طلب الزعماء الاوروبيون أمس اعادة النظر من جديد في مشروع محل خلاف يهدف لتحرير سوق الخدمات الاوروبية، فيما يعد نصرا للرئيس الفرنسي جاك شيراك وانتكاسة لخطط الاصلاح الاقتصادي الجريئة.
ووسط مخاوف من احتمال رفض الناخبين في فرنسا لدستور الاتحاد الاوروبي في استفتاء قال الزعماء الخمسة والعشرون إن خطة لفتح قطاع الخدمات أمام المنافسة من دول أخرى يجب اعادة صياغتها لصيانة "النموذج الاجتماعي الاوروبي".
وجاء هذا القرار خلال قمة عقدت في بروكسل بعد ان تقدم معارضو الدستور في استطلاعات الرأي قبل الاستفتاء الذي يجري في 29 مايو/ ايار، مما دفع شيراك للمطالبة بإعادة صياغة المقترحات لصيانة حقوق العمال.
ونقل دبلوماسي عن شيراك قوله في القمة "الليبرالية المفرطة هي الشيوعية الجديدة في عصرنا".
وقاوم مؤيدو التحرير الاقتصادي مثل بريطانيا مساعي شيراك وأوضحوا انهم يعتبرون قرار القمة تراجعا تكتيكيا لمساعدة فرنسا على الفوز في الاستفتاء وليس استسلاما.
وتقول المفوضية الاوروبية إن تحرير الخدمات التي تشكل نحو 70 في المئة من اقتصاد الاتحاد الاوروبي هو مفتاح زيادة النمو الاقتصادي الضعيف.
وبلغ معدل النمو نحو اثنين في المئة في الاتحاد الاوروبي في السنوات الاخيرة ومن المتوقع أن يكون أسوأ هذا العام رغم تحسن الاقتصاد الامريكي.
ويبلغ معدل البطالة في أوروبا نحو تسعة في المئة.
وقال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو لراديو هيئة الاذاعة البريطانية "ليست جريمة اذا أخذ الرئيس شيراك في اعتباره الاطار السياسي المحلي" في بلاده.
لكنه قال إن دولا مثل بريطانيا التي حققت معدلات نمو أكبر ومعدل بطالة أقل عن طريق سياسات التحرير لديها "درجة أقل بكثير من الهوس" فيما يتعلق بدخول شركات الخدمات من اوروبا الشرقية الى أسواقها.
وقال رئيس وزراء لكسمبورج والرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي جان كلود جونكر مساء الثلاثاء إنه يجب إعادة صياغة المشروع المثير للجدل الخاص بتحرير قطاع الخدمات في الاتحاد الاوروبي ليتجاوب مع المخاوف بأنه قد يؤثر في تكاليف العمل في الاتحاد المكون من 25 دولة.
وقال جونكر للصحافيين عقب مناقشة زعماء الاتحاد الاوروبي للمشروع في قمة ببروكسل إن صياغة البرنامج الحالي للمفوضية الاوروبية لم تراع المطالب الخاصة باحترام القيم الاجتماعية الاوروبية.
ودعا جونكر البرلمان الاوروبي الذي يدرس حاليا التشريع المقترح إلى التأكد من أنه يضمن "إجماعا كبيرا" بين الحكومات الاوروبية.
وقال جوزيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الاوروبية إن الاتحاد لن يعمل بمشروع جديد ولكن بتعديل للبرنامج الحالي استجابة لمخاوف الاتحاد الاوروبي.
وكانت الضغوط على المفوضية الاوروبية تزايدت أمس الأول من أجل سحب المشروع قبل عقد القمة الاوروبية التي تهدف إلى إنعاش اقتصاديات دول الاتحاد المتباطئة.
وهناك قلق متزايد بين دول غرب أوروبا من فقدان آلاف الوظائف في حالة تحرير سوق الخدمات لمصلحة الدول المنضمة حديثا للاتحاد الاوروبي في شرق ووسط أوروبا بسبب الفجوة الواسعة في الاجور بين الجانبين.
وينص اقتراح المفوضية الاوروبية المثير للجدل على تقديم الخدمات بموجب ما يسمى "مبدأ دولة المنشأ" وهو الامر الذي يتيح للشركات تقديم الخدمات في أي مكان داخل الاتحاد الاوروبي ما دامت تلتزم بالقوانين المنظمة لمثل هذه الخدمات في وطنها الام.
وتعارض فرنسا وألمانيا مشروع المفوضية الاوروبية أيضا خشية أن يؤدي إلى طوفان من العمالة الرخيصة من الاعضاء الجدد في شرق أوروبا بما يؤدي إلى فقدان العمال في البلدين لوظائفهم.
الخليج-الامارات
24-3-2005