الأوروبيون يرون أن السبب الرئيس في اختلال التوازن الاقتصادي العجز في الموازنة والحسابات الجارية الاميركية.
واشنطن - من هيرفيه رواش
عندما يتحدثون عن مخاطر تلقي بثقلها على الاقتصاد العالمي، يتفوه الوزراء والخبراء بكلمتين هما النفط واختلالات التوازن. فاذا كانت الكلمة الاولى تشير دون ادنى شك الى ارتفاع اسعار النفط عند المبيع او الى شبح صدمة في مجال الطاقة، فان الثانية ولو كانت اكثر غموضا تحمل ايضا اشارات كارثية.
وجاء في البيان الختامي لاجتماع وزراء مالية مجموعة الدول السبع في نهاية الاسبوع في واشنطن "ان النمو اقل توازنا من السابق".
وراى الاوروبيون ان السبب الرئيسي لهذه الاختلالات في التوازن هو العجز في الموازنة والحسابات الجارية الاميركية، اي مبادلات السلع والخدمات والرساميل.
واكد مسؤول اوروبي كبير ان هذين العجزين الاميركيين "هما التهديد الرئيسي لاستقرار الاقتصاد العالمي".
فالعجز المالي الاميركي أظهر الارقام القياسية التالية: 665.9 مليار دولار في 2004 قيمة العجز في الحسابات الجارية.
ويعيش المستهلكون الاميركيون حالة جنونية. فهم يشترون دائما المزيد من السلع المستوردة وحركة اقتراضهم في ازدياد ومستوى ادخارهم يقل اكثر فاكثر وتشجعهم على ذلك معدلات فوائد متدنية جدا منذ اربعة اعوام.
وتشير الارقام الى ان اميركا تعيش على حسابات الائتمان "على حساب بقية العالم"، كما يقول البعض. ذلك ان تمويل القسم الاكبر من العجز المالي يتم عن طريق المصارف المركزية الاسيوية - الصينية واليابانية على سبيل المثال - التي تشتري سندات مسعرة بالدولار، وسندات خزينة خصوصا.
ومن اولى نتائج هذا الامر، تدهور سعر صرف الدولار وارتفاع سعر صرف اليورو الذي يعتبر مسيئا للاقتصاديات الاوروبية. وتقوم السوق بدفع العملات الى لعب دورها التصحيحي في ذلك حيث تواجه الدولة التي تمر في عجز تجاري تراجعا في سعر صرف عملتها.
وبدا ان اجتماع مجموعة الدول السبع في نهاية الاسبوع يدعو الى وعي احتمالات ضعف الاقتصاد.
وقال المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو راتو غداة انتقال البورصات العالمية الى التشاؤم "اذا لم تتكيف السياسات ولم تتغير للرد على هذه الاختلالات في التوازن، فاننا نواجه خطر تصحيح مباغتا للاسواق".
وفي اطار سيناريو اسود للامور، ستخسر المصارف المركزية الاسيوية ثقتها في الاقتصاد الاميركي وستتوقف عن لعب دورها الحالي. وسترتفع معدلات الفوائد على المدى الطويل بصورة تلقائية ومفاجئة. وسترى الدول الناشئة التي تعاني من مديونيات مرتفعة جدا ان عبء مديونيتها اصبح غير قابل للاحتمال. وستنهار البورصات وسيتدهور النمو الاقتصادي العالمي الى ادنى درجاته.
والتحليل في الولايات المتحدة مختلف قليلا. فالاميركيون يعتبرون ان عجز حسابهم الجاري مرتبط خصوصا بضعف شركائهم التقليديين. ويرون ان النمو اكثر ضعفا في اليابان وفي منطقة اليورو ولا سيما في المانيا حيث الاستهلاك لا يكفي لاستقرار البناء العالمي.
والاقتصاد الشامل ليس له سوى "محرك واحد" وهو اميركي، كما يعرب وزير الخزانة الاميركي جون سنو عن اسفه بصورة دائمة. وهو لا يتوقف عن دعوة الاوروبيين واليابانيين الى اجراء اصلاحات داخلية لبلوغ النمو في نهاية المطاف.
ويتعهد الاميركيون مع ذلك باتخاذ اجراءات: خطة خفض عجز الموازنة وزيادة معدلات فائدة الاحتياطي الفدرالي الاميركي (البنك المركزي) والتي يمكن ان تهدئ من قلق المستهلكين.
وترى واشنطن انه ينبغي ضخ المزيد من النشاط في عجلات الاقتصاد العالمي والمزيد من المرونة. ولهذا السبب اطلق الاميركيون قبل عامين حملة لتحرير معدلات اسعار صرف العملات الاسيوية وبنوع خاص اليوان الصيني.
وسعر صرف اليوان مرتبط بشكل ثابت تقريبا بالدولار منذ 1994. وعلى الرغم من نموه الملموس، فان هذا الربط مستمر ويسمح للصين بالاستفادة من سعر عملة دون قيمته الفعلية وهو ما يزيد ايضا من تنافسيتها الهائلة.
اما بالنسبة الى الاوروبيين فالامر اسوأ. عندما يتدهور سعر صرف الدولار، ينخفض سعر صرف اليوان بالنسب نفسها. وهكذا فانهم يعانون من دفع الجزية مرتين وتحمل "عبء تصحيح" الاقتصاد العالمي لوحدهم.
ميدل ايست اونلاين
2005-4-20