تقديم خدمات متنوعة ومتقدمة للمستثمرين والمساهمين، وانخفاض مستوى الخبرة والمشورة التي تقدمها بشأن أنسب الأوراق المالية التي يتم التعامل فيها داخل هذه الأسواق.
ويؤدي ضعف الدور الذي تلعبه الاستثمارات الأجنبية بهذه البورصات إلى إضعاف أدائها بشكل كبير، لاسيما أن هذه الاستثمارات تتميز بضآلة حجمها مع ارتفاع حجم تعاملاتها مما يعني معدلا مرتفعا لدوران رأس المال، وبالرغم من تخوف الكثيرين من الاقتصاديين من أن نمو أو تدفق الاستثمارات الأجنبية يشكل مخاطر كبيرة للبورصات الناشئة من حيث الخروج المفاجئ لهذه الاستثمارات مما يعني بيع الأوراق المالية وانخفاض أسعارها وانتقال الثروة للخارج وبالتالي انخفاض المؤشر العام للبورصة وهذا يفسر الانهيار المفاجئ لبورصات دول جنوب شرق آسيا، فإن المتتبع لنوعية الاستثمارات الأجنبية في البورصات العربية يجد أنها لا تهتم بالاحتفاظ بالأوراق المالية لفترات طويلة نظراً لعدم استقرار الأسواق، فإذا أضفنا لذلك أن نسبة كبيرة من الأجانب يقومون بمضاربات سعرية غير موجهة لخدمة الاقتصاد لكن لتحقيق أرباح في فترة زمنية قصيرة حيث يتوفر لديهم خبرات واسعة في مجال التحليل الفني لاتجاهات السوق ويستطيعون تحديد اتجاهات الأسعار مع انخفاض خبرة المستثمر العربي بالأسواق المالية يمكن لهذه المضاربات أن تضر بالأسواق المالية.
مقترحات لتنمية الاستثمار
وعرضت الدراسة عدة مقترحات لتنمية أدوات الاستثمار في البورصات العربية على رأسها ضرورة وجود آليات لضبط حركة الأسعار من خلال القضاء على تدفق أوامر الشراء والبيع بشكل عشوائي يرجح كفة أوامر البيع لورقة ما أو العكس والمنافسة الحرة القائمة على الاهتمام بتخصيص الموارد المالية بشكل صحيح، وآليات ضبط حركة الأسعار لا تتوافر في البورصات العربية حيث لا يتوافر قدر كبير من الشفافية مما يسمح بوجود الشائعات والإنذارات الكاذبة، وأهمية توافر معلومات دقيقة وصحيحة عن الصناعة والاقتصاد القومي ومؤشراته واتجاهات الاقتصاد العالمي لفترة مستقبلية.
وتقوم الكثير من الحكومات العربية بتسجيل منشآت القطاع العام التي تحظى بمعاملة خاصة من الحكومة في البورصة وهذا يمثل عقبة أمام نمو البورصات لأن كفاءة أداء هذه الشركات منخفض في الوقت الذي تحقق أسهمها عائد مرتفع لدعم الحكومة لها لا يتناسب مع قوتها الإرادية الحقيقية، والحل أن نترك آلية سوق رأس المال تقوم بمهمة تخصيص الموارد بدون تدخل الحكومة، فيما تقوم الكثير من البورصات العربية بوضع شروط متساهلة للتسجيل تسمح بتسجيل شركات صغيرة لا تضيف أثرا إيجابيا للسوق، فللتسجيل شروط ينبغي توافرها لضمان كفاءة السوق منها عدد المساهمين وحجم الشركة وربحيتها لضمان حد أدنى في الثقة في الورقة المالية التي تصدرها الشركة وبالتالي تقوية السوق المالي وتنميته.
وطالبت الدراسة بتقليل تكاليف العمولات والمعاملات إلى أدنى حد وتخفيض الضرائب وتخفيض الرسوم المستحقة للجنة الأوراق المالية لأن تقليل هذه التكاليف سيعمل على الزيادة المنشودة في عدد الشركات المقيدة والتنافس فيما بينها سيعمل على تقوية الأداء المالي، ولابد من وجود مؤسسات للإصدار وقد اضطلعت بنوك الاستثمار بهذه المهمة في الدول المتقدمة والتي تعتبر بيوت كبيرة للسمسرة، ولابد من وجود وسائل اتصال متقدمة وسريعة سواء داخل البورصة أو بين بيوت السمسرة ومندوبيها داخل البورصة أو بين بيوت السمسرة وعملائها، إضافة إلى تدريب السماسرة الموجودين داخل البورصة على كيفية تفهم آليات العمل وعدم المضاربة العشوائية غير المدروسة.
ولا يخفى وجود العديد من القيود التي تحد أداء البورصات العربية وأبرزها القيود المعلوماتية من ضعف الإفصاح المالي، وعدم وجود تحليل فني واقتصادي مستقبلي، وانخفاض الوعي الاستثماري وخاصة لدى الأفراد ووجود اعتبارات دينية تعوق توجيه المدخرات لأنواع من الأوراق المالية وذلك فيما يعلق بتوزيع عائد ثابت لبعض الأوراق المالية كالسندات، ناهيك عن المغالاة في تقدير المراكز المالية، وعدم توافر شبكات للمعلومات على أسس تنبؤية وليس مجرد عرض للبيانات والمؤشرات بل لابد من توضيح دور هذه المؤشرات في عرقلة أو تنمية البورصة مستقبليا، ونقص نظم المعلومات بالبورصات، وغياب مراكز دعم القرارات، وعدم دراسة السوق المحلي وتحديد صفاته وخصائصه سواء بالنسبة للمستثمر الفرد أو الشركات وتوفير مجموعة متنوعة من الأوراق المالية المناسبة لخصائص وسلوك كل نوع.
معوقات تنظيمية
كما توجد معوقات تنظيمية تعاني منها البورصات العربية منها ضعف الهياكل التنظيمية واعتمادها على الشكل الهرمي الذي لا يتناسب مع طبيعة العمل بالبورصات، وغياب التخطيط الاستراتيجي في البورصات العربية، وغياب أدلة لطرق التداول، وانتشار الشركات الفردية والعائلية والمقفلة مما يقيد حجم وشكل الاستثمارات المالية، إضافة إلى تعدد المصطلحات المالية والاستثمارية نتيجة لتباين الثقافات العربية وتأثيرها على عمل البورصات كل ذلك يعوق الاتصالات فيما بين البورصات العربية وفيما بين الشركات المقيدة والمتعاملة داخل البورصات، وعدم وجود ربط بين البورصة والمجتمع وجمهور المتعاملين، وعدم تجزئة المتعاملين في البورصة لمجموعات وتحديد الأوراق المالية الخاصة بكل نوع، وغياب الابتكار والتجديد في أدوات الاستثمار والادخار، ونقص التوجه نحو العالمية في الأداء والتركيز على الأبعاد المحلية، وكل ذلك يخلق صعوبة في منافسة البورصات العالمية.
الخليج-الامارات
8-3-2005