باريس - مكتب "الرياض" - جهاد الخليل:
شدد الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود رئيس وفد المملكة الى المؤتمر الدولي حول "الطاقة النووية في القرن الواحد والعشرين" الذي افتتحت اعماله اليوم الاثنين في باريس بمشاركة 06دولة على ثلاثة مواقف اساسية اولاً التأكيد على جعل منطقة الشرق الاوسط خالية من الاسلحة النووية، ثانياً رفض سياسة التمييز ضد البترول من قبل بعض الدول المستهلكة وذلك عبر فرض ضرائب على المنتجات النفطية تصل الى 08في المئة، ثالثاً احترام اتفاقية الامم المتحدة للتغيير المناخي وبروتوكول كيوتو وتطبيق التزامات الدول بطريقة غير انتقالية خصوصاً بعد اعتماد بعض الدول الصناعية سن سياسات تعتمد على الفحم الاكثر تلويثاً للبيئة او الطاقة النووية التي يكتنفها الكثير من المخاطر.
وألقى الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود رئيس الوفد ونائب رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث كلمة قال فيها: ان امامنا فرصة تاريخية لاستشراف دور الطاقة النووية في القرن الجديد والقاء المزيد من الضوء على دور الطاقة النووية في الاسهام في توفير الطلب المتزايد على الطاقة ومن ثم الاسهام في تحقيق مخططات التنمية في العديد من الدول.
وحفاظاً على الوقت لن اتطرق الى اي تفاصيل فنية حيث ستحظى بالقدر الكافي من العناية والمناقشة في جلسات المؤتمر بل سأكتفي بإبداء الملاحظة التالية:
جاء في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان حكومات عدد من الدول المتقدمة قد تراجعت عن مخططاتها لاستخدام الطاقة النووية ونعتقد ان اتخاذ مثل هذه القرارات السياسية يرجع في المقام الاول الى المخاوف من المخاطر المقترنة بتشغيل المنشآت النووية والتصرف في النفايات المشعة وخاصة بعد حادث تشرنوبل الذي تعدت آثاره كل الحدود.
ونرى في سياق ذلك ان على الوكالة الدولية للطاقة الذرية مواصلة مهامها المتعلقة بتعزيز الأمان العالمي للطاقة النووية من اجل الحفاظ على مصداقيتها.. وانه يتعين على الوكالة ايضاً استطراد اعمال المقارنة والتقويم لايجابيات وسلبيات مختلف مصادر الطاقة بشكل موضوعي ومنصف ومحايد قبل ان تقدم على الحديث بشكل قاطع عن دور واسهام الطاقة النووية في تحقيق التنمية المستدامة.
واضاف: عكفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في السنوات الاخيرة على تعزيز وتكامل نظام الضمانات.. ودعت الى التطبيق العالمي له فاستجاب الكثير من الدول لذلك بينما امتنع البعض عن قبول تلك الدعوة.
ولما كانت المملكة العربية السعودية تكن اداراكاً متفهماً لأهمية شمولية انشطة الرقابة والتحقيق وضرورتها لتعزيز الأمن المادي للمرافق والمواد النووية والمساعدة على منع الاتجار غير المشروع بالمواد النووية والتصرف والتخلص المأمون منها والتصدي والمنع لاحتمالات الإرهاب النووي.. فإن المملكة مع من يؤكد ان كل ذلك في مجمله لا يلغي المسؤولية الاولية التي تقع على كاهل الدول فيما يتعلق بصون أمن الدولة وحماية أراضيها ورعاياها وتلزمها الى جوار ماسبق بأن تعمل فرادى ومتعاونة على توطيد دعائم الأمان والأمن النوويين على كافة الاصعدة الوطنية والاقليمية والعالمية كما نؤكد على موقف المملكة الثابت بجعل منطقة الشرق الاوسط خالية من الاسلحة النووية.
السيد الرئيس
لقد بنيت سياسات المملكة البترولية على اساس التوازن بين مصالحها الاقتصادية في المديين القصير والطويل والتعاون مع كافة الدول المنتجة والمستهلكة للبترول وتنطلق السياسة البترولية للمملكة من موقعها في السوق البترولية باعتبارها تملك اكبر احتياطي ثابت وجوده في العالم حيث يشكل اكثر من ربع الاحتياطي العالمي وباعتبارها اكبر منتج ومصدر للبترول ومن المتوقع ان يكون الاحتياطي اكثر من ماهو عليه مع استمرار الاكتشافات الجديدة والتطور التقني والاحتياطي الحالي وحسب معدلات الانتاج الحالية من المفترض ان يستمر لمدة قد تصل الى حوالي المائة عام بإذن الله.
ان ركائز السياسة البترولية السعودية تقوم على:
استقرار اسواق البترول.
التعاون مع الدول المنتجة والمستهلكة.
استمرار نمو الطلب على البترول متوافقاً مع النمو الاقتصادي العالمي.
بناء صناعة بترولية وطنية ذات كفاءة عالية وقدرة على المنافسة.
بناء قنوات للحوار مع جميع الدول في موضوعات الطاقة والبيئة والتقنيات التي تساعد على التوافق بينهما.
ومن هنا، فإن المملكة يهمها استمرار البترول كمصدر أساس للطاقة، بل والعمل على زيادة الطلب عليه. ولا شك ان استقرار السوق، وتوفر الامدادات يساهمان في الاعتماد على البترول كمصدر أساس للطاقة. كما ان المملكة تركز على أهمية وجود سوق حرة للبترول دون تدخل في أو تعارض مع قوى العرض والطلب. ولهذا السبب، فإن المملكة توضح ذلك للعالم دائماً، وتعارض التمييز ضد البترول من قبل بعض الدول المستهلكة، والمتمثل في فرض ضرائب عالية على المنتجات البترولية تصل في بعض الأحيان إلى حوالي 08%، كما ان المملكة تقف ضد السياسات التي تقدم الاعانات المالية لبعض مصادر الطاقة دون غيرها مثل الفحم والطاقة النووية، بينما تجعل البترول عرضة للضرائب الباهظة. ولكون المملكة في سياستها العامة وأهدافها الأساسية، تسعى دائماً نحو التعاون والاستقرار الدولي في كافة المجالات، كما تسعى على زيادة الرخاء الاجتماعي والتطور الاقتصادي العالمي، فإنها تهدف كذلك إلى تسخير ثرواتها البترولية من أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة.
ويتحقق هذا بالطبع بتوفير الامدادات عند الحاجة، مما يسهم في استقرار السوق، ليس فقط في جانبي العرض والطلب، بل كذلك في استقرار الأسعار، وبما يعود بالفائدة على الدول المنتجة والصناعة البترولية والدول المستهلكة.
وقد عملت المملكة على طمأنة الدول المستهلكة باستمرار الامدادات عن طريق التدخل لتعويض أي انقطاع طارئ في الامدادات وقامت من أجل ذلك ببناء طاقة إنتاجية عالية منها أكثر من مليوني برميل يومياً غير مستغلة لغرض مقابلة ذلك الاحتمال. وقامت أيضاً بالمشاركة في محطات تكرير البترول في الأسواق الرئيسية وبناء أسطول ناقلات ضخم لغرض ضمان استمرار تدفق الزيت إلى تلك الأسواق. وتدعو المملكة إلى انهاء المعاملة التمييزية للبترول في الأسواق الرئيسية عن طريق خفض العبء الضرييبي على المنتجات لكي ينمو الطلب بشكل طبيعي وتنمو تجارة البترول بين الدول لما فيه سلامة الاقتصاد العالمي.
السيد الرئيس،،
إن هناك علاقة وثيقة بين الطاقة والبيئة، إذ يؤثر إنتاج الطاقة واستهلاكها، كما هي الحال مع الأنشطة الأخرى التي يمارسها الإنسان، في البيئات المحلية والاقليمية والعالمية. ومن الأمثلة عليها انبعاث الغازات والجسيمات الدقيقة في حالة الوقود الاحفوري والأشعة ونفايات الطاقة النووية. وعلى مر السنين، ساهمت التقنية والإبداع الإنساني والخطى الهائلة التي تم تحقيقها في مجال زيادة كفاءة استخدام الطاقة في التخفيف من آثارها البيئية. ففي صناعة البترول ساعد استخدام المحولات التحفيزية والمنتجات البترولية الأنظف وتحسين مواصفات الناقلات وخطوط الأنابيب وإرشادات تخفيف الانبعاث في عمليات الإنتاج على تقليل تلوث الهواء والماء. وقد أثبتت صناعة البترول الدولية بأنها على مستوى التحدي واستثمرت بلايين الدولارات لجعل عمليات الإنتاج وأنواع المنتجات غير ضارة بالبيئة.
وإنه من المؤسف ان نشير هنا أنه بالرغم من وجود هذه التحسينات في جودة المنتجات البترولية، إلاّ ان الدول الصناعية قد بادرت بسن سياسات وبرامج أخرى للتقليل من استخدام النفط وبخاصة في مجال توليد الكهرباء وذلك لصالح الفحم الأكثر تلويثاً للبيئة أو الطاقة النووية التي يكتنفها الكثير من المخاطر.
وتفخر المملكة بأنها من الدول النامية الرائدة في مجال حماية البيئة من خلال مراعاتها التامة للاعتبارات البيئية في جميع القطاعات الاقتصادية، وقد أصدرت مؤخراً النظام العام للبيئة والذي يحكم العلاقة بين النشاط الاقتصادي والبيئة. كما تسعى المملكة من خلال العمل الجماعي الدولي المشترك على المساهمة في جهود حماية البيئة العالمية، فهي من الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي وأيضاً بروتوكول كيوتو.
وفي الوقت الذي تحرص فيه المملكة على تطبيق التزاماتها في إطار هذه الاتفاقية والبروتوكول لاحقاً، فإن المملكة تطالب جميع الدول والدول الصناعية منها على وجه الخصوص، بتطبيق هذه الالتزامات بشكل متكامل وليس على أساس انتقائي.
إن إدراك التداخل والاعتماد المتبادل بين الطاقة والاقتصاد والبيئة هو أمر هام للتعامل مع المشاكل البيئية المحلية والعالمية. ويصاحب الطاقة في الدور الهام الذي تلعبه في النمو الاقتصادي الآثار البيئية السلبية، فإنه على السياسات الأخرى الرامية للحد من تلك الآثار الا تعيق النمو والازدهار الاقتصادي أو تقلص تجارة الطاقة العالمية. وقد أدركت المملكة هذا منذ أمد طويل، وعملت على أساس علاقة الاعتماد المتبادلة بين الطاقة والاقتصاد والبيئة. وقد أسهمت المملكة في نمو الاقتصاد العالمي وازدهاره وذلك بضمان تزويد العالم بامدادات آمنة وموثوقة من النفط والعمل جنباً إلى جنب مع المنتجين الآخرين على استقرار السوق.
واختتم قائلاً: يطيب لي ان اختتم حديثي بالاعراب عن عميق الشكر والتقدير لحكومة وشعب جمهورية فرنسا على استضافة هذا المؤتمر.
يذكر ان المؤتمر الدولي في باريس يستمر يومين ويشارك فيه نحو 03وزيراً وعدد من كبار المسؤولين.
ومن المعلوم ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أعدتا هذا الاجتماع الرفيع وذلك قبيل بحث الأمم المتحدة وسائل جديدة لتعزيز حماية البيئة ووضع أسس جديدة لعدم انتشار الأسلحة النووية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنيه استقبل الدكتور محمد البرادعي وتشاور معه في عدد من قضايا الساعة لاسيما اجتماعات الترويكا الأوروبية مع إيران والتحضير لمؤتمر في شهر ايار/مايو يدرس سبل تعزيز نظام منع انتشار الأسلحة النووية
الرياض-السعودية
22-3-2005