<%@ Language=JavaScript %> china radio international

حول إذاعة الصين الدولية

تعريف بالقسم العربي

إتصل بنا
نشرة جوية
مواعيد الطائرات
الأخبار الصينية
الأخبار الدولية
v الاقتصاد والتجارة
v العلم والصحة
v عالم الرياضة
v من الصحافة العربية
v تبادلات صينية عربية

جوائز للمستمعين

السياحة في الصين

عالم المسلمين

المنوعات

صالون الموسيقى

التراث الصيني العالمي
GMT+08:00 || 2005-04-18 17:56:15
بعد أن تحول التصعيد الكلامي إلي ورطة سياسية حكومة أردوغان وحزبه ينسحبان من المسابقة الوطنية للهجوم علي أمريكا‏!‏

cri

رسالة أنقرة‏:‏ عبد الحليم غزالي

ثمة ما يشير الي ان هناك تغيرا نوعيا طرأ علي موقف الحكومة التركية والخطاب المعلن لها ومن خلفها حزب العدالة والتنمية الحاكم ومعها الرئيس احمد نجدت سيزار تجاه واشنطن وسياساتها خاصة ما يمس تركيا منها مع ملاحظة ميل المؤسسة العسكرية إلي الصمت في هذا الشأن‏,‏ هذا التغير جاء بعد أن بدا أن الحكومة وحزبها ونوابها ووسائل الإعلام الموالية لها متورطة فيما يمكن وصفه بـ المسابقة الوطنية للهجوم اللفظي علي الولايات المتحدة استجابة لنازع مجاراة مشاعر شعبية تضع العم سام في منزلة الخصم والعدو وفي افضل تقدير الصديق السابق الذي لم يحفظ الود والجميل‏!‏

صحيح ان الهجوم الكلامي علي الولايات المتحدة ظاهرة شبه عالمية وهناك اسباب منطقية لذلك‏,‏ الا ان الامر في تركيا اخذ ابعادا تتسم بالحدة وربما المبالغة‏,‏ الأمر الذي أثار قلقا شديدا لدي الادارة الأمريكية والدوائر الاعلامية والسياسية المقربة منها‏,‏ حيث وصلت الي انقرة رسائل استياء من هذا الوضع مؤداها ان العلاقات بين البلدين ستتأثر نتيجة هذا الهجوم وان هذه الادارة بصدد مراجعة لها ستؤدي بأنقرة الي دفع ثمن غال لهذه الروح العدائية التي رأتها واشنطن غير مبررة علي الاطلاق وفاقت كل الحدود حسب تقديرها الذاتي‏.‏

مظاهر الحرب الكلامية

وحتي نفهم دوافع القضية الامريكية لابد من التطرق الي مظاهر الحرب الكلامية التي تعرضت لها الولايات المتحدة في تركيا وهي كالآتي‏:‏

‏*‏ أولا‏:‏ تباري الساسة الاتراك من جميع الاحزاب تقريبا في اطلاق تصريحات نارية ضد الولايات المتحدة وسياستها خاصة في العراق وقد انطلق التصعيد مع بدء العملية العسكرية في مدينة الفلوجة قبل شهور عدة ووصل الامر الي حد اتهام رئيس لجنة حقوق الانسان في البرلمان والعضو البارز في حزب العدالة والتنمية الحاكم محمد الكتامش الهجوم علي الفلوجة بأنه حرب ابادة وعندما ابدت السفارة الامريكية استياءها من ذلك عاد وكرر الوصف مرة اخري في تحد فاقم الغضب الامريكي‏,‏ وقد بات من الواضح ان الاحزاب التركية بما فيها الحزب الحاكم تستغل المشاعر الشعبية الغاضبة تجاه الولايات المتحدة لكسب ود الجماهير بدغدغة هذه المشاعر‏,‏ ورأي مسئولون أمريكيون أنه من الصعب تفهم مشاركة الحزب الحاكم ونوابه في هذه الحملة التي بات من الواضح أنه اضطر للانخراط فيها حتي لا يفقد شعبيته بدليل ان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ووزراءه في حكومته انتقدوا بشدة السياسات الأمريكية تجاه العراق‏,‏ خاصة أنه ساد أنقرة شعور بخيبة أمل تجاه هذه السياسات فيما يتصل بالامتناع عن اتخاذ اجراءات ضد الآلاف من متمردي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في جبال شمال العراق لأسباب بدت غير مقنعة

بالنسبة لأنقرة‏.‏

‏*‏ ثانيا‏:‏ تزامن مع التصريحات النارية للساسة الأتراك التي اخذت شكل من يهاجم امريكا اكثر يكسب‏,‏ حملة علي سياسات واشنطن في وسائل الاعلام التركية ولم يقف الأمر عند كتابة مقالات تعج بالرفض والغضب تجاه هذه السياسات في العراق وفيما يخص القضية الفلسطينية‏,‏ بل ان الامر وصل الي نشر اخبار اعتبرتها واشنطن تعبيرا عن عداء غير مبرر مثل القول بأن كارثة تسونامي نتجت عن تفجير نووي امريكي سري‏,‏ او ان واشنطن كانت تعلم بوقوع الكارثة مسبقا لكنها لم تبلغ الدول المنكوبة‏.‏

مظاهرات مزعجة

‏*‏ ثالثا‏:‏ أصبحت المظاهرات المناوئة للولايات المتحدة حدثا متكررا في العطلات الاسبوعية ورغم انها ليست بالضخمة لكنها ازعجت السفارة الامريكية لأنها جاءت من كل التيارات السياسية تقريبا كما اعتبرت ان الشعارات التي ترفع فيها تنطوي علي نهج تحريضي قد يكون مقدمة لأعمال عنف‏!.‏

‏*‏ رابعا‏:‏ أظهرت استطلاعات الرأي ان غالبية كبيرة من الاتراك تتراوح ما بين‏60%‏ و‏85%‏ مناوئة للولايات المتحدة وسياساتها‏,‏ والمثير ان استطلاعا اجري منذ اسابيع قليلة كشف عن ان‏40%‏ من الاتراك يعتبرون الولايات المتحدة العدو الاول لبلادهم‏.‏

‏*‏ خامسا‏:‏ في اطار حملة العداء لأمريكا وسياساتها طرأت ظاهرة جديدة مثيرة في تركيا تمثلت في صدور روايات خيالية تتحدث عن وقوع حروب بين الجانبين‏,‏ فبعد نشر رواية العاصفة المعدنية التي تصف هجوما امريكيا علي تركيا بسبب النزاع حول شمال العراق والتي وزعت ما يقرب من‏150‏ ألف نسخة حتي الآن مما وضعها في المرتبة الأولي للكتب الاكثر توزيعا ربما في تاريخ تركيا حسب بعض التقديرات وظهرت في الاسواق رواية جديدة من نفس النوعية تحت عنوان امريكا لنا التي تحكي قصة مساعدة كائن فضائي لشاب تركي ذي افكار قومية في غزو الولايات المتحدة والسيطرة عليها‏,‏ حيث امر الغزاة الاتراك الامريكيين بالتحدث باللغة التركية كما صدر قرار بتحويل مادونا الي راقصة شرقية علي الطريقة التركية‏,‏ ورغم ان الرواية تصف فشل الاتراك في ادارة الولايات المتحدة في تعبير عن النقد الذاتي‏,‏ الا ان دلالة الغزو المتخيل لا يمكن تجاهلها فنحن امام انتقام خيالي يعبر عن رفض وكبت في المشاعر الدفينة للاتراك تجاه الولايات المتحدة خاصة ان هناك اقبالا شديدا علي قراءة الرواية والمشكلة بالنسبة لادارة بوش انها لا تستطيع المطالبة بحظرها لأن ذلك ضد حرية الرأي التي تنادي بها وهذا يعمق

الغيظ الامريكي‏!.‏

مسألة كتاب كفاحي

ويرتبط بذلك انزعاج امريكي اسرائيلي مشترك من اتساع نشر وتوزيع كتاب كفاحي للزعيم النازي الألماني رودلف هتلر في تركيا في هذه الفترة بالذات مع انه مترجم للتركية منذ سنوات طويلة‏,‏ وهنا لابد من الاشارة الي ان الهجوم علي الولايات المتحدة عادة ما يقترن بموقف مماثل من اسرائيل وهذا الربط تم ايضا من جانب كتاب ومحللين وباحثين امريكيين بعضهم ينتمي للوبي الصهيوني النافذ في الولايات المتحدة حيث رأوا في بعض مواقف حكومة أردوغان مخاطبة لمشاعر جماهيرية معادية لإسرائيل أيضا خاصة بعض التعبيرات التي حفرت في الذاكرة مثل وصفه لاغتيال الشيخين أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي زعيمي حماس العام الماضي بأنه إرهاب دولة‏.‏

والآن نأتي للتغير في المواقف التركية والخطاب السياسي لحكومة أردوغان‏,‏ بعد أن استشعرت أنقرة أن الجانب الامريكي يحترق غيظا وإن تركيا في طريقها لنيل اشكال مختلفة من العقاب علي ما آلت اليه الأمور‏,‏ وكما أسلفنا كان في بعض الكتابات التي ظهرت في واشنطن اشارات لا تخطئها العين علي تغير مزاج إدارة بوش تجاه تركيا والحزب الحاكم تحديدا‏,‏ ومن الرسائل القوية التي استلفتت انتباه أردوغان وحكوماته وحزبه‏,‏ المقال الذي كتبه الباحث مايكل روبن الأستاذ في معهد انتربرايز المعروف بمواقفه الموالية لإسرائيل تحت عنوان الأموال الخضراء‏..‏ السياسات الإسلامية في تركيا والتي اتهم فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم ذا الجذور الاسلامية بالحصول علي دعم مالي غير مباشر من جهات ودول إسلامية توصف بالمحافظة وربما المتطرفة‏,‏ فضلا عن الحديث عن شكوك في الذمة المالية لاردوغان نفسه كما بدا لصانعي القرار في انقرة ان اجواء التهدئة مع واشنطن التي صاحبت واعقبت زيارة وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس لأنقرة في شهر فبراير الماضي قد تبخرت‏,‏ وان الامور تبدو بعيدة عن التهدئة في ظل التصريح الذي أدلي به وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عن اعمال العنف

التي تشنها المقاومة العراقية في الوقت الراهن وقوله انه كان يمكن ان تكون اقل كثيرا لو ان تركيا سمحت قبل الحرب علي العراق بنشر عشرات الآلاف من الجنود الامريكيين في اراضيها في اطار ما كان يعرف بفتح الجبهة الشمالية ضد نظام صدام حسين لأن فلول جيشه وأنصاره كانوا سيجدون المناطق الواقعة شمال بغداد مغلقة في وجه انشطتهم‏,‏ والتصريح يشير الي ان ادارة بوش تحمل تركيا بشكل غير مباشر مسئولية تزايد عدد القتلي في صفوف قواتها في العراق‏,‏ كما انه يثبت ان واشنطن لا تزال تعيش مرارة الأول من مارس عام‏2003,‏ عندما رفض البرلمان التركي الذي يحوز الحزب الحاكم ما يقرب من اغلبية ثلثي مقاعده السماح بأن تكون تركيا منطلقا آخر للغزو الأمريكي للعراق‏.‏

مظاهر التغير التركية

والسؤال هو ما هي مظاهر التغير في المواقف التركية؟ والإجابة تتمثل في الآتي‏:‏

‏*‏ أولا‏:‏ الاتجاه الي الموافقة علي طلب الولايات المتحدة توسيع استخدام قاعة انجيرليك في إطار عمليتيها العسكريتين في العراق وأفغانستان مع تطمين الرأي العام التركي إلي أن هذا الاستخدام لن يتم في إطار أعمال حربية مباشرة وإنما ضمن مهام التموين والإمداد‏.‏

‏*‏ ثانيا‏:‏ نجحت أنقرة في احتواء تداعيات زيارة الرئيس احمد نجدت سيزار إلي دمشق غير المرغوبة أمريكيا بالتركيز علي أنها كانت مقررة سلفا قبل تفجر أزمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري كما أن تصريحات سيزار في دمشق أشارت إلي أن تركيا تلعب دورا في إقناع سوريا بالاستجابة لما يسمي بالمطالب الدولية فيما يتصل بعلاقاتها من لبنان‏,‏ وحسبما تسرب عن الاتصالات الدبلوماسية بين واشنطن وانقرة فإن الطرح التركي يتمثل في القول بأن عزل سوريا إقليميا ودوليا لن يفيد السلام والاستقرار في الشرق الأوسط‏.‏

‏*‏ ثالثا‏:‏ تجنبت الحكومة التركية توجيه انتقادات جديدة للسياسات الأمريكية مع الميل إلي الحديث عما هو مشترك ونفي وجود أزمة في علاقات البلدين‏.‏

‏*‏ رابعا‏:‏ أرسلت الحكومة التركية أكثر من وفد إلي واشنطن لمحاولة شرح مواقفها والتركيز علي رغباتها في استمرار الصداقة والتحالف بين البلدين‏,‏ ولوحظ أن هذه الوفود عقدت لقاءات مع ممثلي اللوبي الموالي لإسرائيل وابرزت اهمية زيارة اردوغان الي تل ابيب مطلع الشهر المقبل لاستمالة هذا اللوبي الي جانب تركيا‏.‏

‏*‏ خامسا‏:‏ تغير الخطاب السياسي التركي تجاه سياسات واشنطن في العراق من الانتقاد الي محاولة الاستمالة‏,‏ وبدا هذا واضحا في الحديث عن وجود متمردي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق‏,‏ بل ان التغير طرأ علي سياسة تركيا نفسها تجاه العراق بإبداء الرغبة في التعاون مع الاكراد هناك والترحيب بانتخاب زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطلباني رئيسا للعراق واعتبار ذلك خطوة تخدم المصالح القومية التركية لأنها بداية لاندماج الاكراد في الدولة العراقية بدلا من الاتجاه الي الانفصال عنها‏.‏

‏*‏ سادسا‏:‏ شجعت الحكومة التركية انشطة ثقافية امريكية في البلاد في محاولة لتخفيف المشاعر الشعبية المناوئة للولايات المتحدة مثل المعارض والحفلات الموسيقية التي تعرض الوجه الآخر الحسن للحضارة الأمريكية‏.‏

صحيح ان كل ذلك لا يعني الشعور بالارتياح تجاه السياسات الامريكية‏,‏ او اختفاء القلق من مبدأ غطرسة القوة الذي يحكم هذه السياسات حاليا‏,‏ لكن مادامت تركيا غير قادرة علي تغيير هذه السياسات فمن الافضل لها السعي الي تلطيفها وتجنب الآثار السلبية لها‏,‏ في ظل الاعتقاد انه لا مبرر لتحويل قوة عظمي حليفة الي عدو ولو علي المستوي اللفظي‏,‏ وتدرك انقرة انها لا تزال في حاجة الي الدعم الامريكي سواء فيما يتصل باقتصادها الذي لا يزال في مرحلة الخروج من ازمة فبراير عام‏2001‏ والتعاون العسكري بين الجانبين واعتماد الجيش التركي علي الولايات المتحدة في تسلحه وغيرها من الجوانب الحيوية للعلاقات‏,‏ وفي المسائل الخلافية لابد من البحث عن الحلول الوسط‏,‏ ومن الضروري التفرقة بين مكاسب سياسية داخلية آنية ومصالح وطنية عليا‏,‏ وقد يقود الهجوم اللفظي علي الولايات المتحدة إلي الارتياح النفسي لكن قد لا يمر دون خسائر لا داعي لها‏,‏ وفي كل الأحوال فإن الكلام خاصة إذا كثر وتكرر بشكل مفرط لا يفضح إلا العجز وتلك هي مصيبة المتسابقين في لعن أمريكا‏!.‏

الاهرام-مصر

18-4-2005