يعد حادث الأزهر الذي وقع الخميس الماضي ثاني عمل إرهابي تشهده مصر يستهدف السياحة خلال الشهور الماضية، بعد تفجيرات طابا، يأتي الحادث بعد توقف العمليات الإرهابية منذ العام 1997 عقب حادث الأقصر الذي أسفر عن مقتل 59 سائحا أجنبيا.
الحادث الجديد يفجر مرة أخرى قضية اعتماد مصر على موارد غير آمنة، ويعيد إلى الأذهان الأزمة الاقتصادية التي شهدتها مصر في أعقاب حادث الأقصر وتأثر موارد مصر من النقد الأجنبي، خاصة السياحة، مما أدى إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وندرة العملات الأجنبية، وما شهده سوق النقد الأجنبي من ظهور السوق السوداء للدولار، وأرجع خبراء الاقتصاد الأزمة الاقتصادية المصرية في ذلك الوقت إلى تأثيرات حادث الأقصر.
وبالرغم من الدروس القاسية لحادث الأقصر على الاقتصاد المصري إلا أن الحكومة المصرية لم تتعلم الدرس ولم تحاول إعادة هيكلة الاقتصاد المصري للاعتماد على الإنتاج والتصدير كمصدر للدخل من النقد الأجنبي، وظلت الحكومات المتعاقبة تعتمد على قناة السويس والسياحة والبترول وتحويلات المصريين العاملين بالخارج كأساس للموارد من النقد الأجنبي، رغم أن هذه الموارد ترتبط بالعديد من العوامل الخارجية مثل درجة الاستقرار السياسي والأسواق العالمية، مما يجعلها دائما عرضه للتقلبات الشديدة غير المحسوبة، وهو الأمر الذي يؤكد أهمية تحقيق التنمية المؤهلة للصادرات السلعية باعتبارها من أكثر موارد النقد الأجنبي استقرارا.
وتشير دراسة للبنك الأهلي المصري حول موارد مصر من النقد الأجنبي إلى أن أي نقص أو تراجع في موارد الدولة من النقد الأجنبي يؤثر سلبيا في عملية التنمية ومعدلات النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى الضغوط على العملة المحلية مما يؤدي إلى خفض قيمتها وما يتبعه ذلك من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، الأمر الذي يؤثر سلبيا في أداء الاقتصاد خاصة في الدول النامية مثل مصر.
وتكشف الدراسة أن إيرادات قناة السويس والسياحة والبترول وتحويلات المصريين العاملين بالخارج تشكل نحو 75% من إيرادات الميزان التجاري المصري، وشهد العام المالي 2003/2004 قفزة كبيرة في هذه الإيرادات حيث زادت بمعدل 26.6 % نتيجة ارتفاع إيرادات السياحة بنحو 44.2 % والصادرات السلعية غير البترولية بمعدل 29.7 % وحصيلة قناة السويس بمعدل 4.27% والصادرات البترولية بنسبة 23.7 % وتحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 1.2 %.
وتشير الدراسة إلى ارتفاع عجز الميزان السلعي غير البترولي خلال الفترة من 1999 إلى 2003 بنحو 18.8 % نتيجة ارتفاع الواردات السلعية غير البترولية بنسبة 23% تقريبا رغم ارتفاع حصيلة الصادرات السلعية غير البترولية بنسبة 59% خلال الفترة نفسها.
أما الإيرادات السياحية وهي التي من المتوقع تأثرها بعد تكرار الحوادث الإرهابية في مصر، فتشير الدراسة إلى أنها تسهم بنحو 25.1 % من إيرادات مصر من النقد الأجنبي خلال فترة الدراسة، مشيرة إلى ارتباط السياحة في تحفيز قطاعات كبيرة في الاقتصاد المصري نظرا لارتباط السياحة بالعديد من الأنشطة المرتبطة والمغذية لهذا القطاع.
وساهمت الصادرات البترولية بنحو 18% من مصادر النقد الأجنبي عام 3200 نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار البترول العالمية والتي كسرت حاجز ال50 دولارا لأول مرة.
أما تحويلات المصرين العاملين بالخارج فقد شهدت نوعا من الثبات النسبي خلال الأعوام الثلاثة الماضية يدور حول 3 مليارات دولار تقريبا، فيما حققت حصيلة رسوم المرور في قناة السويس نموا متواضعا خلال فترة الدراسة.
وتكشف الدراسة عن خطورة اعتماد الاقتصاد المصري على موارد غير آمنة، وتطالب الدراسة بضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد المصري للاعتماد على عناصر يمكن التحكم فيها مثل الصادرات غير السلعية وزيادة الإنتاج بدلا من الاعتماد على مصادر ترتبط أساسا بالعوامل الخارجية والاستقرار، خاصة السياحة التي اثبتت التجارب -خاصة بعد حادث الأقصر أنها أسهل هذه الموارد التي يمكن أن تتأثر بأي حادث إرهابي بسيط مما يؤدي إلى حدوث أزمة اقتصادية عنيفة للاقتصاد المصري.
وإذا كانت الحكومة تحاول التخفيف من آثار الحادث الإرهابي الجديد على الاقتصاد المصري إلا أن معرفة حجم هذا التأثير ستظهر خلال الشهور الثلاثة المقبلة وهو ما ستكشف عنه أرقام السائحين والرحلات التي تم إلغاؤها.
الخليج-الامارات
13-4-2005