واشنطن - أ ش أ :
أعلن البنك الدولي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حققت خلال العامين الماضيين أكبر طفرة اقتصادية منذ التسعينيات إذ بلغ معدل النمو فيها 6% عام 2003 و5.6% عام 2004 وذلك بفضل ارتفاع أسعار البترول. وقال مصطفى نابلي رئيس المستشارين الاقتصاديين في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ان نسبة النمو للفرد في المنطقة بلغت أعلى معدل لها منذ السبعينيات وهو ماترجم في تراجع واضح في نسبة البطالة من 15% إلى 13.4% بفضل زيادة معدلات خلق فرص العمل بنسبة 37% بالمقارنة مع تسعينيات القرن الماضي.
وتضم منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 18 دولة عربية هي الجزائر والبحرين وجيبوتي ومصر والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وعمان وقطر والسعودية وسوريا وتونس والامارات والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن إلى جانب إيران.
وأشار نابلي إلى أن اسواق المال في المنطقة شهدت طفرة كبيرة في النمو كما انتعشت فيها أسواق العقارات.
وأوضح أن هذه الطفرة لم تكن شاملة في كل المنطقة بل قامت أساسا على ارتفاع عائدات النفط في أربعة بلدان رئيسية هي السعودية والجزائر وإيران والامارات التي استحوذت على 97% من الاجمالي العام للنمو بالمنطقة اما باقى البلدان فشهدت قدرا اقل من النمو بل تراجعا في العديد منها بالمقارنة بمعدل النمو في التسعينيات. أما على مستوى النمو الفردي لكل دولة فان منطقة الشرق الأوسط لم تكن أفضل من مناطق أخرى كثيرة. وأشار نابلي إلى أن ارتفاع عائدات النفط أدت إلى زيادة الانفاق الحكومي والاستثمارات مما كان له أثار عديدة على الاجمالي العام للنمو في المنطقة.
وقال كريستيان بورتمان نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ان ارتفاع أسعار البترول إلى مستويات قياسية خلال الفترة الاخيرة وزيادة الإنتاج من قبل مصنعي المنتجات البترولية والهيدروكربونات ادت إلى تعزيز صادرات النفط بنسبة 75% خلال الفترة من 2001 إلى 2004 مما أعطى قوة دفع كبيرة للنمو العام الذي تجلى في زيادة الانفاق والاستثمار الحكومى وهما العاملان المسؤولان عن ثلثي الزيادة في معدلات النمو.
وأشار بورتمان إلى أن الشرق الأوسط تعرض لصدمتين اقتصاديتين كبيرتين خلال السنوات الماضية تمثلتا في الارتفاع الشديد في أسعار البترول وفي الحرب على العراق.
وقال إن الدول المجاورة للعراق مثل الأردن وسوريا ولبنان كانت أكثر تأثرا بهذه الحرب وذلك بسبب ارتفاع تكلفة وارداتها من الطاقة واعاقة حركة التجارة. ومع هذا أشار تقرير صادر عن إدارة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالبنك الدولي إلى أن دول المنطقة مقبلة أيضا على جني أرباح ناتجة عن التجارة وأنشطة الأعمال المرتبطة بجهود ومشروعات اعادة اعمار العراق ودمجه اقتصاديا.
وكشف تقرير البنك الدولي أن هذا العام ايضا شهد زيادة في نشاط اسواق الاسهم كما نشطت حركة السياحة بين دول المنطقة بشكل ملحوظ بفضل الاحجام عن السفر إلى الولايات المتحدة واوروبا بسبب القيود التي فرضت موخرا مقدرا نسبة الزيادة في عدد السياح بنحو 4.8% بالمقارنة بحوالى 22.4% عام 1999. وأشار تقرير البنك الدولي إلى ارتفاع طفيف في حركة التجارة بين دول المنطقة من 6.8% عام 2000 إلى 8% عام 2004. وقال نابلي انه اذا استثني النفط من عوائد النمو في المنطقة فان معدل النمو كان يمكن ان يكون اقل من ذلك بما لايزيد على 4% في الوقت الذي اشار فيه تقرير البنك الدولي إلى ان الدول غير المنتجة للبترول كانت افضل أداء في النمو من تلك المصدرة للنفط بفضل تراجع قيمة الدولار التي عززت قدرة قطاعات التصدير غير النفطية على المنافسة.
وتوقع التقرير ان تتراجع أسعار البترول عام 2006 حتى تبلغ في المتوسط 36 دولاراً للبرميل الذي تجاوز الان 55 دولارا. كما توقع ان يتراجع معدل النمو في المنطقة تدريحيا عامى 2005 و2006 على التوالى إلى 4.9% و4.3% بالترتيب.
وعلى الرغم من التوقعات الجيدة للنمو بالمقارنة بمعدلاته خلال السنوات العشر الماضية فانها تظل دون المستوى الكافي لمواجهة اكبر تحد يواجه مستقبل المنطقة وهو خلق المزيد من فرص العمل حيث يشير تقرير البنك الدولي إلى أن المنطقة في حاجة إلى 100 مليون فرصة عمل جديدة خلال السنوات العشرين القادمة لاستيعاب الزيادة في اعداد من سيبلغون سن العمل خلال هذه الفترة. ويعنى هذا مضاعفة فرص العمل الموجودة حاليا بالفعل وزيادة معدلات النمو إلى مابين 6 و7% سنويا خلال هذه المدة. ومن أجل الوصول إلى هذه المعدلات يوصى التقرير دول المنطقة بالتحول من اقتصادات مغلقة إلى اقتصادات أكثر انفتاحا من أجل خلق المزيد من الصناعات التنافسية والاستفادة من أنجح النماذج العالمية والحصول على احدث التقنيات كما يوصى بالانتقال من اقتصادات يسيطر عليها القطاع العام إلى اقتصادات يقودها القطاع الخاص ومن اقتصادات قائمة اساسا على النفط إلى تنوع في الموارد.
وأشاد التقرير بالتقدم الذي حققته المنطقة في مجال التجارة مشيرا إلى أن العديد من الدول قد قطعت شوطا كبيرا على طريق ازالة العقبات التجارية خاصة تخفيض التعريفة الجمركية من 22% إلى 15 في% عام 2004 حتى احتلت المرتبة 71 بين فضل دول العالم فيما يخص الجمارك على الواردات. وحذر التقرير في الوقت ذاته من أن المنطقة تخلفت عن الركب العالمي في جوانب اخرى من الإصلاح من بينها اخفاقها في إصلاح بيئة الأعمال حتى احتلت ثالث مرتبة من القاع فيما يتعلق بلوائح الاستثمار والأعمال وإصلاح الجهاز المصرفي كما أن إصلاح الجوانب الصعبة سياسيا مثل نظام القضاء والتقاضي الخاص بتحسين لوائح تنفيذ العقود ضعيف للغاية.
الشرق-قطر
19-4-2005