حذرت منظمة الشفافية الدولية <<ترنسبيرانسي انترناشونال>> أمس من أن عملية الخصخصة السريعة التي توصي بها المؤسسات المالية الدولية في العراق قد تؤدي إلى تفاقم الفساد، مشيرة إلى أننا نشهد، بعد الاجتياح الاميركي، تكثيفا في سرقة الأموال العامة والفساد والصراع على المصالح، ما قد يجعل العراق <<أضخم فضيحة فساد في التاريخ>>.
ودعت المنظمة في تقريرها حول الفساد في العالم للعام 2005 في لندن إلى ضرورة اتخاذ إجراءات <<صارمة وفورية>> لمكافحة الفساد قبل أن تبدأ النفقات الحقيقية لعملية إعادة الإعمار، محذرة من انه في حال العكس فإن العراق <<لن يصبح يوما منارة للديموقراطية كما تريد له إدارة (الرئيس الاميركي جورج) بوش بل أضخم فضيحة فساد في التاريخ>>.
وقال التقرير، الذي أجراه الخبير في شؤون الشرق الأوسط راينود ليندرز وجاستين الكسندر الذي يترأس منظمة <<يوبيل العراق>> غير الحكومية التي تدعو إلى خفض ديون بغداد، إن <<عملية خصخصة سريعة قد تضاعف فرص الفساد إذا ما طالب بها صندوق النقد الدولي والجهات الدائنة الرسمية في نادي باريس كشرط مسبق لخفض وإعادة جدولة الدين الخارجي الذي يقارب 120 مليار دولار>>. وأشار إلى أن إعادة الاعمار <<تتطلب نهجا ضد الفساد أكثر تشددا بكثير من الذي تعتمده الحكومة الجديدة>>.
وأضاف التقرير <<لم نشهد بعد المدى الحقيقي للفساد في العراق لسبب بسيط هو أن القسم الأكبر من النفقات المخصصة لعقود البناء والتموين لم يبدأ صرفه بعد، إلا أن هذه المخاوف يجب ألا تستخدم كذريعة لتأخير تحويل الأموال التي تم التعهد بها كما يخطط له على ما يبدو العديد من مقدمي الأموال>>. وذكرت أن <<المساعدات المالية تتوالى بشكل غير منضبط في غياب ضوابط مؤسساتية أو حتى مجرد أنظمة إدارية على مستوى الوزارات والشركات العامة>>.
ونددت المنظمة بقيام الحكومة الاميركية بمنح عقود مربحة جدا، معتبرة أن <<هذه العقود تم تجميعها حتى لا تتمكن الشركات الصغيرة من خوض المنافسة كما منحت العديد من الصفقات ذات الأرباح الكبيرة إلى شركات تقيم روابط مميزة مع أفراد يحتلون حاليا مناصب في الحكومة الاميركية) مثل هاليبورتون وبكتل)>>.
وأشار تقرير المنظمة إلى أن العديد من الشركات الاميركية في العراق تمارس تبذيرا كبيرا لكنها جمعت مع ذلك <<أرباحا طائلة>>، مبررا هذين الامرين بنوع العقود المعتمد <<الذي ينص على تسديد كل النفقات التي تتكبدها الشركات فضلا عن نسبة مئوية إضافية كربح مضمون>>.
ونقلت المنظمة عن عضو عراقي في غرفة التجارة الاميركية العراقية قوله <<إذا حصلتم من الحكومة الاميركية على 10 ملايين دولار وعهدتم بهذا العمل من الباطن إلى شركات عراقية لقاء 250 ألف دولار، فهل يمكن التحدث هنا عن صفقة أو فساد>>.
وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى بدء ظهور أدلة على <<الأرباح الطائلة التي جمعها مقاولون اميركيون يعهدون بجزء من العمل إلى شركات محلية لقاء قسم ضئيل من المبالغ التي يتلقونها هم أنفسهم>>. وقالت انه بعد عمليات النهب المعممة التي قام بها المسؤولون السابقون في عهد صدام حسين، بدأ في نيسان 2003 <<عهد جديد شهد تكثيفا في سرقة الأموال العامة والفساد والصراع على المصالح>>، وأضافت أن احد المسؤولين في محافظة البصرة دعا إلى أن يتولى <<رجال دين>> منح العقود لأنهم أكثر نزاهة بطبيعتهم
السفير-لبنان
17-3-2005