على الرغم من سرية جلسات اللجنة التشريعية المكلفة بصياغة تعديل جديد للمادة 76 في الدستور المصري، بشأن شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية في مصر، فقد سربت صحف، شارك عدد من رؤساء تحريرها في اجتماعات اللجنة، تفاصيل بعض الجلسات، أبرزها تقديم أعضاء البرلمان 20 اقتراحاً للترشيح، في "ملف سري" سلمه الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس البرلمان إلي اللجنة لبحثها.
فقد قدم البعض عدة اقتراحات تتضمن أن يكون ترشيح الأحزاب لقياداتها غير مشروط، وتشكيل لجنة قضائية محايدة، للإشراف على الانتخابات، بدءاً من إعداد الكشوف، وحتى إعلان النتيجة، وأن تكون قرارات اللجنة نهائية، ولا يجوز الطعن عليها.
وكان أعضاء نادي القضاة في مدينة الإسكندرية، شمال مصر، قد أصدروا بيانا السبت 16 نيسان (أبريل) 2005، يطالب بإشراف القضاة الكامل على الانتخابات، وهددوا بـ"إعفاء أنفسهم" من الإشراف على الانتخابات الرئاسية القادمة، ما لم تقم الحكومة بتعديل في القانون، يضمن استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية.
كذلك اقترح بعض أعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، من أحزاب المعارضة، انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه في قائمة واحدة، وأن يتخلى الفائز بالمنصب عن انتمائه الحزبي، قبل أداء اليمين الدستورية. ودعا آخرون إلى عدم المبالغة في الدعاية الانتخابية، وتحديد سقف الإنفاق المالي، وفرض رقابة صارمة على التمويل الخارجي، وشروط للتمويل الداخلي، حيث تسود مخاوف من قيام أثرياء بدخول الانتخابات والتأثير فيها بأموالهم، أو قيام جهات أجنبية بتوفير دعم خارجي لإنجاح مرشح معين، يتوافق مع مصالحها.
واقترح أعضاء آخرون شطب المرشح "البلطجي"، أو الذي يستعين بـ"البلطجية" في حملته الانتخابية، بعدما أثيرت هذه المشكلة في انتخابات سابقة. وطالب النواب بإلغاء حالة الطوارئ المفروضة على البلاد، حتى يمكن إجراء انتخابات حرة، كما طالبوا بإطلاق حرية تكوين الأحزاب، وإلغاء القيود على تحركاتها السياسية للاتصال بالجماهير.
وحذر النواب من المبالغة في فرض ضمانات يصعب تحقيقها في الترشيح لرئاسة الجمهورية، حتى لا يتحول التعديل الدستوري المقترح إلى مجرد فرصة ضائعة، وحتى لا يجري تفريغه من مضمونه. وحذر عدد كبير من النواب في اقتراحاتهم من المبالغة في فرض تزكية للمرشح من أعضاء مجلسي الشعب والشورى، أو المجالس المحلية، حتى لا يتم استغلال هذا الشرط ذريعة لتزوير الانتخابات البرلمانية مستقبلاً.
وطالب النواب بتوفير فرص متماثلة للمرشحين في وسائل الإعلام الرسمية والمملوكة للدولة، وتشديد العقوبة على الجرائم الانتخابية، واستخدام الحبر الفسفوري في بصم الناخب الذي يدلي بصوته. وشدد النواب على ضرورة أن يكون المرشح لمنصب الرئاسة من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة في العمل العام، وأن يكون من أصحاب التاريخ السياسي المشرف، وألا يكون قد صدر ضده حكم في جرائم سياسية أو جنائية.
ولوحظ أن غالبية اقتراحات نواب الحزب الحاكم، الذين يشكلون أغلبية ثلثي البرلمان، دارت حول المخاوف من الدعم المالي الأجنبي للمرشحين للرئاسة، وعدم كفاءة المرشحين، والمطالبة بحصول المرشح على نسبة من أصوات أعضاء المجالس النيابية والشعبية تتراوح بين 10 و20 في المائة، في حين ركزت أغلب اقتراحات نواب المعارضة على التحذير من تفريغ التعديل الدستوري من مضمونه، في حالة الإصرار على شروط تعجيزية، مثل تحديد نسبة من أصوات نواب البرلمان، وطالبوا بالاكتفاء بجمع المرشح للرئاسة توقيعات من الشعب مباشرة، تتراوح بين 20 و70 ألفا.
وكان مسؤول برلماني قد ذكر لصحيفة /الوفد/ الليبرالية المعارضة، اليوم الأحد، أن سبب إغلاق الجلسات أمام الصحافة، يرجع إلى الخوف من انبهار الشخصيات المدعوة لإبداء آرائها بالتلميع الإعلامي فيدلون بآراء للشهرة والنشر في الصحف، وتتحول جلسات اللجنة إلى منبر إعلامي للدعاية.
وغلبت نفس الأفكار على اقتراحات الإعلاميين، الذين دعوا للإدلاء بشهاداتهم أمام اللجنة ما بين من يميلون لوجهة نظر نواب الحكومة، ومن يميلون لوجه نظر المعارضة، حيث رفض سمير رجب رئيس مجلس إدارة دار التحرير ورئيس تحرير /الجمهورية/، ورئيس تحرير صحيفة الحزب الوطني الحاكم، مبدأ توقيع عدد من المواطنين لتزكية المرشح للرئاسة، كما تطالب المعارضة، وطالب بتوقيع 10 في المائة من أعضاء مجلسي الشعب والشورى.
في حين قال مكرم محمد أحمد رئيس مجلس إدارة دار الهلال، ورئيس تحريرمجلة /"المصور/ إن أي ضمانات تخلي الساحة من المرشحين، تصبح ضمانات تعجيزية. وطالب بتشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات من خارج الأحزاب السياسية، وأن تكون قراراتها نهائية. وشدد على ضرورة الرقابة الصارمة على مصادر التمويل.
قدس برس
18-4-2005