في الحقيقة أن كلمة ماراثون جاءت من إسم مكان. ففي عام 490 قبل الميلاد، غزا الفرس بلاد الإغريق، لكن جنود الإغريق قاوموهم بشجاعة، وهزموهم في معركة دارت في سهل ماراثون، وفي نشوة الانتصار، ركض الجندي المراسل الإغريقي فيديبيديس لأكثر من أربعين كيلومترا عائدا الى أثينا. وبعد أن هتف " انتصرنا" بصوت عال، سقط على الأرض ميتا. ومن أجل إحياء ذكرى معركة ماراثون والبطل فيديبيديس، أقيم سباق الماراثون للعدو الطويل في أول دورة أولمبية قديمة. ويبلغ إجمالي مسافة سباق الماراثون النظامي الحديث إثنين وأربعين كيلومترا ومائة وخمسة وتسعين مترا، ويقام عموما على الطرق العامة.
إذن، كيف يرى الصينيون تأثير ودور مسابقات الماراثون المقامة في المدن؟ وفي أول منتدى صيني رفيع المستوى حول سباق الماراثون اختتمت أعماله مؤخرا في مدينة شيامون الساحلية بجنوب شرقي الصين، قال السيد وانغ دا وي نائب رئيس اتحاد ألعاب القوى الصيني:
" يعتبر العدو وسيلة سهلة قليلة التكاليف للتمرينات الرياضية. ويمكن أن تشارك الجماهير في سباق الماراثون وتستفيد منه كثيرا. إن تطوير سباق الماراثون ينشط الحملة الوطنية لتقوية بنية كل المواطنين وتحسين الرياضة التنافسية. ودعت بعض مسابقات الماراثون عدائين مشهورين للاشتراك فيها مما رفع مستوى سباق الماراثون للمحترفين في الصين أيضا."
وقال السيد وانغ دا وي إنه إذا أرادت مدينة أن تستضيف مسابقة الماراثون، فعليها أن تستوفي ثلاثة شروط أساسية، منها، أولا، دعم الحكومة وغيرها من الهيئات العامة. ثانيا، وجود طريق مناسب لسباق الماراثون. ثالثا، دعم المؤسسات الصناعية. وخلال عملية تطور سباق الماراثون في الصين، قدمت الحكومة وغيرها من الهيئات العامة وبعض المؤسسات الكبيرة الصينية والأجنبية دعما قويا في هذا المجال. بينما استخدمت محطات التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى ومؤسسات التسويق الرياضي تفوقها بصورة كاملة في التعريف بسباق الماراثون وتعميمه وجمع الأموال الخاصة به في الصين. مثلا، اقيمت أربع وعشرون دورة لمسابقات الماراثون الدولية ببكين. ولم تنفق الحكومة قرشا واحدا فيها، بل نالت هذه المسابقات دعما ماليا كاملا من المؤسسات الصناعية. كما تطورت مسابقات الماراثون الدولية بمدينة شيامون تطورا سريعا بفضل التعاون الوثيق بين مختلف الأطراف.
وقد استضافت الكثير من المدن الصينية، ومنها العاصمة بكين وووهان –
المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية في وسط البلاد وهونغ كونغ الملقبة بلؤلؤة الشرق ولاسا الواقعة على هضبة تشينغهاي – التبت المعروفة بسقف العالم، استضافت أو تستعد حاليا لاستضافة مسابقات الماراثون. بينما يتضاعف عدد عشاق الماراثون سنويا في الصين. وقال السيد مارك أر ويتمور – رئيس مجلس إدارة مؤسسة الرياضة والتسويق العالمية المحدودة خلال حضوره لمنتدى القمة الصيني حول سباق الماراثون تلبية لدعوة المنتدى:
" يسرّني جدا أن أشاهد تطور سباق الماراثون بصورة مزدهرة في الصين. وأرى أنه يمكن جعل العالم يعرف الصين بصورة أفضل عبر المسابقات الكثيرة للماراثون، وخاصة يمكن تعريف العدائين الأجانب المشتركين فيها بقدرة الصين الممتازة الخاصة بالتنظيم والاستضافة بصورة أحسن، خاصة أن دورة بكين الأولمبية ستقام في عام 2008. "
وبالطبع، هناك حاجة لتطوير سباق الماراثون وتعميمه في الصين بشكل تدريجي ومنتظم. وقال السيد وانغ دا وي إنه رغم تطور مسابقات الماراثون الصينية وارتفاع مستوى العدائين المحترفين بصورة سريعة خلال العشرين سنة الماضية، لكن مدى تعميم هذه الرياضة ما زال منخفضا، وتقام مسابقاتها في بكين وشانغهاي وداليان وشيامون وهونغ كونغ وماكاو وغيرها من المدن والمناطق المتقدمة
اقتصاديا وعمرانيا، ويأتي معظم العدائين الهواة المشاركين في هذه المسابقات من شرقي ووسط البلاد. وفي الوقت نفسه، ما زال عداؤو الماراثون المحترفون الصينيون يفتقرون الى القدرة التنافسية القوية في المسابقات الدولية. وقال السيد وانغ دا وي:
"ظهر في الصين مجموعة من عداءات الماراثون المتقدمات. وحققن جميعا نتائج جيدة تتراوح مدتها بين ساعتين وعشرين دقيقة وساعتين وخمس وعشرين دقيقة. ومن المؤمل أن تحتل هؤلاء العداءات المراتب الثماني الأولى ويتنافسن للحصول على ميداليات في دورة بكين الأولمبية القادمة. ولكن، يجب أن نأخذ عداءات الماراثون اليابانيات بعين الاعتبار لكونهن منافسات قويات لنا، لأنهن حصلن على الميدالية الذهبية لسباق الماراثون للسيدات في دورتي سدني وأثينا الأولمبيتين. وبالإضافة الى ذلك، تشبه الظروف الجغرافية والجوية اليابانية نظيرتها في الصين. ولا نمتلك تفوقا كبيرا في دورة بكين الأولمبية القادمة. "
وأضاف السيد وانغ دا وي قائلا إن مزيدا من المدن تأمل الآن في استضافة مسابقات الماراثون، ولكنه يتعين علينا أن نفكر في مسألة تطوير مسابقات الماراثون بصورة مستدامة. لأن اتحاد ألعاب القوى الدولي ينص على أنه يتأهل لكل من أبرز العدائين أن يشترك في مسابقتين خاصتين بالماراثون على الأكثر كل سنة. لذلك، فإن
قضايا مثل كيفية جذب العدائين الممتازين للاشتراك في هذه المسابقات وجذب المزيد من المتفرجين وجذب رجال الأعمال والمؤسسات المؤازرة وضمان سلامة العدائين المشتركين فيها أصبحت جميعا مرتبطة بتطور سباق الماراثون بصورة مستدامة. وسواء أ كانت المدينة قد استضافت مسابقة ماراثون أو تستعد لاستضافتها، فعليها أن تفكر في مسألة تطويرها بصورة سليمة ومستدامة.