في دورة أثينا الأولمبية التى اقيمت في العام الماضي، فاز العداء الصيني ليو شيانغ البالغ من العمر واحدا وعشرين عاما بذهبية سباق قفز الموانع لمائة وعشرة أمتار بنتيجة معادلة للرقم القياسي العالمي، مما جعل هذا الشاب الذي يترعرع في مدينة شانغهاي الصينية نجما مرموقا على مستوى العالم في وقت سريع. ثم بدأت وسائل الإعلام الصينية تكيل الثناء له، ولكنها لم تلهه. فظل محافظا على تواضعه ويقظته.
واقيمت مسابقات ألعاب القوى المفتوحة الآسيوية في الأستاد المسقوف بمدينة تيانجينغ الصينية في أول مارس. وحضر ليو شيانغ الى مضمار سباق قفز الموانع لستين مترا مبكرا قبل الموعد بساعتين، حيث قام بالأنشطة التحضيرية الكاملة لهذا السباق، وبدا بنفس اهتمامه ودقته المعهودة. وكان يتجاذب الحديث الشيق الفكه مع زملائه بين حين وآخر، وكان متواضعا دون كبرياء النجوم الكبار. رغم عدم مشاركة نجوم كبار في هذه المسابقات، لكن ليو شيانغ لم يتراخ وأعدّ نفسه بصورة صارمة. وأخيرا، فاز بالسباق بسبع ثوان ونصف، وحقق أحسن نتيجة شخصية في سباق قفز الموانع لستين مترا مقارنة بما حققه في جميع المسابقات التى اقيمت في الصين. وصرح ليو شيانغ بأنه لا يحمل أي هم للمشاركة في مسابقات جديدة بغضّ النظر عن لقبه المشهور كبطل أولمبي. إذ قال:
"أرى أن كل مسابقة تتيح لي فرصة للتدرب. فلماذا أشعر بضغوط؟ ويحبّني المشجعون كثيرا، ويتابعون مسابقاتي بشغف دائما. ويتعين عليّ أن أحسن أدائي لأردّ جميل المشجعين. "
بعد فوز ليو شيانغ بالبطولة الأولمبية، سلّطت عليه وعلى مدربه سون هاي بينغ الكثير من الأضواء الباهرة مما جعلهما في دائرة الاهتمام، حيث عكرت الأنشطة الاجتماعية والتجارية المتعاقبة حياتهما الهادئة في الماضي. فبعد الانجازات التى حققها هذا العداء وبفضل ما يتمتع به من الملامح المفعمة بالحيوية والنشاط والبنية القوية الرشيقة، بادر كثير من المؤسسات التجارية الى دعوته للإعلان عن منتجاتها. وعلم أن ليو شيانغ قد قام بعشرة إعلانات على الأقل بعد دورة أثينا الأولمبية، وتشمل هذه الإعلانات منتجات مختلفة مثل المشروبات والوجبات السريعة والساعات والمنتجات الإلكترونية وغيرها، وكلها ذات ماركة دولية مشهورة. ورغم أن هذه المؤسسات التجارية تفضل ليو شيانغ لتنفيذ إعلاناتها، لكن هذه الأنشطة أخذت تضايقه في تدريباته الرياضية النظامية الى حد ما، ويسعى ليو شيانغ ومدربه سون هاي بينغ جاهدين الى المواظبة على التدريبات تجنبا لأي إزعاجات من الخارج. إذ قال سون هاي بينغ:
" كانت حياتنا قبل دورة أثينا الأولمبية بسيطة جدا. وبالنسبة الى ليو شيانغ، كان يركز معظم أوقاته وجهوده في التدريبات ويستريح أو يأخذ النصائح الطبية في أوقات فراغه. أما الآن فعليه القيام بالكثير من الأنشطة الاجتماعية. وأرى أن بعضها واجب علينا، مثل الأنشطة الخيرية، لكن كثيرا منها تضايقنا في الحقيقة. مثلا: من المعتاد أن يتدرب ليو شيانغ نهارا، بينما كان يقضي معظم أوقاته في ممارسات الطب الرياضي والتدليكات مساء. ولكن أوقاته في المساء تحفل حاليا بالأنشطة الاجتماعية والتجارية. فاضطربت إيقاعاتنا المعيشية والتدريبية حاليا."
وكشف سون هاي بينغ عن أنهما ربما يسافران الى خارج البلاد للتدريبات في وقت لاحق من هذا العام بهدف رفع فعالية التدريبات في ظروف جيدة وتفادي أي اضطرابات من خارج الملاعب.
إن ليو شيانغ شاب بسيط وعادي في حياته اليومية. وقد اختير أحد الرياضيين العشرة الممتازين الصينيين لعام 2003، ولكنه لم يكن لديه حينذاك بدلة رسمية لائقة لحضور مراسم تسليم الجوائز، فاضطر الى حضورها ببدلة نظامية لوفد شانغهاي المشترك في الدورة التاسعة للمهرجان الرياضي الوطني الصيني. وعندما اختير أحد الرياضيين العشرة الممتازين الصينيين لعام 2004، لبس بدلة رسمية اشتراها في أوقات فراغه خلال إحدى مشاركاته في المسابقات الدولية خارج البلاد. ولكنه ما زال يبتسم متواضعا عندما يصعد الى منصة تسلم الجائزة.
ومثل غيره من الشباب، يحب ليو شيانغ أيضا في الكاروكي وألعاب الكمبيوتر. وبعد دورة أثينا الأولمبية، شهدت حياة ليو شيانغ تغيرات كبيرة جدا بسبب اهتمام المجتمع وضغوطه، بينما أصبحت أوقات فراغه أقلّ مما كانت عليه في الماضي. وخلال ردّه على سؤال صحفي: "هل تفضّل حياتك الهادئة قبل دورة أثينا الأولمبية أم تفضّل حياتك الحالية كشخصية مشهورة؟ أجاب ليو شيانغ بصراحة أنه يفضّل حياته الحالية، ولكنه يطلب بنيّة صادقة من مختلف أوساط المجتمع أن تقلل اهتمامها بحياته الخاصة. إذ قال:
" طبعا، تعزّ عليّ حياتي الماضية، ولكن لديّ الآن الكثير من التجارب الشخصية غير المسبوقة في الماضي، لذا أشعر بأنني أفضل حياتي الحالية على نحو أكثر. وبعد دورة أثينا الأولمبية، فوجئت بكثير من الأشياء، وكلها مفيدة لتطوري، وحققت نتائج ممتازة في المسابقات كما حققت تقدما كبيرا في السلوك الشخصي. لا أنسى حياة الماضي، وأرى أنها ذات مغزى مهم بالنسبة اليّ. ولكنني أفضّل أكثر حياتي الحالية. ولا شك أنني أتعرض الآن لكثير من الإزعاجات من مختلف أوساط المجتمع، لذا آمل في أن أعيش طليقا على قدر الإمكان. فاسمحوا لي أن أحتفظ ببعض أوقات فراغي، لأنني سأفعل الكثير من الأشياء بالإضافة الى التدريبات، وعلى كل حال، ما زلت شابا. "