موسكو كريم المظفر:
بدأت الخلافات بين موسكو وأوكرانيا تزحف الى مجالات اخرى بعد المجال السياسي حيث أصدرت الحكومة الاوكرانية قرارات اقتصادية جديدة بشأن نقل النفط الروسي إلى أوروبا عبر بلادها. وأكدت ان مصدرين في روسيا كانوا يتعاقدون مع شركات من مناطق "اوفشور" على توريد كميات من النفط لها في أوكرانيا وعندما يصل النفط إلى أوكرانيا ترفض الشركة المتعاقد معها تسلمه ويضطر المورد إلى البحث عمن يشتري النفط خارج أوكرانيا.
وأشار مصدر في وزارة الوقود والطاقة الأوكرانية ان شركة "يوكوس" مثلا لجأت إلى اتباع مثل هذا الأسلوب "الاحتيال".
في موسكو يرى المسؤولون ان مثل هذه الأساليب أصبحت في ذمة التاريخ لانتفاء الأسباب في إعادة تصدير النفط الروسي وأوضح دميتري دولغوف المسؤول في شركة "لوك أويل" ان شركته لم تعد تحتاج إلى شحن منتجاتها إلى طالبيها في أوروبا عبر أوكرانيا أو الموانئ غير الروسية على بحر البلطيق بعدما تم في منتصف العام الماضي تدشين المرحلة الثانية من خط الأنابيب الذي سمي باسم بحر البلطيق. وأدلى ممثلو شركات روسية أخرى بتصريحات مماثلة ولا يجدون حتى في وزارة الوقود والطاقة الأوكرانية مبررا لإصدار قرار يحظر "إعادة تصدير النفط".
ويتوقع سيرجي جريجوريف نائب رئيس شركة "ترانس نفط" الروسية ان يؤدي قرار الحكومة الأوكرانية هذا إلى انخفاض كميات النفط التي تنقل إلى أوروبا عبر أوكرانيا خاصة ان حركة شحن النفط الروسي عبر أوكرانيا في انخفاض مستمر بسبب ارتفاع أجرة النقل في أوكرانيا وفيما زادت روسيا من إنتاج وتصدير النفط في العام الماضي انخفضت كميات النفط التي تضخ عبر أوكرانيا بنسبة 2،3 في المائة وبلغت 32،4 مليون طن في العام الماضي وفي الوقت نفسه وصلت 22،4 مليون طن من النفط الروسي إلى مصانع تكرير النفط الأوكرانية بتراجع مقداره مليون طن. ومعنى هذا ان روسيا لم تعد تركز على أوكرانيا في شحن نفطها إلى طالبيه في أوروبا.
ويمر في أوكرانيا خط الأنابيب الذي يحمل اسم "الصداقة". وتنقل روسيا النفط إلى بلدان وسط وشرق أوروبا عبر هذا الخط ولأن هذا الخط يصل إلى عدد محدود ومحدد من المستهلكين فإنهم فرضوا على روسيا ان تبيع النفط إليهم بأسعار منخفضة ولم تكن روسيا تجد مفرا من ذلك لأن خط "الصداقة" لا يصل إلى موانئ بحرية لذلك يرى مصدرو النفط الروس أهمية الخروج من "صداقة مسدودة" إلى طريق يفضي إلى الموانئ الروسية على بحر البلطيق. ولا غرو ان قللت الشركات الروسية من درجة اهتمامها بخط الأنابيب المار بأوكرانيا في العام الماضي ذلك ان سعة خط أنابيب البلطيق بلغت 47،5 مليون طن بعد استكمال مرحلته الثانية وسوف ترتفع سعة الأنبوب إلى 60 مليون طن بعد تدشين المرحلة الثالثة.
وفي موازاة العمل في مد خط أنابيب البلطيق تنفيذا لقرار أصدره رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي يجري العمل على قدم وساق في إنشاء موانئ جديدة لشحن النفط وبدأت شركة "ترانس نفط برودوكت" بإنشاء خط أنابيب لنقل المشتقات النفطية من كستوفو (محافظة نيجني نوفغورود) إلى ميناء بريمورسك على بحر البلطيق مرورا بياروسلافل وكيريشي وستبلغ سعة خط الأنابيب هذا في النهاية 24،6 مليون طن سنويا.
وتبدأ شركة "سورغوت نفط غاز" بإنشاء رصيف تحميل ناقلات البترول في خليج باتارينايا ويفترض ان تشحن الشركة 7،5 مليون طن من وقود الديزل في السنة إلى زبائنها في أوروبا وتبدأ شركة "ت ن ك - ب ب" بإنشاء ما سيتيح لها نقل 12 مليون طن من النفط الخام بطريق البحر في السنة وبصفة الإجمال يمكن ان ترتفع كميات النفط التي تنقل عبر بحر البلطيق من 77،6 مليون طن حاليا إلى 156 مليون طن سنويا في عام 2010.
ويتساءل المراقبون الاقتصاديون عن الجدوى التي تجنيها اوكرايينا في حرمان نفسها من عوائد ثابتة تصل الى عدد من المليارات من الدولارات جراء نقل النفط الروسي عبر أراضيها الآن مع العلم أنها لا تجد بديلا للنفط الروسي من المكن ان تتكسب منه على هذا النحو.
الخليج-الامارات
17-3-2005