في غرب آسيا وعلى الشواطئ الشرقية لبحر الأبيض المتوسط ، ارض اختزلت التاريخ البشري واحتفظت بشواهده بوابات إلى زمن يمتد إلى أكثر من 9000 عام قبل الميلاد .
تلك هي الجمهورية العربية السورية ذات 185.180 كم مربع ، دولة صغيرة ولكنها كانت ومازالت قلب العالم القديم ، وجسرا يربط القارات الثلاث : آسيا، أوروبا ، وإفريقيا ، مما جعلها محط أنظار الطامعين على مدى العصور ، وقبلة للسائحين والباحثين في التاريخ الإنساني أينما كان .
تضم هذه البقعة من الأرض ما يقارب ثلاثة آلاف وخمسمئة موقع اثري منتشر في أرجائها كافة ، ولايزال هذا العدد بازدياد مستمر مع توالي الاكتشافات ، مما يجعلها من الدول الأغنى عالميا من حيث موجوداتها الاثرية والتاريخية والدينية .
ولعلكم ستدهشون عندما تعلمون بان أقدم موقع في سورية ( نهر الكبير الشمالي : في الغرب) يمتد الى عصر / البالبولي/ العصر الحجري القديم اي قبل حوالي مليون عام . وقد عثر في مغارات قرب العاصمة دمشق ( في بلدة يبرود ) وقرب حلب ( المدينة التجارية في سوريا ) على ادوات وهياكل عظمية لإنسان النياندرتال الذي يرجع تاريخه إلى حوالي مليون عام (تسبق هذه السلالة سلالة الإنسان الحالي بوقت طويل بما يقارب سلالتين) .
أما تاريخ الاستيطان البشري في سورية فيعود إلى 9000 عام قبل الميلاد ( في تل المريبط) حيث اكتشفت الزراعة لأول مرة على ضفاف نهر الخابور ( شمال شرق سورية) ، كما اكتشفت صناعة الخزف عن طريق شي الصلصال ، وهناك أيضا ظهرت حضارة المعدن عندما اكتشف الإنسان النحاس وابتدع خليطة البرونز .
ولكن أعظم إنجاز قدمته سورية للإنسانية جمعاء كان اختراع أول أبجدية في التاريخ ( أبجدية راس شمرا التي وجدت في مملكة اوغاريت قرب اللاذقية المدينة الساحلية الجميلة ) . وترجع هذه الأبجدية إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد ، وتعتبر الأبجدية الأم لجميع الأبجديات الموجودة حاليا .
ومن موقع اوغاريت على الساحل غربا إلى البادية شرقا فالحدود التركية شمالا والأردنية جنوبا تنتشر مئات الشواهد على تاريخ ثلاثين حضارة عريقة تعاقبت على سورية ، وهي منوعة بشكل فريد إذ تشمل قلاعا وقصورا واسوارا ومعابد وكنائس ومساجد لها أهميتها البارزة في العالم الإسلامي والمسيحي .
كما حمت الأقدار بعض المدن الآبدة لتبقى تروي حكايتها للزائر ، مثل تدمر التي يفد السياح إليها من كل الدول ، تدمر عروس الصحراء السورية (210 كم شمال شرق سورية) أهم سوق ومدينة تجارية في بلاد الشام قديما ومحطة تلتقي فيها القوافل التجارية على طريقها طريق الحرير القادم من الصين .
ومملكة ايبلا التي ازدهرت في الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد لاتقل شانا عن سابقاتها من الحضارات ففيها تم اكتشاف مكتبة ضخمة هزت العالم بمقتنياتها من وثائق نظمت أمور الإدارة والعمل الدبلوماسي والتجاري وعلاقات الحرب والسلم مع الممالك المجاورة ، بالإضافة إلى أقدم معجم لفظي بين لغتين. دون نسيان أقدم نوطة موسيقية في العالم وجدت في مملكة اوغاريت ، ومملكة ماري في الشمال الشرقي لسورية التي قدمت للتاريخ دلائل على العلاقات الدولية المتميزة للبلاد وفلسفتها الجميلة .
إن متاحف سورية المنتشرة في جميع محافظاتها(14محافظة) غنية بهذه الآثار القيمة والتي تمنح الزائر جولة مجانية ممتعة عبر الزمن يجول فيها ضمن حضارات عريقة كالفينيقية والرومانية والبيزنطية ويرى إبداع الفن الإسلامي .
إن غنى سورية الحضاري وموقعها الاستراتيجي ، فضلا عن غناها بالثروات المتعددة وتنوع تضاريسها وجمال مناخها كان سببا مباشرا في وقوعها فريسة للاحتلال الأجنبي بشكل متعاقب ، نذكر منها على سبيل المثال ومن التاريخ الحديث : الاحتلال العثماني (الأتراك) الذي دام أكثر من أربعة قرون ، فالاحتلال الفرنسي لما يقارب 25 عاما ( 1920-1946) استطاع بعدها السوريون نيل استقلالهم في 17/ نيسان /1946 ، ليصبح العيد الوطني لسوريا والذي نحتفل بالذكرى ال 59 له هذا العام .
منذ الاستقلال بدأت سوريا عهدا جديدا، حاولت من خلاله إثبات وجودها على الساحة الدولية تدريجيا . وبالتحديد منذ عام 1970 وتسلم الرئيس الراحل حافظ الاسد مقاليد الحكم والذي يعتبر مؤسس وباني سورية الحديثة .
يرأس الجمهورية العربية السورية حاليا الرئيس بشار الأسد منذ 10/تموز /2000 لفترة رئاسية أولى تستمر سبع سنوات . يقود السيد الرئيس عملية التطوير الاقتصادي والسياسي ، كما تشهد سورية في عهده انطلاقة جديدة نحو العالم الأوسع ، فضلا عن نهضة تنموية شاملة لمناحي الحياة كافة :
المصدر: السفارة السورية لدى الصين